يصطدم بمفاجآت مدغشقر..
90 دقيقة تفصل صقور الجديان عن نهائي "شان" الأول
أفق جديد
بينما يترقب عشاق الكرة الإفريقية نصف نهائي بطولة أمم إفريقيا للمحليين “شان” توتال إنيرجيز 2024، يبرز المنتخب السوداني كعنوان كبير لهذه النسخة، ليس فقط لأنه بلغ المربع الذهبي لأول مرة منذ أكثر من عقد، بل لأنه فعل ذلك بطريقة درامية أعادت رسم صورة كرة القدم السودانية في القارة.
من الإحباط إلى الحلم
دخل “صقور الجديان” البطولة وسط توقعات محدودة، في ظل أوضاع رياضية وإدارية معقدة، وصعوبات كبيرة بسبب الحرب والنزوح وتوقف النشاط الرياضي لمدة عامين . لكن تحت قيادة المدرب الغاني المخضرم كواسي أبياه، تحولت هذه التحديات إلى دافع لبناء منتخب مقاتل يجمع بين الانضباط التكتيكي والروح الجماعية.
فمنذ دور المجموعات، لفت المنتخب السوداني الأنظار بفوزه التاريخي على نيجيريا (4-0)، ثم تصدر مجموعة صعبة ضمت أيضاً حامل اللقب السنغال. هذه البداية لم تكن مجرد نتيجة، بل كانت رسالة قوية بأن السودان عاد للمنافسة بجدية.
الامتحان الأصعب جاء في ربع النهائي أمام الجزائر، أحد أبرز المرشحين للقب، وصاحب نهائي النسخة الماضية. على أرضية زنجبار، قدم السودان مباراة بطولية انتهت بالتعادل (1-1) قبل أن تُحسم بركلات الترجيح لصالحه (4-2).
اللقاء حمل كل عناصر الدراما: تقدم السودان أولاً بهدف عكسي من أيوب غزالة، ثم عادل “الأفناك” عبر سفيان بيازيد. ومع امتداد المباراة إلى 120 دقيقة، ظهر الحارس محمد أبوجا كبطل قومي، بعدما تصدى لركلتين ترجيحيتين ومنح بلاده بطاقة العبور.
هذه اللحظة مثلت إعلاناً عن ميلاد جيل جديد قادر على استعادة مكانة السودان بين كبار القارة.
التجربة السودانية في “شان” 2024 تحمل بصمة واضحة للمدرب كواسي أبياه، الذي يعرف جيداً تفاصيل الكرة الإفريقية من خلال تجربته السابقة مع منتخب غانا.
أبياه ركّز على التنظيم الدفاعي، وأعطى حرية أكبر للاعبين في الهجوم السريع، ما جعل صقور الجديان فريقاً صعب التوقع. وبعد الفوز على الجزائر، قال: “لاعبو فريقي لن يتوقفوا هنا، هدفنا هو النهائي.”
هذه العقلية الانتصارية منحت منتخب صقور الجديان ثقة غير مسبوقة، وجعلت الجمهور يلتف حول المنتخب بروح مختلفة.
مباراة العمر
في نصف النهائي يوم الثلاثاء 26 يوليو ، يلتقي السودان بمنتخب مدغشقر، الذي يملك بدوره قصة ملهمة بعد إقصائه كينيا في نيروبي بركلات الترجيح.
مدغشقر لا يقل خطورة عن الجزائر أو نيجيريا، فهو منتخب اعتاد على مفاجأة الخصوم الكبار. ويقوده الحارس المخضرم ميشيل رامانديبيسوا (39 عاماً)، الذي أصبح رمزاً للتجربة المالاجاشية.
هذه المواجهة تحمل طابع “صراع الحلم”، حيث يسعى المنتخبان لبلوغ أول نهائي في تاريخهما بالبطولة. لكن منتخب صقور الجديان يدخل المباراة بروح أعلى، بعدما تجاوز عقبة ثقيلة مثل الجزائر.
بعيداً عن المستطيل الأخضر، يمثل إنجاز المنتخب السوداني في “شان” 2024 متنفساً لجماهيره في الداخل والخارج. في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، تأتي انتصارات “صقور الجديان” كرسالة أمل، بأن الروح السودانية قادرة على النهوض حتى في أصعب الأوقات.
الجماهير السودانية على وسائل التواصل الاجتماعي عبرت عن فرحتها العارمة بعد الفوز على الجزائر، معتبرة أن المنتخب أعاد بعض البسمة في زمن قاسٍ.
نحو كتابة التاريخ
الآن، يقف المنتخب السوداني على بعد 90 دقيقة فقط من إنجاز تاريخي: بلوغ أول نهائي في بطولة “شان”.
فهل ينجح “صقور الجديان” في التحليق إلى المباراة الختامية يوم 30 أغسطس، ويمنح السودان فرصة التتويج بلقب قاري طال انتظاره؟ أم أن مدغشقر ستواصل مفاجآتها؟
الأكيد أن ما تحقق حتى الآن هو قصة بعث كروي تستحق التوقف عندها، وأن السودان، مهما كانت نتيجة نصف النهائي، قد أرسل رسالته: كرة القدم السودانية ما زالت حية، وتملك القدرة على العودة إلى القمة.