حمدوك يدعو إلى عقد اجتماعي جديد لإعادة بناء الدولة
حذر من عودة التمكين وشدد على إخضاع الجيش للسلطة المدنية

أفق جديد
دعا رئيس الوزراء السوداني السابق د. عبد الله حمدوك إلى الشروع في صياغة عقد اجتماعي جديد يعيد بناء الدولة السودانية على أسس المواطنة المتساوية والديمقراطية والعدالة، محذرًا من خطورة إعادة إنتاج نماذج الحكم الهشة التي قادت البلاد إلى دوامات متكررة من الانقلابات والحروب. وقال حمدوك في مقابلة مع «أفق جديد» يُنشر نصها لاحقًا إن السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق تاريخي، إما الانطلاق في إصلاحات دستورية واقتصادية ونُظم حكم عميقة تؤسس لدولة حديثة، أو السقوط مجددًا في مسار الاضطراب والانهيار.
وفي حديثه عن مستقبل الحركة الإسلامية في معادلة ما بعد الحرب، شدد حمدوك على أنه لا يمكن السماح بعودة مشروع التمكين أو إعادة إنتاج القوى التي تسببت، بحسب وصفه، في تدمير الدولة وإغراقها في الحروب والعزلة. وأكد أن التعامل مع التجربة الإسلامية يجب أن يستند إلى قواعد ديمقراطية وقانونية صارمة، مستشهدًا بتجارب دولية مثل تجريم النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، وكذلك نموذج العدالة الانتقالية في جنوب أفريقيا، حيث لم تتحقق التسوية إلا بعد الاعتراف بالجرائم وتفكيك البنية السلطوية لنظام الفصل العنصري السابق. وفي الوقت نفسه أشار إلى أن المشاركة السياسية يجب أن تقوم على نبذ الانقلابات، ورفض توظيف الدين لأغراض سلطوية، والالتزام الصارم بمبادئ الدولة المدنية.
وعلى صعيد علاقة الجيش بالسلطة، اعتبر حمدوك أن استقرار السودان يظل مستحيلًا دون إعادة تعريف جذري لدور المؤسسة العسكرية، وإنهاء تسييسها وعسكرة الحياة السياسية. وأكد أن الجيش يجب أن يتحول إلى مؤسسة مهنية قومية واحدة، بعقيدة وطنية واضحة، تخضع للسلطة المدنية، ضمن عملية إصلاح أمني وعسكري شامل. كما حذر من أن استمرار تدخل الجيش في السياسة، ووجود مليشيات عسكرية موازية، يقوض مفهوم الدولة ويجعل السلاح مصدرًا للشرعية بدل الإرادة الشعبية.
وختم حمدوك بالتأكيد على أن وقف الحرب يظل المدخل الأول لأي انتقال حقيقي، مشددًا على أن بناء الدولة المدنية الديمقراطية لن يتم عبر تسويات قصيرة الأمد، بل عبر توافق وطني واسع يعالج جذور الأزمة، ويعيد بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس جديدة، بعيدًا عن العنف والدمار.





