حظر إماراتي على شحنات السودان… من “أمر سري” إلى أزمة ناقلات تعيد رسم خريطة النفط العالمية
الناقلة "بولا" المحملة بـ80 ألف طن من خام "دار بلند" المنتج في جنوب السودان عالقة قبالة ميناء الفجيرة
أفق جديد
دخلت تجارة النفط العالمية مرحلة جديدة من الاضطراب بعد القرار الإماراتي الأخير بفرض حظر بحري شامل على الشحنات القادمة من السودان، وهو ما بدأ يترك أثره المباشر على تدفقات الخام، خاصة مع أزمة الناقلة “بولا” القادمة من جنوب السودان والتي تعذّر عليها تفريغ حمولتها في ميناء الفجيرة النفطي.
وكشفت مجلة MEES المتخصصة في أخبار الطاقة أن وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية أصدرت أمراً تنفيذياً سرياً مطلع أغسطس يقضي بوقف جميع التعاملات البحرية مع ميناء بورتسودان، بما يشمل البضائع والنفط. وبذلك منعت الإمارات فعلياً جميع موانئها، وفي مقدمتها الفجيرة، من استقبال أو تصدير أي شحنات مرتبطة بالسودان.
القرار جاء بعد إعلان السودان في مايو الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، متهماً إياها بدعم قوات الدعم السريع في الحرب الأهلية المشتعلة منذ أبريل 2023، وهي اتهامات نفتها أبوظبي. لكن الحظر الإماراتي وضع الأزمة في إطار اقتصادي مباشر، ليتحول من خلاف سياسي إلى أزمة تضرب أسواق الطاقة.
الناقلة “بولا”، وهي من طراز سويزماكس وقادرة على حمل 80 ألف طن من خام دار بلند المنتج في جنوب السودان، وصلت من مرسى بشاير قرب بورتسودان إلى مياه الفجيرة مطلع الشهر الجاري، لكنها لم تتمكن من الرسو أو تفريغ حمولتها منذ أكثر من أسبوع.
وبحسب بيانات شحن جمعتها بلومبرغ، اضطرت السفينة للتوقف قبالة صحار في سلطنة عمان، على بعد نحو 100 كيلومتر فقط من الفجيرة، وسط غموض بشأن وجهتها النهائية. وتشير تقديرات إلى احتمال إعادة توجيهها نحو مضيق سنغافورة حيث تتوافر مرافق بديلة لتزويد السفن وتفريغ النفط.
الناقلة مملوكة لشركة Dynacom Tankers اليونانية، ومستأجرة من مجموعة Vitol Group العالمية، لكن الشركتين امتنعتا عن التعليق على الأزمة. كما لم تصدر وزارة الطاقة الإماراتية أو مجموعة موانئ أبوظبي أي تعليق رسمي حتى الآن.
خلال الشهرين الماضيين، اقتصرت وجهات خام دار بلند على الفجيرة وسنغافورة وماليزيا، إذ كانت الفجيرة تستقبل شحنة أو شحنتين شهرياً. ومع الحظر، ستُستبعد الموانئ الإماراتية من هذه المعادلة، وهو ما يعني إعادة رسم مسار تدفقات النفط بين أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
ويرى خبراء أن القرار قد يؤدي إلى اضطراب حركة الناقلات وارتفاع تكاليف النقل والتأمين وضغط إضافي على الموانئ الآسيوية مثل سنغافورة وماليزيا كما سيؤدي الي خسائر مباشرة للسودان وجنوب السودان؛ إذ يعتمد الأخير بشكل شبه كامل على خط الأنابيب السوداني لتصدير نفطه , كما يؤدي تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية داخل السودان نتيجة فقدان عائدات النفط التي تمثل شرياناً أساسياً لاقتصاده المنهك.