الخرطوم… وباء “الكوليرا” يفاقم حجم الكارثة
أفق جديد
في ظل تردي الخدمات الصحية وانقطاع الكهرباء والمياه بسبب الحرب، تفشى وباء “الكوليرا” مرة أخرى في ولاية الخرطوم، ما أدى إلى تكدس المستشفيات بالمرضى الأمر الذي يستدعي التدخل العاجل من السلطات ونشر التوعية بمخاطر المرض.
وأفادت مصادر طبية “أفق جديد”، أن تفشي وباء “الكوليرا” في ولاية الخرطوم أنتج أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد في ظل غلاء أسعار الأدوية والمحاليل الوريدية.
ووفق المصادر الطبية، فإن الوضع الصحي يحتاج إلى تدابير إضافية، وتدخل سريع من المنظمات الإنسانية لإنقاذ المرضى من وباء “الكوليرا” الذي انتشر بكثافة بسبب تلوث المياه.
وأبلغ شهود عيان “أفق جديد”، أن مستشفى “البان جديد” بمنطقة شرق النيل استقبل خلال اليومين الماضيين حالات حرجة من المصابين بالكوليرا.
وحسب الشهود، فإن مجموعات كبيرة افترشت الأرض تحت ظلال الأشجار في باحة المستشفى جراء تكدس العنابر بالمرضى.
وطبقًا للشهود، فإن تحلل جثامين الموتى المدفونة بشكل عشوائي، وتكدس النفايات أسهم في تردي البيئة، الأمر الذي يؤدي إلى تلوث المياه وانتشار الأوبئة الفتاكة مثل الكوليرا.
وقال الناشط في العمل الطوعي بمحلية شرق النيل، أيوب فخر الدين، إن الأوضاع الصحية في المنطقة تدهورت بشكل مريع بسبب انقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة.
وأوضح فخر الدين في حديثه لـ”أفق جديد”، أن السكان يضطرون لشراء مياه غير صالحة للشرب ما أدى إلى زيادة كبيرة في الإصابة بأمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا.
وأضاف، “رصدنا خلال اليومين الماضين تزايد حالات الإصابة بالكوليرا في مستشفى البان جديد. الوضع خطير ويتطلب إجراءات صحية سريعة وإلا فإنه سيتحول إلى كارثة كبيرة”.
ومنذ اندلاع الحرب منتصف أبريل 2023، تُعاني ولاية الخرطوم من الانقطاع المستمر للكهرباء، وشح المياه الصالحة للشرب، ما اضطر الأهالي إلى تناول مياه ملوثة من النهر دون تعقيم أو كلورة للمياه ما أدى إلى انتشار وباء الكوليرا.
وذكرت شبكة أطباء السودان، في بيان، أن “حالات الإصابة بالكوليرا ارتفعت إلى أرقام كبيرة”.
وأفاد البيان بعزل 183 حالة في مستشفى “النو” وتزايد تسجيل الحالات في كل من مستشفيات “بشائر، التركي – جنوب الخرطوم – والبان جديد”.
وحذرت الشبكة من خطورة انتشار عدوى الكوليرا في الخرطوم بسبب زيادة الحالات المسجلة خلال الفترة من 15 إلى 22 مايو الجاري، مما يستدعي التدخل العاجل من السلطات الصحية ونشر التوعية بمخاطر المرض، بجانب التحذير من استخدام المياه غير المكلورة.
وطالب البيان المنظمات الأممية والإقليمية العاملة في مجال الصحة بتوفير المعينات الطبية والمواد المكلورة للمواطنين في الخرطوم للحد من انتشار العدوى بالمرض.
ووفق نقابة أطباء السودان، فإن عودة “الكوليرا” تأتي وسط أوضاع صحية وغذائية متدهورة، الأمر الذي يشكل تحديًا إضافيًا للأزمة الصحية في السودان، في ظل نظام صحي منهك يكافح بالفعل لمواجهة ارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، وتزايد أعداد جرحى الحرب، والتفشي المستمر لأمراض يمكن الوقاية منها.
كما أفادت تنسيقية لجان كرري (نشطاء) عبر صفحتها الرسمية على “فيس بوك”، أن مركز عزل الكوليرا بمستشفى “النو” استقبل أكثر من 200 حالة، وأشارت إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية وإغلاق كافة المحلات شمال المستشفى ونقل موقف المركبات، كما تحدثت عن الحاجة للكوادر الطبية.
وطالبت التنسيقية الجهات الرسمية والمواطنين بالتعامل بجدية مع حجم الكارثة الصحية بالبلاد.
وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية تسجيل 2323 إصابة و51 حالة وفاة بالكوليرا خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة.
وأشار تقرير صادر عن الوزارة إلى أن 90 بالمئة من الإصابات والوفيات الجديدة بالكوليرا سجلت في ولاية الخرطوم، خاصة المناطق الواقعة جنوب المدينة وفي مدينة أم درمان شمال غربي العاصمة الخرطوم.
كما كشفت وزارة الصحة بولاية الخرطوم عن وضع خطة للتدخل السريع لمكافحة الكوليرا، إضافة إلى دور الصحة الاتحادية والمنظمات في دعم جهود الاستجابة العاجلة.
وشددت وزارة الصحة بولاية الخرطوم خلال اجتماع الوضع الصحي بالولاية على ضرورة تكثيف حملات التوعية والتحضير لحملة التطعيم ضد الوباء لضمان الحد من انتشاره والسيطرة عليه.
في الأثناء طالب حزب الأمة القومي، وزارة الصحة الاتحادية بإعلان حالة الطوارئ الصحية فورًا، ودعا إلى التدخل العاجل من المنظمات الإنسانية والطبية الإقليمية والدولية.
وناشد الحزب منظمتي الصحة العالمية وأطباء بلا حدود بتقديم العون الطبي وتوفير الأدوية والمستلزمات الضرورية واحتواء انتشار الأوبئة قبل خروجها عن السيطرة.
وأكد حزب الأمة القومي في بيان انتشار حالات الكوليرا في مناطق جبل أولياء، جنوب أم درمان، وولاية النيل الأبيض، وجنوب الجزيرة، بجانب تزايد حالات الإصابة بحمى الضنك والملاريا، مما أدى إلى وفيات وسط كبار السن والأطفال والنساء.
وذكر البيان أن مستشفيات أم درمان تعاني من أوضاع إنسانية حرجة، حيث يُحتجز المصابون في بيئة تفتقر لأبسط مقومات الرعاية الصحية في ظل نقص الكوادر الطبية وانعدام التخصصات الحيوية.
وتدهورت الأوضاع الصحية في السودان بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وخروج نحو 70 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.