وئام كمال الدين
تتضارب الروايات والتصريحات حول نجاح الهدنة في إيقاف تبادل إطلاق النار بين طرفي الحرب في السودان وبين رواية وأخرى وموقف وآخر السودانيون في حالة ترقب مستمر…
فالهدنة التي طرحتها الرباعية المكونة من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والتي تم الإعلان عنها في سبتمبر 2025 كخارطة طريق لوقف حرب 15 أبريل المستمرة بالسودان منذ أكثر من عامين، ورغم أهدافها المعلنة لوقف إطلاق النار وإعادة الإعمار والحوار السياسي، و الدعم الدولي والجهد والإهتمام العالمي الذي يجعل وقف الحرب في السودان من أكثر الملفات تداولاً، لا تزال مهددة بالفشل
وحتى مع أهمية الجهد المبذول من طرف الرباعية والمجتمع الدولي لإيقاف الحرب، إلا أن هذه الحرب تكتسب شرعية من مجموعة مناصريها والداعمين لأستمرارها من بعض المدنيين بالسودان، الأمر الذي يحقق لدعاة الحرب قاعدة اجتماعية تزيد من وقود هذه الحرب التي تنتفع منها فئات معينة وتزيد إضرامها فئات أخرى بداعي الغبن والإستجابة لخطاب الكراهية والثأر. وما بين الإستنفار والفزع والتعبئة النفسية والميدانية تطول عمر هذه الحرب وتطول معها طردياً معاناة المواطنين وتفاقم الكارثة الإنسانية بالبلاد التي هي بالأساس الأعظم على الكرة الأرضية في هذا العصر وبسبب هذه الحرب .
كل هذا يجعل توحيد الصف المدني وراء قضية وقف الحرب وتحقيق السلام وإدخال المعونات الإنسانية وحماية المواطنين من خلال هدنة تنتج عملية سياسية تدور بالحوار لتضمن الإنتقال المدني الديمقراطي وتحقيق سلام مستدام عادل ضرورة أولوية تتخطى فرض الكفاية السياسي.
إذ إن هذه الحرب، والتي بدأت بين جنرالين، طال أمدها لتتحول إلى حرب على أساس عرقي ومناطقي تسعر نيرانها أبواب الفتن ونظريات الإنفصال. لنؤكد على ضرورة وجود مجتمع مدني يحدث تغييراً إجتماعياً من خلال فعل حقيقي يصنعه تطوير المدنيين لأدوات النضال والتغيير الاجتماعي والسياسي، يضيفه إلى رؤية مكتملة ومفصلة عن كيفية إدارة مرحلة الهدنة وما بعد وقف إطلاق النار. رؤية تتحدث عن الكيفية تجيب عن تساؤلات الشعب وتطمئن مخاوفهم وتخفف من حدة الغبن والضغينة وتخرس خطاب الكراهية وتبشر بسلام عادل وتجمع حولها أصوات السودانيين لتعلو إلى المجتمع الدولي وتضيف إلى المبادرة بما يصنع حلولاً تتجاوز الإطار العام وتشق طريقاً حقيقياً لتفعيل هذه الهدنة والوصول بها إلى عملية سياسية تعيد أمل الشعب السوداني في شعارات ثورة ديسمبر المجيدة ( الحرية والسلام والعدالة) .
وتجمع الصف المدني حول شعاراتها من جديد، وتجد مخرجاً للسودان وأهله من حصار الكارثة الإنسانية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتنتج حلولاً تحافظ على وحدة البلاد وحقوق العباد للوصول إلى إنتقال مدني وسلام عادل. حلول لا تمزق الخارطة السودانية ولا حلم ثورته المجيدة، وترتق النسيج الإجتماعي وتقود إلى دولة قانون ومواطنة وجيش قومي واحد ومجتمع مدني مهني يؤسس للانتقال وما يليه من ممارسة ديمقراطية باتت اليوم رفاهية بسبب الحرب التي جعلت الكثيرين قسراً يتطلعون فقط للأمن ودخول قافلة مساعدات إنسانية تحافظ على أرواح أطفالهم التي يلتقطها الجوع والمرض والرصاص…
يتطلعون إلى سلام
يسمو فوق القبيلة والمنطقة
يقدم السودان ومستقبله وحياة أبناءه وبناته ويهزم آلة الحرب….