أفق جديد
تعيش منطقة “دار حمر” بولاية غرب كردفان أسوأ فظائع جماعية مارستها قوات “الدعم السريع” تشمل القتل والإختطاف والعنف الجنسي وتهديد وترويع الآمنين وسلب خِراف المواطنين دون دفع الثمن.
وأبلغ شهود عيان “أفق جديد”، أن عناصر “الدعم السريع” إرتكبت سلسلة من الجرائم في المنطقة وإختطاف مواطنين وإقتيادهم إلى جهة مجهولة دون ذكر أسباب معلومة.
وطبقاً للشهود، فإن المنطقة شهدت مؤخراً إختطاف 7 من المواطنين من منطقة “خشوم” التابعة لإدارية “أبو رأي” بولاية غرب كردفان ما أدى إلى توتر بالغ أدى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية.
وحسب الشهود، فإن قوات “الدعم السريع، إرتكبت أيضاً حوادث متكررة من الإختطاف والقتل ونهب ممتلكات المواطنين العُزل.
وذكرت غرفة طوارئ “دار حمر”، (نشطاء) في بيان تلقته “أفق جديد”، أن “مليشيات الدعم السريع بزعامة القائد الميداني علي رزق الله السافنا ذبحت مواشي المواطنين ورفضت دفع ثمن الخراف في ريفي منطقة عيال بخيت بولاية غرب كردفان”.
وأوضح البيان، أن “هجوم المليشيات تضمن إطلاق نار كثيف وإجبار السكان تهديد السلاح على التصوير مع عناصرها وإعلان تأييدهم لمليشيات الدعم السريع وحكومة تأسيس”.
ووفق غرفة الطوارئ فإن تلك الإنتهاكات تأتي ضمن سلسلة جرائم المليشيات في المنطقة من نهب وإختطاف وتهديد وترويع في المنطقة للمواطنين العزل.
وأفادت مصادر طبية “أفق جديد”، أن “قوات الدعم السريع حولت جزء كبير من مستشفى النهود التعليمي إلى مقر للمرتزقة الأجانب، وجهزت الموقع عسكرياً بتركيب أجهزة تشويش، كما حوّلت المليشيات مباني المستشفى إلى مخازن للإمدادات العسكرية، في إنتهاك صارخ لحرمة المرافق المدنية”.
ويقول المواطن، عز الدين الهادي، إن المليشيات التي إقتحمت منطقة (دار حمر)، “مارست مستويات واسعة النطاق ومنهجية وسادية من القتل والعنف الجنسي في خطة للهيمنة والإذلال”.
وأوضح الهادي في حديثه لـ”أفق جديد”، أن “المليشيات تسعى بخطى حثيثة لتدمير المجتمعات في ظل تعرض النساء للإغتصاب أمام أقاربهن وإحتجاز الأبرياء في ظروف قاسية ترقى إلى مستوى المعاملة القاسية والتعذيب”.
وخلال الفترة الماضية واصلت قوات “الدعم السريع”، إرتكاب إنتهاكات واسعة بحق المدنيين الأبرياء في ولاية غرب كردفان شملت القتل والنهب والسلب ما أدى إلى موجة نزوح متصاعدة ويواجه الآلاف مصيراً مجهولاً.
وتركزت الإنتهاكات في مدينتي “النهود” و”الخوي” والقرى المحيطة بهما، وذلك بعد أن إجتاحتها قوات الدعم السريع في مطلع مايو الماضي، ونتيجة لذلك شهدت المدينتان نزوحاً جماعياً للسكان نحو مدينة الأبيض والمزروب في ولاية شمال كردفان، كما فر آخرون غرباً إلى مناطق (أم عويشة وصقع الجمل)، بينما لجأ البعض إلى العراء.
وفي مايو الماضي، إجتاحت عناصر من قوات “الدعم السريع”، منطقة (خماسات)، وهي تجمع لنحو خمس قرى، وقتلوا نحو 30 مواطناً بما في ذلك شيخ البلدة الذي يدعى عبد الباقي قريب، في مذبحة وثقها حقوقيون وناشطون.
كما هاجمت قوات الدعم السريع مناطق وقرى (جبر الدار، الرويانة، أكيرت وأم عويشة) حيث تعرض سكان تلك المناطق لعمليات نهب واسعة، فيما تعرض عشرات الشباب للإعتقال.
وحسب مصادر محلية، فإن قوات “الدعم السريع” سبق وأن نهبت جميع مخازن المحاصيل في النهود، التي تُعد مركزاً تجارياً رئيسياً للمحاصيل النقدية مثل السمسم، والصمغ العربي، والفول السوداني، حيث قامت بنقل ما يزيد على 20 ألفاً من الفول السوداني ومثلها من السمسم وكميات كبيرة من الزيوت وأطنان من الصمغ العربي والذرة الرفيعة والكركدي.
ويعيش آلاف النازحين الفارين من مدن النهود والخوي والقرى المحيطة بها داخل مراكز إيواء بمدينة الأبيض، يعانون من الجوع وقلة المساعدات الإنسانية، كما أن الأوبئة والأمراض تفاقم من الأوضاع الهشة خاصة المقيمين في المدارس وفي العراء داخل مدينة الأبيض.
وحسب مفوض العون الإنساني بحكومة ولاية شمال كردفان، محمد إسماعيل، فإن الأبيض استقبلت أكثر من 600 أسرة نازحة – أي نحو 30 ألف فرد – من قرى شمال مدينة بارا بسبب مهاجمة قوات الدعم السريع لهذه القرى.
وفي يوليو الماضي قالت منظمة الهجرة الدولية، في بيان إن “3,260 أسرة نزحت من عدة قرى في محلية بارا بسبب تزايد انعدام الأمن”، وأشارت إلى أن الفارين نزحوا من 12 قرية على الأقل، منها أم قرفة، و المرخة، وأم تراكيش.
وطبقاً للمنظمة، فإن النازحين فرّوا إلى مناطق في محلية شيكان وأم دم حاج أحمد في شمال كردفان، والعباسية في جنوب كردفان، و تندلتي و كوستي في ولاية النيل الأبيض، وأم درمان بولاية الخرطوم.
وفي نهاية يونيو الماضي، هاجمت قوات الدعم السريع قرى بمحلية شيكان، منها “لمينا” و”الحقونا”، جنوبي مدينة الأبيض، في محاولة ترمي إلى تضييق الخناق على المدينة.
وسبق أن دعا مفوض العون الإنساني الحكومة الاتحادية وشركاء العمل الإنساني من منظمات وطنية ودولية ووكالات الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل للاستجابة لهذه الأزمة، وحذّر من تدهور الأوضاع في حال استمرار تدفق النازحين دون دعم كافٍ.
ويخشى مراقبون من تفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق المتأثرة بالاشتباكات نتيجة استمرار موجات النزوح واستهداف المناطق المدنية.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبًا أسوأ أزمة جوع في العالم”.
ويحتاج 30.4 مليون سوداني ــ 64% من السكان ــ إلى مساعدات إنسانية هذا العام، وكانت الأمم المتحدة تخطط لمساعدة قرابة 21 مليوناً منهم قبل أن تقلص العدد إلى 17.3 مليون شخص جراء نقص التمويل.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليوناً، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفاً.