الدواء بعد الحرب ….ندرة في الأدوية المنقذة للحياة  وفجوات في الأصناف الباردة

ابتسام حسن

يجد آلاف المرضى في الخرطوم والولايات أنفسهم أمام واقع دوائي مضطرب؛ فالمصانع التي استأنفت العمل بعد عام من الحرب ما تزال تعمل بقدرة 50–60% فقط، بينما تواصل الأدوية المنقذة للحياة اختفاءها من الرفوف. 

وتحولت رحلة العلاج للسودانيين إلى اختبار قاس للصبر والقدرة على الاحتمال.

رغم عودة بعض خطوط الإنتاج وتحسن وفرة أدوية الحالات الباردة، فإن الفجوة في الأصناف الحرجة ما تزال حاضرة. 

و يؤكد الصيادلة أن الأصناف المعدومة من الأدوية ( الأصناف القاطعة) لا تتجاوز 4 إلى 5 أصناف، لكنها أصناف تمس حياة الناس مباشرة: الإنسولين، المحاليل الوريدية، الحقن الطارئة، وأدوية الحالات الحادة.

وسط هذا المشهد المربك، تتكرر الحكايات المؤلمة، “مريض حمى يبحث ساعات عن دربات البندول، وأم تقف أمام أسعار يتجاوز بعضها 35 ألف جنيه، ومرضى ملاريا وتايفويد يتنقلون بين الصيدليات بحثاً عن حقنة واحدة”. 

هذه المأساة الحالية ليست جديدة بالكامل؛ فالمخاوف من نقص الدواء سبقت الحرب بسنوات، لكن تجمد المصانع تماماً في أيامها الأولى جعل المرضى يواجهون أسوأ الاحتمالات، قبل أن تعود بعض الماكينات للدوران وتمنح الأمل بأن الفجوة قد تنكمش تدريجياً.

قبل نشب الحرب في أبريل  2023 توقف عدد كبير من مصانع الدواء مقارنة بالعدد العامل من المصانع بداخل البلاد وذلك لعدم وجود المواد  الخام المستعمله في صناعة الدواء.

وفي الفترة الأولى من الحرب توقفت جميع مصانع الدواء عن العمل للحرب، قبل أن تعيد ماكينات تلك المصانع عملها بعد الاستقرار في عدد من المدن خاصة الخرطوم. 

إلا أن عودة عمل المصانع للعمل بالخرطوم  ولاية  الجزيرة وغيرها لم يحل مشكلة وفرة الأدوية المنقذة للحياة حتي الأن. 

فيما حدثت وفرة لأدوية الأمراض الباردة،  وأن الأصناف المعدومة (القاطعة) لا تزيد عن ٤ -٥ أصناف. 

مرضي يعانون:

محمد حسن أحد المرضى الذين عانوا من حمى الضنك ووجد صعوبات في الحصول علي الدواء خاصة دربات البندول فضلاً عن المعاناة في الحقن. 

 وقال لافق جديد” انعدمت الحقن تماماً، وإذا وجدت هذا فإن أسعارها تكون مرتفعة، وبعض أسعار الأدوية وصلت إلي (٣٥) الف جنيه. 

عانت أميرة أحمد من الملاريا وقالت إن سعر أدوية الملاريا كانت غالية ووصلت الي ٧ الف جنيه رغم أن وزارة الصحة في وقت سابق أكدت مجانية علاج الملاريا .

معاودة العمل

كل المصانع التي كانت تصنع في الخرطوم مبدئياً توقفت عن العمل والمصانع التي عاودت العمل تتراوح بنسبة 50 أو 60% حسب الصيادلة. 

وقال صيادلة ل (أفق جديد) إن موقف الأدوية المنقذة للحياة توجد فيه مشكله كبيره مقارنة   بأدوية الحالات الباردة.. 

وأضاف الصيادلة أن  المشكلة الأساسية حالياً أن الأدوية المنقذة للحياة التي كانت تستورد في السابق بواسطه الجهات الحكومية “الإمداد الدوائي والدواء الدوار والتأمين الصحي” علي أساس أنها سلعة غير ربحية، توقف بعض هذه الجهات عن العمل لأسباب عديدة  ذات علاقة بالامور المادية والأمور المالية والدعم من وزارة الصحة. 

وأشار إلى أن بعض هذه الأدوية مثل الإنسولين و”الدربات ” والحقن المنقذة للحياة، تدخل المجلس القومي الأدوية  والسموم وساعد في استثناء تلك الأصناف. 

عدم وفرة

 يقول الصيدلاني أحمد شيخ العبيد ل (أفق جديد ) إن الاصناف من الأدوية المنقذة للحياة حالياً فيها مشكله موضحاً ( إذا كان هناك مريض منوم في مستشفى وطلب منه دربات يعاني في الحصول عليها وحتي إذا وجدها  سيجدها بسعر غالي في حين أنه الإمداد الدوائي كان يوفره في السابق بأسعار أقل من السعر الذي يحدد من قبل  شركات الأدوية التي تحدد الأسعار  بنفس أسعار الاستيراد ). 

وأضاف، “وذلك لأن الشركات تكون مدعومة وميزانياتها مفتوحة لذا فإن موقف توفير الأدوية المنقذة للحياة فيه مشكله” .

يؤكد العبيد أنه توجد فجوة في الدواء لكنه يستدرك، “حالياً الأدوية غير المتوفرة ليس عليها طلب من قبل المرضى لذا فإن الفجوة في الأدوية المعدومة بسيطة جدا”. 

واضاف إذا تحدثنا عن  الأصناف القاطعة وعليها طلب ممكن تكون 4 او 5 أصناف فقط.

يوضح العبيد أن المصانع التي عاودت العمل يمكن تكون بنسبة 50 أو 60%، وأن المصانع التى كانت تصنع تصنيع محلي بسيطة لا تزيد عن 9 مصانع فقط والان معظمها رجعت.

عوامل مؤثرة

قبل الحرب كان مجلس الأدوية والسموم لا يسمح   بتسجيل مصنع الا بشروط معقدة ، ويشترط   لتسجيل المصنع  ضرورة أن يكون عنده  أكثر من ٥ منتجات  غير أنه  حالياً الوضع اختلف ذلك  إذا كان هناك منتج واحد يريد    صاحب المصنع  تسجيله يمكن له  السماح  بتسجيله لذا  الاستيراد اثر بصورة كبيرة في وفرة الدواء.

يري المختصين أن  استيراد  الدواء غير . مرغوب فيه من قبل الدولة إلا أن  التصنيع المحلي توقف بعد الحرب   والان اصبح  التصنيع أسهل من ذى قبل بعد أن وضعت  سياسات واستثناء للشركات و شجعت شركات كثيرة للدخول في العمل  وأصبح التصنيع المحلي اسهل بعد تسهيل  الإجراءات، واوقف العديد من الخطوات منها  خطوات معقدة مثل  ضرورة  استقطاب  وفد من الخارج لمعرفة كيفية تصنيع الدواء. 

وفي فترة ما بعد الحرب ساعد مجلس الأدوية الشركات المستورد ان تحاول العمل في التصنيع المحلي لذا ساعد  الاستيراد في  الوفرة لأن الشركات بدلاً من التصنيع الداخلي أصبحت تصنع بالخارج وتسترجع الأدوية التي صنعتها بالخارج  وأكثر الدول التي بستورد منها السودان الدواء  هي مصر والهند  جهة  ان العمالة رخيصه والمواد الخام متوفرة والترحيل رخيص.

تقول دكتوره تقوى (لأفق جديد ) بالنسبه لي موضوع وفرة الأدوية حالياً أفضل كتير من أيام الحرب الأولى. 

واضافت أن المصانع المحليه استطاعت أن  يصنعوا في دول أخري وتسترجع الأدوية الي السودان. 

 وتابعت، كان هناك  تأثير كبير علي الاستيراد في  أشهر الحرب الأولى، اذ أنه كان هناك  شبه انعدام للأدوية لكن بعد عام من الحرب المصنعين المحليين قدروا يوفقوا  اوضاعهم وقاموا بتصنيع الأدوية في الهند ومصر..

جهات توفير الدواء

يقول مدير إدارة الصيدلة بوزارة الصحة ولاية الخرطوم نجم الدين محمد: يتم حالياً توفير الدواء من عدة مصادر هي الإمدادات الطبية عن طريق الاستيراد من الخارج ، وقد اكملت إجراءات اول عطاء للشراء منذ إندلاع الحرب. 

كما يتم توفير الأدوية من وكلاء الشركات العالمية عبر الاستيراد من الخارج ، وقد حدث تسهيل للإجراءات وتسريع المعاملات لتغطية الحاجة. 

وأشار نجم الدين إلى أنه يتم كذلك توفير الأدوية من المانحين الدوليين  عبر الهبات والتبرعات من الادوية والمستهلكات والمعدات الطبية ومعينات مكافحة الاوبئة ومكافحة الامراض. 

وأضاف كما أنه يتم توفير الأدوية من برامج الدعم العالمي وتعمل علي توفير ادوية بعض الامراض مثل الملاريا، والدرن، والبلهارسيا

الصناعة الصيدلانية. 

يواصل مدير إدارة الصيدلة في حديثه (أفق جديد) تأثرت الصناعية الدوائية   بالحرب وتوقفت كل المصانع العاملة وعددها 26 مصنع، ومعظمها في ولاية الخرطوم.

وأكد  أن الصناعة الوطنية بدأت تستعيد قدراتها وتم إنشاء عدد 5 مناطق مخصصة للصناعة الصيدلانية بالولايات: القضارف، كسلا، الشمالية، نهر النيل، النيل الأبيض، بالاضافة الي المنطقة الحرة بالبحر الأحمر.

 

Exit mobile version