مجموعة مشتعلة.. صقور الجديان ضد الكبار.. الحلم يبدأ في المغرب 2025

أفق جديد
تتجه أنظار عشّاق كرة القدم في القارة الإفريقية، بعد أيام قليلة، نحو انطلاق أكبر حدث كروي في إفريقيا، مع بداية منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية توتال إنيرجيز المغرب 2025، التي تعود إلى الملاعب المغربية بعد غياب استمر 37 عاماً. النسخة الخامسة والثلاثون من البطولة ستنطلق مساء 21 ديسمبر من العاصمة الرباط، حين يفتتح المنتخب المغربي، مستفيداً من عاملي الأرض والجمهور، المنافسات بمواجهة منتخب جزر القمر، على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، وسط حضور جماهيري مرتقب يملأ المدرجات عن آخرها.
وتتواصل منافسات البطولة حتى 18 يناير، في رحلة كروية تمتد لأربعة أسابيع، يشارك فيها 24 منتخباً يتنافسون على التتويج باللقب القاري الأغلى. وتستضيف المباريات ست مدن مغربية هي الرباط والدار البيضاء وفاس وطنجة ومراكش وأكادير، عبر تسعة ملاعب حديثة، في تنظيم يعكس جاهزية المغرب لتقديم نسخة استثنائية، تطمح لتجاوز النجاح الكبير الذي حققته بطولة كوت ديفوار 2023، والتي حطمت أرقاماً قياسية في نسب المشاهدة التلفزيونية والرقمية عالمياً.
السودان في مجموعة مشتعلة
وسط هذا المشهد القاري الزاخر، تتجه أنظار الشارع الرياضي السوداني إلى المجموعة الخامسة، التي تضم منتخب صقور الجديان إلى جانب الجزائر وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية. وتُعد هذه المجموعة واحدة من أكثر مجموعات البطولة توازناً وقوة، حيث تدخلها المنتخبات الأربعة بدوافع مختلفة وطموحات متقاربة، في ظل وجود بطلين سابقين يمنحانها بعداً تاريخياً، بينما يبقي تقارب المستوى الصراع مفتوحاً حتى الجولة الأخيرة، سواء على بطاقة التأهل الثانية أو أحد مقاعد أفضل الثوالث.
ويتصدر المنتخب الجزائري قائمة المرشحين في هذه المجموعة، بفضل خبرته الكبيرة واستقراره الفني، حيث يدخل “ثعالب الصحراء” البطولة وهم يحملون سجلاً قوياً وسمعة قارية راسخة. تحت قيادة المدرب البوسني فلاديمير بيتكوفيتش، تمتلك الجزائر توليفة متكاملة تجمع بين الصلابة الدفاعية والفاعلية الهجومية، إلى جانب شخصية البطل التي صقلتها تجربتا التتويج في نسختي 1990 و2019. ورغم تفوقها النظري، تدرك الجزائر أن هامش الخطأ في مجموعة بهذا التوازن يكاد يكون معدوماً.
من جانبها، تبرز بوركينا فاسو كقوة لا يُستهان بها، خاصة بالنظر إلى تاريخها القريب في البطولة، حيث اعتادت الحضور في الأدوار المتقدمة. منتخب “الخيول” يعتمد على جيل قوي بدنياً وفنياً بقيادة المدرب براما تراوري، ويضم أسماء قادرة على صناعة الفارق مثل إدموند تابوسبا ودانغو أوتارا والقائد برتراند تراوري. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر أمام بوركينا فاسو هو تجاوز الخيبة النفسية الناتجة عن الإقصاء القاسي من تصفيات كأس العالم، وهي مسألة قد تؤثر بشكل مباشر على مسارها في المجموعة.
أما منتخب غينيا الاستوائية، فيدخل المنافسات وسط حالة من عدم الاستقرار الإداري والفني، بعد أزمات متلاحقة عصفت بالفريق في الفترة الأخيرة. ورغم هذه الظروف، يظل “الرعد الوطني” منتخباً صعب المراس، مستنداً إلى سجل مميز في كأس الأمم الأفريقية، حيث لم يفشل في تجاوز دور المجموعات في أي من مشاركاته السابقة، وحقق أبرز إنجازاته باحتلال المركز الرابع في نسخة 2015. هذا التاريخ يمنح غينيا الاستوائية قدرة دائمة على مفاجأة منافسيها متى ما انطلقت صافرة البطولة.
في قلب هذه المجموعة القوية، يدخل منتخب صقور الجديان المنافسات وهو يحمل أبعاداً تتجاوز كرة القدم. فـ«صقور الجديان» أصبحوا رمزاً للوحدة والأمل لشعب يمر بظروف استثنائية، في ظل حرب أثّرت بشكل مباشر على النشاط الرياضي داخل البلاد، وأجبرت المنتخب على خوض جميع مبارياته خارج أرضه خلال التصفيات.
ورغم قسوة الظروف، كتب المنتخب السوداني واحدة من أجمل قصص التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية 2025، بعدما نجح في العبور من مجموعة صعبة ضمت غانا وأنغولا، متقدماً على منتخب غانا بفارق خمس نقاط كاملة. هذا الإنجاز جاء نتيجة عمل فني منظم قاده المدرب الغاني المخضرم جيمس كويسي أبياه، الذي أعاد تشكيل الفريق على أسس تعتمد على الانضباط الدفاعي واللعب الجماعي، وهو ما ظهر جلياً في الأرقام، خاصة الحفاظ على نظافة الشباك في أربع مباريات من أصل ست خلال التصفيات.
ويقود منتخب صقور الجديان مهاجم الهلال محمد عبد الرحمن، الذي يمثل نجم الفريق وقائده داخل المستطيل الأخضر، ويُعوَّل عليه في قيادة الخط الأمامي خلال مواجهات صعبة أمام الجزائر وغينيا الاستوائية وبوركينا فاسو. ويستهل السودان مشواره بلقاء قوي أمام الجزائر في 24 ديسمبر، قبل خوض مباراة محورية أمام غينيا الاستوائية في 28 ديسمبر، ثم يختتم دور المجموعات بمواجهة حاسمة ضد بوركينا فاسو في 31 ديسمبر.
من الناحية الواقعية، تبدو مهمة المنتخب السوداني صعبة في مجموعة تزخر بالقوة والمنافسة، غير أن المستويات التي قدمها خلال تصفيات كأس العالم، ومجاراته لمنتخبات كبيرة مثل السنغال وجمهورية الكونغو الديمقراطية، منحت لاعبيه جرعة ثقة إضافية في قدرتهم على مقارعة الكبار. وتعلق الجماهير السودانية آمالها على «صقور الجديان» لقلب المعطيات وكسر التوقعات، متى ما حافظ الفريق على روحه القتالية وانضباطه التكتيكي حتى اللحظات الأخيرة.





