حديث مناوي.. وأشباح تمزيق الوطن!

وائل محجوب
* التصريح الذي أدلى به مني أركو مناوي لقناة الحدث يوم السبت ٢ أغسطس وأذاعته في نشراتها المختلفة، الذي قال فيه إن مسؤولًا في دولة عظمى اتصل به في بدايات الحرب وعرض عليه تقسيم السودان لثلاث دول، واحدة تمثل إقليم الشرق والوسط والشمال ويحكمها البرهان والجيش، وأخرى لدارفور “غرب السودان” يحكمها حميدتي، وثالثة لجنوب السودان يحكمها عبد العزيز الحلو يجب ألا يمر مرور الكرام.
* هذه المعلومة بالغة الخطورة التي صمت عنها مناوي مذ قيلت له حتى الآن، وهو صمت مكلف، تكشف عن نوايا خارجية لتقسيم البلاد، وهي إن صحت فقد تقدم تفسيرًا لهذا الصمت الإقليمي والدولي عن هذه الحرب الطاحنة التي تدور في البلاد، دون أي تحرك يناسب مقدار خرابها وأضرارها، وحجم ضحاياها من المدنيين، وصار بسبب هذا الصمت والتجاهل للشعب السوداني بقتلاه وضحايا الحرب من لاجئين ونازحين، في عداد المفقودين على كافة المستويات لدى المنظمات الإقليمية والدولية.
* لقد أدت الحرب فعليًا لتقسيم البلاد، إذ سادت فيها خطابات الكراهية والعنصرية، وقادت الانتهاكات وجرائم الحرب، التي انزلقت فيها أطرافها لقسم وجدان أهلها وتقسيم مناطق البلاد المختلفة لحواضن اجتماعية لقوى القتال المختلفة، انسياقًا وراء حملات الاستقطاب المحمومة التي أدت إليها حملات التعبئة، وتلك الغرف الإلكترونية المنحازة لأطراف القتال طوال اليوم وعلى مدى سنتين ونصف، وما سبقها من تمهيد للحرب، بعثًا للحمية القبلية ونثرًا لخطابات الكراهية والعنصرية، وبشكل منتظم ومرتب له. وقد أعانها انحيازًا قبليًا حوّل الصراع لصراع أهلي وقبلي وقد حذرنا مرارًا من ذلك، فهي حالة تصعب من إمكانات الحل والتعايش السلمي بين مجموعات السودان الأهلية المختلفة.
* لقد بعثرت هذه الحرب كامل النسيج الاجتماعي الذي ربط أهل السودان لعقود بسبب طبيعتها المتوحشة، وبسبب الجهل الذي يسم أطرافها وغياب الحكمة، فقد شهدت أسوأ أنماط الانتهاكات بحق المواطنين العزل، استيلاء على منازلهم ونهبًا لممتلكاتهم، وتصفية لأبنائهم، فيما انعدمت كل تلك القيم والقوانين التي تحكم الحروب، مثل قوانين الحرب واتفاقيات جنيف الأربعة وكل حقوق الإنسان، وشهدنا كل الأطراف تصفي أسرى الحرب بلا رادع.
- ليس هناك طرف برئ في هذه الحرب من تلك الممارسات، علاوة على نهب الممتلكات العامة وتدميرها، وحملات الشيطنة للآخرين سواء بالممارسات الرسمية من خلال حملات الوجوه الغريبة والحرمان من خدمات الدولة، أو بتسمية القبائل الشمالية ونعتها بأسوأ الصفات وتوعدها بنقل الحرب لديارها كرد فعل لتلك الممارسات، كما شهدنا موجات من الحشود القبلية على جانبي الحرب، حشدًا للقبائل لتواجه جوارها بالحرب والقتال، مما قاد لتحويلها لحرب أهلية واسعة النطاق.
* هذه القوى المتصارعة على السلطة تفتقر للمسؤولية الوطنية، ويجب أن يلملم أهل السودان قواهم، بكل مكوناتهم وتعلو أصواتهم في كل المنابر، ويتحركوا في كل اتجاه ليتصدوا لخرابها، وليحاصروا هذا الخراب الذي ستفضي إليه ممارساتهم غير المسؤولة بحق الوطن وجرائمهم التي فاقت كل ما هو متوقع بحق الآخر، وهذه مهمة لا تقبل التأجيل، إما ان تدرك القوى المدنية المختلفة دورها وتتحرك بناء على المخاطر الماثلة، أو سنفقد بلادنا مرة وللأبد بسبب أمراء وتجار الحروب هؤلاء.