تحت سماء السودان لاتوجد منطقة أمان


يُقرُّ الضابط العظيم الذي تقاعد من القوات المسلحة مؤخرا أن المسيرات التي حصل عليها الدعم السريع أثرت في المعارك على الأرض، قائلا “نعم دمروا ثلاث طائرات، تدميرا كاملا، وتأثرت طائرتان أخريان في قاعدة وادي سيدنا، وباتت ضرباتهم أكثر دقة وتأثيرا، لقد أصبحت المطارات العسكرية مهددة”، ويردف “نعم حصلوا على مسيرات من أذربيجان، أعتقد أنها من هناك”، بالتزامن تقول سيدة مسنة نزحت إلى مدينة عطبرة، “لم نعد آمنين هنا، وصلنا إلى هذه المدينة ظنا أنها الأكثر أمنا لكنهم الآن لاحقونا عبر السماء، شاهدت في الليلة السابقة النيران تنطلق إلى السماء، قالوا إنها تطارد مسيرات”، وتردف “عدنا مرة أخرى للاختباء تحت الأسرة، يا ولدي”.. تدريجيا صار الحديث عن المسيرات أو “الدرونز” هو المسيطر على أحاديث المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها الجيش، وفي السابق كانت تعد هي الأكثر أمانا. توسع طرفا الحرب في استخدام هذا السلاح لم يترك في السودان منطقة يمكن أن يطلق عليها آمنة خاصة بعد حصول الدعم السريع على أنواع متطورة منها يمكنها أن تقطع مسافات طويلة، وباتت تهدد حياة المسؤولين في الدولة بحسب تصريحات وزير الإعلام المعين حديثاً.

فلاش باك

المطعم الراقي في أحد فنادق العاصمة الكينية نيروبي لم يكن مكتظا بموظفي المنظمات الدولية كعادته، فنحن في منتصف الأسبوع وفي منتصف الليل أيضا، ويبدو أن التوقيت اختير مثل الفندق بعناية فائقة، عدد محدود من الطاولات مشغول، توزع عدد من الرجال على أطراف المطعم، كل اختار زاوية معينة بشكل هندسي محدد. كانوا أربعة أو ثلاثة، أشكالهم تكشف بجلاء إنهم فريق حماية لشخصية مهمة، لم تمر دقائق معدودة من اتخاذ الرجال لمواقعهم حتى دخل شاب نحيل يبدو إنه في بداية الثلاثين من عمره، حوله ومعه اثنان آخران، يفوقونه عمرا وبنية جسدية لكن واضح إنه يبزهم أهمية، جلس ثلاثتهم على طاولة واحدة، كانوا يتبادلون حديثا هامسا لا يكاد يسمع. المشهد الذي استضافه ذلكم الفندق في مارس الماضي نقله إلى “أفق جديد” أحد موظفي الأمم المتحدة قائلا “تلك كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها بشكل مباشر القوني حمدان دقلو الشقيق الأصغر لقائد مليشيا الدعم السريع”، ويمضي الموظف الأممي بالقول “في تلك الليلة، اجتمع دقلو بتاجر سلاح لبناني يتردد على نيروبي كثيرا أعرفه جيدا وسبق أن تحدثنا، لم يكن الاجتماع طويلا، انسحب دقلو أولا ومن ثم بقي التاجر اللبناني لبعض الوقت قبل أن يغادر.

وبحسب الموظف الذي قاده الفضول إلى تتبع ما دار في ذلك الاجتماع القصير إنه كان لوضع اللمسات الأخيرة لنقل شحنة من الطائرات المسيرة إلى دارفور، ففي صباح 12 مارس عام 2024، عندما كان جنود الجيش السوداني يحتفلون بتقدم عسكري غير مسبوق، منذ بداية الحرب بسيطرتهم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في العاصمة الخرطوم، للمرة الأولى، بعد 10 أشهر كان فيها عبارة عن قاعدة عسكرية ومعتقلا تديره قوات الدعم السريع، هبطت أولى الطائرات المحملة بالمسيرات في مهبط ترابي أعد على عجل بالقرب من مدينة نيالا في دارفور، وفيما لم ترد قوات الدعم السريع على أسئلة “أفق جديد” يقول اللواء ناصر تاج السر أن العدو – الدعم السريع – سعى قبل وأثناء حرب ١٥ أبريل إلى أمتلاك مسيرات ويستخدم خلال هذه الحرب ثلاثة أنواع من المسيرات تصنف كالآتي: مسيرات تم تعديلها من شركة dji الصينية وتصنع في بلدة shenzen , china ولدى الشركة مكاتب إقليمية متعددة حتى في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ويضيف اللواء ناصر في حديثه لـ”أفق جديد” “ومن منتجاتها التي استخدمها العدو matrice 600 pro  وهي للأغراض الاستطلاعية ومعدلة للأغراض الهجومية”. 

ويتابع “إلى جانب مسيرات من نوع cube pilot drone x:121 وهي مسيرات مطورة خصيصا للاستطلاع الجوي والفضاء وللأغراض العسكرية والدفاعية الجوية.

بالإضافة إلى مسيرة من نوع zula وهي روسية الصنع من نوع fixed wing بإمكانها أن تتحرك بسرعة 45km/s وتقطع مسافة ١٠٠ كيلو متر وأكثر وتستخدمها بدرجة أقل”.

الفاعلية

أجرى فريق “أفق جديد” تدقيقا وتحليلا مستفيدا من تقنية الذكاء الاصطناعي لمعرفة مواصفات المسيرات التي ذكرها اللواء ناصر، وإلى أي مدى استفاد منها الدعم السريع، فوجد أن المسيرةDJI Matrice 600 Pro  التي تم تعديلها واستخدامها من قبل قوات الدعم السريع تُعد واحدة من أشهر المسيرات الاستطلاعية التي يمكن تكييفها للأغراض العسكرية. 

فيما يلي تحليل تقني لاستخدامها بناءً على مواصفاتها:

أبرز المواصفات التقنية:

  1. الوزن والإقلاع:

الوزن الأساسي: 15.5 كجم.

الحمولة القصوى عند الإقلاع: 15 كجم.

القدرة على حمل دانتين عيار 120 مم (حوالي 5-6 كجم لكل دانة مع التعديل).

  1. السرعة والمدة التشغيلية:

السرعة: تصل إلى 65 كيلومتر/ساعة.

زمن الطيران:

بحمولة 15 كجم: حوالي 30 دقيقة.

بدون حمولة (5.4 كجم): يصل إلى 40 دقيقة.

  1. نطاق الترددات

يعمل ضمن الترددات 920 ميجاهرتز إلى 5.825 جيجاهرتز.

مناسب للبيئات ذات التشويش المنخفض.

  1. أنظمة التوجيه والتتبع:

مزودة بكاميرات عالية الدقة للتصوير والفيديو.

جهاز تحديد المواقع (GPS) ونظام تتبع لتحديد الإحداثيات بدقة.

نظام برمجي للطيران المبرمج يتيح التوجيه الدقيق بناءً على المهام.

  1. أنظمة الطوارئ:

تتضمن ميزة التنبؤ بالأخطاء الذكية:

تنبيه لانخفاض البطارية.

العودة التلقائية عند فقدان الاتصال أو خروجها عن المدى.

التكيف مع ظروف الرياح الطارئة.

الاستخدامات العسكرية

الاستطلاع:

كاميراتها وأنظمة الملاحة تتيح جمع معلومات دقيقة في ساحة المعركة.

الهجمات:

التعديلات لتحمل الذخائر تجعلها أداة فعّالة للهجمات المركزة.

الرصد والمراقبة:

توفير تغطية حية للمواقع والعمليات.

الدعم التكتيكي:

استخدامها لمهام المراقبة في البيئات التي يصعب الوصول إليها.

التحديات المحتملة

التشويش الإلكتروني: اعتمادها على موجات التردد يجعلها عرضة لتقنيات التشويش.

مدة الطيران المحدودة: 

بحمولات ثقيلة تقل فعالية الطيران، مما يتطلب خططاً تشغيلية فعّالة.

الاعتماد على الإمدادات: استخدام ذخائر أو تعديلات يتطلب وجود خبرة تقنية ودعم لوجستي دائم.

الطائرة المسيرة من نوع Cube Pilot Drone X:121  تعد نقلة نوعية في مجال الاستطلاع الجوي والفضائي، حيث طُورت خصيصًا للأغراض العسكرية والدفاعية الجوية. صُممت هذه المسيرات بالشراكة بين مجموعة من الشركات العالمية، أبرزها: UAVionix، وCubepilot، وHEX، وprofiCNC، التي تتمركز غالبيتها في الولايات المتحدة وأوروبا. بدأت عمليات تطويرها عام 2019، وشهدت اختبارات معملية مكثفة لتعزيز إمكانياتها التقنية.

مواصفات تقنية متقدمة

تتميز هذه الطائرة بجهاز تحكم متطور يُعرف بـCube Drone، وهو جهاز روبوتي يمنح المسيرة قدرات استطلاعية استثنائية تصل إلى 40 ضعف قدرات المسيرات التقليدية. كما تتمتع بقدرة حمل تصل إلى 25 كيلوجرامًا، ما يعزز استخدامها في المهمات العسكرية والفضائية والتصوير الجوي.

قدرات عسكرية متعددة

تستطيع الطائرة حمل أربع دانات معدلة للاستخدام العسكري.

تعتمد على نظام ملاحة مغلق متصل بوكالة الاستطلاع الفضائي القومية الأمريكية (NAS)، مما يجعلها مناسبة للمسافات الطويلة وأغراض الاستطلاع الجوي.

مميزات وعيوب

المميزات: تتميز بفعالية عالية نظرًا لجودة التصنيع المتقدمة، وقدراتها المتعددة في الاستطلاع والتصوير الجوي.

العيوب: الوزن الكبير مقارنةً بالمسيرات الأخرى، مما يحد من سهولة استخدامها في بعض المهام.

الخلاصة

توصل فريق “أفق جديد” إلى أن إمكانات هذه الطائرات المعدلة تجعلها أداة استراتيجية، خاصة في البيئات منخفضة التكلفة والموارد، حيث يمكن تعديل مسيرات تجارية بسهولة لتلبية احتياجات عسكرية، مما يجعلها أدوات تدميرية عالية ومع ذلك فإن فعاليتها تعتمد على القدرة التقنية والتكتيكية لمشغليها.

وذلك ما يعضد وجهة  نظر اللواء ناصر تاج السر بأن الدعم السريع لم يستفد كثيرا من تقنيات المسيرات التي أمدته بها “دولة الإمارات العربية المتحدة” – على حد تعبيره – لأنها لا تملك الكادر التشغيلي المدرب، ويقول ناصر “رغم أن الدعم السريع سبق الجيش في استخدام المسيرات في هذه الحرب إلا أن الجيش تفوق عليه، لأنه يمتلك كادرا بشريا مدربا على تقنيات الحرب الحديثة، خاصة بعد تمكنه من إدخال مسيرات من نوع “مهاجر” الإيرانية.

مدير المرصد السوداني للشفافية والسياسات د. سليمان بلدو يلفت في حديثه لـ”أفق جديد” إلى نقطة جديدة قائلا “لا أعتقد أنه من الممكن وصف مسيرات الدعم السريع بأنها أكثر دقة – هي بالتأكيد أكثر تطورا وأكثر عددا من تلك التي كانت بأياديهم في بداية الحرب”.

ويضيف بلدو ” كانت مسيرات الدعم السريع عند بداية الحرب تجارية معدلة بطريقة بدائية لأغراض عسكرية، وكانت تقذف بذخائر هاون علي مواقع الجيش، أما المسيرات الحالية لدى الدعم السريع فتبدو بعيدة المدى وانتحارية، أي أنها مسلحة بمتفجرات ومهمتها أن تسقط على أهدافها وتفجرها! لاحظ أن الدعم السريع أصبح يرسل أسرابا من هذه المسيرات لمهاجمة دفاعات الجيش وقواعد القوات الجوية في شندي وعطبرة ومروي ووادي سيدنا، ولاحظ أن الدفاعات الجوية للجيش تنجح في تدمير أغلب المسيرات المهاجمة قبل أن تحقق هدفها من السقوط بالمتفجرات على الهدف” وهذا مؤشر – بحسب حديث بلدو – إلى أنها ليست بالدقة الكافية ولكنها أكثر عددا وأكثر تطورا لاسيما أنها تستطيع قطع مسافات طويلة.

 ولكن الروايات المحلية من هذه المواقع تشير إلى سماع انفجارات عنيفة خلال تلك الغارات، وهذا قد يشير إلى أن بعض المسيرات قد تكون نجحت في اختراق نظم الدفاع الجوي وتفجير مخازن ذخيرة أو أهداف عسكرية أخرى على الأرض، وهذا ما يشير إليه الضابط العظيم الذي حجبنا اسمه تطوعا، إذ يقول إن الدعم السريع استجلب مرتزقة أجانب مما جعل استخدامه للمسيرات أكثر فعالية، وتمكن خلال الفترة الماضية من توجيه ضربات إلى قاعدة وادي سيدنا حيث دمر 3 طائرات تدميرا كاملا وطائرتين تدميرا جزئيا. ويضيف الضابط الذي شغل مواقع متقدمة في الاستخبارات العسكرية قبيل تقاعده مؤخرا “المسيرات لها تأثير كبير على الجيش خاصة على الطيران والمطارات إذ جعلت طيران الجيش أقل فعالية”.

ويتفق اللواء ناصر مع وجهة النظر القائلة إن الدعم السريع استجلب مرتزقة لتشغيل المسيرات، لكنه يقول إنهم لم يزيدوا فعالية استخدامها وذلك لعدة عوامل أولها أن همهم الأول هو ما يتقاضونه من أموال والثاني عدم معرفتهم الكافية بمناخ وجغرافيا السودان، وهذا ما جعل مسيرات الدعم السريع غنيمة سهلة لدفعات الجيش.

ويقول ناصر لـ”أفق جديد” “نعم قد تكون حققت حالة نفسية جيدة للمقاتلين أكتر من أي أثر آخر، وفعليا الجيش استفاد منها أكتر من المليشيا نسبة لامتلاكه كوادر بعدد كبير تلقت تدريبا عاليا على الحرب الحديثة”. ويخص ناصر المهندسين الذين تخرجوا من  جامعة كرري للتقانة، ويضيف “عندنا منهم آلاف الضباط من الدفعة واحد حتى الدفعة عشرين، وقد نال هؤلاء الضباط خبرات عملية على استخدام المسيرات خلال مشاركتهم في حرب اليمن”. 

ويمضي اللواء ناصر ليقول “المليشيا كي تستفيد من المسيرات كانت محتاجة إلى استجلاب مرتزقة أجانب، والأجانب ليست لديهم المعرفة الكافية بجغرافيا ومناخ المدن السودانية على عكس ضابط الجيش”. ويذهب اللواء ناصر إلى القول إن المليشيا استخدمت المسيرات المذخرة والانتحارية قبل الجيش في هذه الحرب  واستطاعت تحقيق نتائج عبرها في البداية لكن عقب أن دخل  الجيش إلى حرب المسيرات استطاع أن يبطل مفعولها باستخدام التشويش الفعّال.

ويذهب سليمان بلدو في ذات المنحى بقوله “لاحظ أيضاً أن العديد من مسيرات الدعم السريع تسقط من السماء قبل الوصول إلى أهدافها ولقد تعددت حوادث المواطنين الذين يعثرون على مثل هذه المسيرات وينقلون ذلك على الوسائط، وتعددت مع هذه الظاهرة حوادث انفجار العبوات الناسفة في أيدي أطفال ومواطنين فضوليين تجمعوا حول المسيرة التي سقطت بمناطقتهم”.

من أين لهم؟

وللإجابة عن السؤال أعلاه يجمع محدثينا على أن السلاح لم يعد الحصول عليه يمثل مشكلة كبيرة طالما توفر المال، ويقول موظف الأمم المتحدة أن متابعاته أكدت له أن المسيرات تحديدا تصل إلى الدعم السريع بعدة طرق في مقدمتها عقد صفقات مع تجار السلاح اللبنانيين خاصة الشبكة التي كانت تمد حزب الله بالسلاح، “مثل التاجر الذي رأيته برفقة عدد من قادة الدعم السريع في نيروبي”. حاولنا الاتصال بالقوني حمدان دقلو للتأكد من الواقعة غير إنه لم يرد على استفسارات المجلة.

أما المسار الثاني للحصول على السلاح فيتم عبر الدول الداعمة مثل الإمارات وفرنسا إلى جانب تشاد، ويقول الموظف الأممي إن الإمارات تتولى التمويل، وفرنسا تتولى توفير السلاح بينما تتولى تشاد الجوانب اللوجستية. والمسار الثالث يأتي عبر حلفاء الدعم السريع القدامى ممثلين في فاغنر التي لازالت تقدم للدعم السريع بعض المعينات.

ويؤكد الموظف الأممي أن الأفضلية في سلاح المسيرات للجيش السوداني، ويقول لـ” أفق جديد”: “يملك الجيش عددا أكبر من المسيرات لأنه يحصل على دعم من إيران. لذلك هو في وضع أفضل الآن، ويُرى تأثير ذلك بالفعل في عملياته العسكرية”. ويضيف “حصول الجيش على مسيرات مهاجر 6 الأكثر فاعلية من الطائرات المسيرة التي يمتلكها الدعم السريع منحه اليد العليا في المعارك”، ويتابع “هذه المسيرات فعّالة للغاية لأنها تستطيع تحديد الأهداف بدقة ولا تتطلب إلا أسبوعين من التدريب”.

ويقول اللواء ناصر “أسواق المسيرات مفتوحة ومتعددة، وهناك العديد من الشركات التي يمكن أن تمد بها الراغبين بالقليل من الأساليب الملتوية، والدعم السريع متوفر له المال عبر دولة الإمارات، وبالتالي لن يصعب عليه الحصول على المسيرات”، ويلفت الضابط العظيم انتباه “أفق جديد” إلى حجم مناجم الذهب التي تحت يد قوات الدعم السريع قائلا “مؤكد أن الذهب مورد مهم لشراء المسيرات، وصواريخها، وترحيلها، والدفع للمشغلين”. ويشدد على أن الدعم السريع يحتاج إلى مشغلين أجانب من جماعة فاغنر، أو إثيوبيين للعمل على سلاح المسيرات الذي يحتاج إلى مهارات وإلمام باللغة الإنجليزية في الحد الأدنى للتعامل معه، كل ذلك يحتاج إلى المال، ويمول الدعم السريع تلك العمليات أو بعضها على الأقل من الذهب.

معركة لا تستثي أرضًا

وباستعراض تلك الآراء مع مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعضو المجلس المصري للشؤون الأفريقية، د. أماني الطويل يصل فريق “أفق جديد” إلى أن سباقا على سلاح المسيرات قد بدأ في السودان مما يعني انتقال الحرب في السودان إلى مربع جديد لم تعد فيه منطقة آمنة ومجموع أرض السودان الآن باتت ميدان للمعركة الدائرة منذ 15 أبريل 2023، وهي الخلاصة ذاتها التي وصلت إليها النازحة المسنة سعدية فتح الباب، بمفرداتها البسيطة، وهي تقول لمحرر المجلة “لم نعد آمنين هنا، وصلنا إلى هذه المدينة ظنا إنها الأكثر أمنا لكنهم الآن لاحقونا عبر السماء شاهدت في الليلة السابقة النيران تنطلق إلى السماء قالوا إنها تطارد مسيرات”، وتردف “عدنا مرة أخرى للاختباء تحت الأسرة، يا ولدي”.

وتقول الطويل “التطور العسكري المرتبط بالمسيرات في السودان هو تطور مؤسف  لأنه يعطي مؤشرا بأنه لا توجد أي إرادة سياسية لإنهاء هذه الحرب أو الدخول في تفاعلات أو ديناميات جادة لوقف إطلاق النار على الأقل”. وتضيف لـ”أفق جديد” “أظن أن الطرف الذي يملك طائرات متطورة عن تلك التي في يد الآخر ستكون له اليد العليا في مسار العمليات العسكرية، وبالتالي أظن أن الحصول على “الدرونز” المتطورة سيكون محل تنافس بين الطرفين العسكريين المصطرعين على الأرض”، وتمضي إلى القول “لعلنا نذكر في هذا السياق أن حرب تقراي حسمها إلى حد بعيد لصالح حكومة أديس أبابا هو “الدرونز” التي حصلت عليها من إحدى الدول العربية، على الرغم من أن التقراي كانوا على أبواب أديس أبابا وقتها، أيضا معارك طرابلس كانت “الدرونز” فيها بطلة”. وتخلص الطويل إلى أن دخول الطائرات بدون طيار على نطاق واسع وبتقنيات عالية قد تقلب الموازن العسكرية لصالح الطرف الذي يحوز على طائرات أكثر تقدما وتطورا من الناحية التقنية والتكنولوجية لأنها تتيح  دقة التصويب والقدرة على الوصول إلى الأهداف، كل هذه الموازين يمكن أن تجعل طرفا يتفوق شعلى الآخر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى