في مجلس النواب الأمريكي.. النائب الجمهوري كريس سميث يقود جلسة حول السودان ويصف الحرب بـ«الكارثة»

بقلم : كريس ماسارو – فوكس نيوز

في ظل استمرار الحرب المدمرة في السودان، ترأس النائب الجمهوري كريس سميث اجتماع اللجنة الفرعية المعنية بأفريقيا في مجلس النواب الأمريكي، واصفاً الصراع الدائر في السودان منذ أبريل 2023 بأنه «كارثة إنسانية» قوبلت لفترة طويلة بشلل دولي وتراجع في الاهتمام الإعلامي.

وقال سميث، خلال كلمته الافتتاحية في جلسة استماع عُقدت في 11 ديسمبر/كانون الأول لمناقشة الجرائم ضد الإنسانية في السودان، إن البلاد «ترزح تحت أحلك الغيوم»، مشدداً على أن ما يحدث يمثل أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً، مع نزوح نحو 12 مليون شخص من ديارهم.

وأضاف النائب الأمريكي أن جلسة الاستماع جاءت بمثابة «دعوة عالمية للعمل»، مطالباً بوقف فوري للأعمال العدائية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية، وعلى رأسها تلك المنسوبة إلى قوات الدعم السريع، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، والاستهداف العرقي، والنهب المنهجي، ومحاسبة المسؤولين عنها.

ويأتي هذا الاهتمام المتجدد بالملف السوداني في وقت تتصدر فيه حروب أخرى واجهة الاهتمام العالمي، مثل الحرب الروسية الأوكرانية والحرب في غزة، ما جعل مأساة السودان تتوارى عن الأضواء رغم حجمها الكارثي. غير أن الصراع عاد إلى دائرة الضوء بعد تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالعمل على تأمين اتفاق سلام في السودان، عقب اجتماعه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وفي السياق ذاته، كشف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن تفاصيل هجمات بطائرات مسيّرة وقعت في 4 ديسمبر/كانون الأول في منطقة جنوب كردفان، قال إنها استهدفت روضة أطفال ومستشفى مجاوراً، وأسفرت عن مقتل 114 شخصاً، بينهم 63 طفلاً. وأوضح تيدروس أن المسعفين وفرق الإنقاذ تعرضوا لهجمات أثناء محاولتهم نقل المصابين، في حادثة وصفها بأنها «مقلقة للغاية».

من جانبها، أفادت شبكة أطباء السودان، وهي منظمة طبية محلية، بأن الهجمات نُفذت بواسطة قوات الدعم السريع، في وقت تتزايد فيه الاتهامات الموجهة لهذه القوات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مناطق عدة من البلاد.

ويعود أصل الصراع الحالي إلى أبريل 2023، عندما انهار التحالف الهش بين القوات المسلحة السودانية، التي تقود الحكومة، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، عقب فشل اتفاق لتقاسم السلطة كان قد أُبرم عام 2021. وكان الطرفان قد تعاونا لسنوات خلال حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، قبل أن تنفجر الخلافات بينهما وتتحول إلى حرب مفتوحة.

ومنذ اندلاع القتال، تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، دون أن تحظى الأزمة بالزخم الدولي الكافي. وتقول كارولين روز، مديرة قسم الأولويات العسكرية والأمن القومي في معهد نيو لاينز، إن حرب السودان تُعد «واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية فظاعة في تاريخ العالم»، لكنها واجهت شللاً متكرراً من قادة العالم والمؤسسات الدولية، إلى جانب تراجع التغطية الإعلامية.

وترى روز أن غياب التنافس بين القوى الكبرى أو الصراع الإقليمي الواسع، كما هو الحال في أوكرانيا وغزة، ساهم في تراجع الاهتمام الدولي، إضافة إلى القيود المفروضة على الوصول البري، والتي تعيق التغطية الصحفية وتوثيق جرائم الحرب وجمع الشهادات.

وتواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبيرة في الوصول إلى المحتاجين، إذ منعت القوات المسلحة السودانية، بحسب تقارير، وصول عمال الإغاثة إلى بعض المناطق بدعوى السيادة، كما قامت بطرد عدد من العاملين في المجال الإنساني. وفي المقابل، تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات واسعة، من بينها مقتل أكثر من 400 عامل إغاثة ومريض في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مستشفى الولادة السعودي بمدينة الفاشر شمال دارفور.

وأدى حصار الفاشر إلى نزوح ما لا يقل عن 28 ألف شخص إلى البلدات المجاورة، فيما اتهم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قوات الدعم السريع بارتكاب «إعدامات بإجراءات موجزة، وجرائم قتل جماعي، واغتصاب، واعتداءات على العاملين في المجال الإنساني، ونهب، واختطاف، وتهجير قسري».

ورغم المساعي الأمريكية الرامية إلى التوصل لوقف إطلاق النار، لا تزال أعمال العنف مستمرة. وقال توم بيريلو، المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى السودان، في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في سبتمبر/أيلول الماضي، إن عدد القتلى منذ اندلاع الحرب قد يصل إلى 400 ألف شخص، بينما قدّرت مجلة فورين بوليسي العدد بنحو 100 ألف قتيل، ووصفت الصراع بأنه «الحرب المنسية».

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية الهائلة، تشير تقديرات منظمات دولية إلى أن أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وأن نحو 21.2 مليون شخص، أي ما يعادل 45% من السكان، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما ينذر بمجاعة واسعة النطاق إذا استمر الصراع دون حلول عاجلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى