استمرار فشل المبادرات للحلول السلمية واخرها مبادرة الرباعية الدولية هل السودان في طريقه للتقسيم

*طاهر المعتصم*
مقدمة
التصعيد العسكري سيد الموقف بعد اعلان قائد الجيش السوداني رئيس مجلس السيادة الانتقالي في لقاء مع ضباط من رتبة اللواء فما فوق رفضهم للورقة التي قدمها مبعوث الرئيس الامريكي مسعد بولس ممثل الرباعية، وكانت قوات الدعم السريع القوات شبه العسكرية قد أعلنت موافقتها على بند الهدنة الوارد في مبادرة الرباعية…
السياق أو الخلفية
أطلقت الرباعية الدولية المكونة من (مصر السعودية الإمارات امريكا) مبادرة وخارطة طريق في 12 سبتمبر 2025، أهم بنودها الحفاظ على وحدة وسيادة السودان والدخول في هدنة لمدة 90 يوم ثم عملية سياسية لمدة 9 شهور
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني البرهان قد التقى المبعوث الامريكي في أغسطس 2025، وبحسب تقارير اعلامية تباحثا في موافقة السودان على الرباعية
مؤخراً أعلن البرهان في نوفمبر 2025 في لقاء مع ضباط رفضه للرباعية،
بينما مليشيا الدعم السريع رغم اعلانها الموافقة على الهدنة في منتصف نوفمبر لكن على الأرض ما زالت العمليات العسكرية تتصاعد.
الوضع الميداني استمرار التصعيد العسكري في ولاية كردفان بهجمات متبادلة بين الجيش والمليشيا مثال ماهجمة الدعم السريع الفرقة 22 بابنوسة وأعلن الجيش صد الهجوم ، بالمقابل هاجم الجيش مناطق عسكرية في جنوب كردفان، ثم ما حدث في هجليج من ترتيبات أعلن عنها رئيس أركان جيش جنوب السودان، نتج عنها انسحابات واحلال لقوة من جنوب السودان
فرص الرباعية في إحداث إختراق
تكشف التطورات الأخيرة حول مبادرة الرباعية الدولية عن أزمة ثقة متفاقمة بين الأطراف السودانية، وعن بيئة سياسية وأمنية غير مهيأة أصلًا لأي تسوية. فرفض القيادة العسكرية للورقة المقدمة من المبعوث الأمريكي بعد أشهر من الاتصالات الأولية، يرسل إشارة واضحة بأن المؤسسة العسكرية لم تعد ترى في المبادرات الخارجية مسارًا آمنًا لحماية مصالحها أو إدارة الصراع وفق شروط مقبولة لها. كما يعكس هذا الرفض تقديرات عسكرية بأن ميزان القوة الميداني لم يصل بعد إلى لحظة “رغبة في التسوية”، بل يميل نحو الرهان على الحسم العسكري أو تحسين شروط التفاوض بالقوة
في المقابل، تُظهر موافقة مليشيا الدعم السريع على هدنة الـ90 يومًا — رغم استمرار هجماتها على الأرض — محاولة لكسب نقاط سياسية أمام المجتمع الدولي، وتقديم نفسها مستقبلًا كـ”فاعل منضبط” يمكن التعامل معه. إلا أن هذا التناقض بين الخطاب السياسي والسلوك العسكري يؤكد أن الدعم السريع أيضًا لا يراهن على العملية السياسية بقدر ما يهدف إلى تحسين تموضعه الميداني
أما على مستوى المبادرة نفسها، فإن تصميم الرباعية على إدراج بنود تؤكد وحدة السودان جاء نتيجة مخاوف حقيقية من مآلات التفكك، خاصة في ظل توسع رقعة الحرب إلى ولايات غرب وجنوب البلاد، واتساع النزعات المحلية نحو إدارة ذاتية أو مرتبطة بسلطات الأمر الواقع. غير أن غياب أدوات الضغط الفاعلة على الأطراف، وتعارض أجندات بعض الدول داخل الرباعية، جعلا المبادرة عرضة للتعثر منذ لحظة إعلانها
يؤدي استمرار العمليات العسكرية في كردفان ودارفور والخرطوم إلى خلق واقع جغرافي جديد يكرس خطوط تماس مستقرة نسبيًا، ويشكّل “مناطق نفوذ” قابلة للتحول مع الوقت إلى كيانات شبه منفصلة. هذه الديناميات على الأرض، إلى جانب التراجع المتكرر للمبادرات السياسية.
في المحصلة، فإن فشل مبادرة الرباعية — كسابقاتها — لا يرتبط فقط بعيوب في التصميم أو التوقيت، بل يعكس غياب الإرادة الصلبة لدى الطرفين للقبول بتسوية توقف الحرب. وبدون تغير جوهري في ميزان القوى أو ضغط دولي منسق وفاعل، فإن السودان يسير نحو مزيد من التشظي، مع احتمالات متزايدة لسيناريوهات التقسيم الواقعي، ولو تحت مسميات سياسية مختلفة.





