مليشيات تتناسل
- مليشيات تتناسل والرحم ولاد
- الجيش السوداني وحلفاؤه
- القوات المشتركة
- قوات مصطفى تنمبور
- الأورطة الشرقية
- كتيبة البراء بن مالك
- كتيبة البرق الخاطف
- هيئة العمليات
- قوات العمل الخاص
- المقاومة الشعبية
- الحركة الشعبية جناح عقار
- الدعم السريع وحلفاؤها
- قوات البيشي وجلحة وقجة
- قوات "أم باغة"
- مستنفرو القبائل
- قوات خارج المعركة
- قوات الطاهر حجر
- قوات الهادي إدريس
- قوات حركة تحرير السودان– عبد الواحد نور
- قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان– عبد العزيز الحلو
سيطر الجيش على الحكم عن طريق الانقلابات العسكرية، المدعومة في كثير من الأحيان بواسطة قوى مدنية: إبراهيم عبود (1958م-1964م)، جعفر النميري (1969م-1985م)، عمر البشير (1989م-2019م)، عبد الفتاح البرهان 2021م وحتى تاريخه.
أفق جديد
أطلق المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، الأسبوع الماضي تحذيرات جدية من تداعيات الحرب في السودان، قائلاً إنها تفاقم الأزمة الإنسانية وتعطلُ فرص السلام في البلاد، وتجعل السودان، أقرب إلى التفكك والإنهيار والغرق في الفشل. ويقول مراقبون إن استمرار المواجهات العنيفة على الأرض، يجعل فرص الحوار محدودة ويضعف الإرادة لدى الأطراف المتنازعة لإنهاء الحرب التي تشعبت أطرافها وتناسلت مليشياتها وبات التدخل الإقليمي فيها أكثر وضوحاً، حتى باتت أقرب إلى حرب الوكالة منها إلى نزاع داخلي، ويفتح تمسك طرفيها (الجيش والدعم السريع) بخيار الحسم العسكري، وإفشال، بطرق مختلفة، كل المحاولات التي بذلت خلال فترة 616 يوماً من عمر الحرب، التي تهدف إلى إنهائها، العديد من الأسئلة عن مصادر التمويل، ومن يغذيها بالسلاح، كم بلغت كلفتها المباشرة، قدرة الطرفين على الحسم العسكري على أرض الواقع، وما هي أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية الداعمة لكل طرف، ونقاط القوة، والضعف وحجم العتاد العسكري إضافة إلى تماسك تحالفات الطرفين، وصمودها أمام العديد من المطبات التي تعترضها ومن يقاتل لمصلحة.
تحالفات متناقضة وقوة تتداعى
منهكٌ بدا الجيش السوداني، ويفتقر إلى عنصر المبادءة، خسر في أيام العديد من مواقعه، مما جعل الكثير من المراقبين، يشعرون وكأن هذه القوة التي تمتلك من المعاهد، وأجهزة الاستخبارات أنها تفاجأت بالحرب، ومعلوم أن نواة الجيش الأولى تخلقت في العام 1925م، بواسطة المستعمر تحت اسم “قوة دفاع السودان”، التي تحولت عقب الاستقلال إلى الجيش الوطني.
منذ الاستقلال غرق الجيش في حروبات متوالية، لم يكد يخرج من حرب إلا ودخل الثانية، فالحرب في جنوب السودان اندلعت في العام 1955م، أي قبل الاستقلال، ولم تتوقف إلا لفترة محدودة عبر اتفاق أديس أبابا في العام 1972م لتعود وتشتعل في 1983م، واستمرت لمدة 22 عاماً مما جعلها تستحق لقب أطول حروب القارة الأفريقية بجدارة لتنتهي بتوقيع اتفاقية السلام الشامل 2005م والتي منحت الجنوبيين حق تقرير المصير.
وقبل أن يصمت صوت البنادق في جنوب السودان اندلعت حرب وحشية في دارفور أدت إلى ملاحقة قائده المعزول عمر البشير بواسطة المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وظلت الحرب في دارفور مستعرة إلى أن تم توقيع اتفاق سلام جزئي في جوبا مع بعض الحركات، في يوم السبت 3 أكتوبر 2020، لم ينهي الحرب لكنه رفع الآمال في إمكانية إنهائها، وبالتزامن مع حرب دارفور كانت هناك حرب أخرى مشتعلة في أجزاء من البلاد، ففي العام 2011م ومع انفصال الجنوب، أشعل تنظيم المؤتمر الوطني وعن عمد حرباً في النيل الأزرق وجبال النوبة، من خلال تعمده طرد منسوبي الحركة الشعبية شمال من السلطة طمعاً في الإنفراد بالسلطة التي كان يتقاسمها مع الحركة بموجب اتفاقية السلام الشامل.
كل تلك الحروب مضاف إليها أخرى محدودة خاضها الجيش مع قوات التجمع الوطني المعارض حينها في شرق السودان يصبح مجموع الحروب الداخلية التي خاضها الجيش داخل حدوده قبل حرب 15 أبريل ما مجموعه 6 حروبات بعضها استمر لفترات طويلة، بالإضافة إلى تجربتين مع جيوش دول أخرى، الأولى كانت عبر وحدات محدودة شاركت في حرب الشرق الأوسط، والثانية يمكن وصفها بالمناوشات مع قوات ” فانو” الإثيوبية.
رغم تلك الخبرات المتطاولة في الحروب والتي تناهز السبعين عاماً من القتال المتواصل، واسئثار الجيش بحكم البلاد وغالبية الموازنة العامة واحتكاره بحسب خبراء، لما لا يقل عن 60% من حركة الاقتصاد في البلاد تعرض لهزات عنيفة عقب إندلاع المعارك مع الدعم السريع في 15 أبريل 2023م، إذ فقد سيطرته على كثير من الأقاليم السودانية وعلى رأسها العاصمة الخرطوم، والجزيرة، والنيل الأزرق ودارفور وكردفان، مع تسجيل خسائر في ولايتي سنار وأجزاء من النيل الأبيض، ما يعني أنه يبسط سيطرته بشكل كامل على أقاليم نهر النيل، والشمالية، والشرق.
نقاط قوة تتآكل
الجيش الذي دخل إلى معركة 15 أبريل يختلف عن الجيش بعد مضي أكثر من 600 يوم على الحرب من حيث القوة والتسليح والتماسك، فطبقاً لموقع “غلوبال فاير باور”، في نشرة العام 2023م، يحتل الجيش السوداني المرتبة 75 ضمن أقوى جيوش العالم، وقدّر الموقع المتخصص في الشؤون العسكرية، أفراد الجيش بنحو 150 ألف جندي، من ضمنهم 50 ألفاً كقوات احتياط.
ويمتلك الجيش طبقاً لذات الموقع 191 طائرة حربية من بينها 45 مقاتلة و37 مخصصة للهجوم، مع 72 مروحية 43 منها هجومية، هذا بخلاف طائرات الشحن، كما يمتلك الجيش 170 دبابة، وما يقارب 7 آلاف مركبة عسكرية مدرعة، بجانب ما يقارب 300 مدفع مقطور، و40 راجمة، وفيلق حربي على البحر الأحمر قوامه 18 وحدة.
القدرات العسكرية:
غير أن عدداً من الخبراء شككوا في مصداقية تقرير الموقع العسكري والذي استند على معلومات سابقة للحرب إلى جانب تقارير صناديق التمويل، مستشهدين بأن حديث قادة الجيش عندما اندلعت الحرب، بأن القوة المقاتلة التابعة للقوات المسلحة لا تتعدى العشرين ألفاً، والتقرير يقول إن عددها 150 ألفاً، وطبقاً لموظفين سابقين في وزارة المالية أن قوائم مرتبات القوات المسلحة كانت تضم مائتي ألف، مرجحين أن الأرقام التي اعتمد عليها التقرير هي ذات قوائم المرتبات والتي ثبت عدم صحتها عند إندلاع الحرب، وبالنسبة للعتاد العسكري المذكور في التقرير يقول ضابط معاشي إن تلك المقدرات قد تآكل في معظمها خلال الحرب بينما استولى الدعم السريع على جزء كبير منها من خلال دخوله إلى مخازن استراتيجية في بدايات الحرب، إلى جانب استيلائه على عدد من المعسكرات الرئيسة. ويقول القيادي في تنسيقية تحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” شهاب إبراهيم الطيب: “أعتقد أن معلومات “غلوبال فاير باور” غير دقيقة في الوقت الراهن لأنه بسبب تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية في السودان والمنطقة، تغيرت الكثير من الأرقام. ويضيف شهاب الذي شغل سابقاً منصب مساعد وزير وزارة شؤون مجلس الوزراء، أن الحرب في السودان أحدثت تغييرات كبيرة في قدرات الجيش السوداني.
لكن، عموماً تتغير هذه المعلومات غالباً لتقييم الجيوش بمرور الوقت وباستمرار. وأردف في حديثه لـ”أفق جديد” للمقارنة النسبية فقوة أي جيش لا تقاس بالأرقام فقط، بل تعتمد على عوامل أخرى مثل التدريب، الاستراتيجيات، الدعم اللوجستي، والروح المعنوية للقوات وغيرها، وفي ظل الوضع العسكري المتقلب للجيش السوداني ومنافسته على الشأن السياسي تسقط العديد من المعايير التي يمكن أن تصنفه كجيش مهني احترافي.
الإعلام والسند الشعبي
يرى الكثير من المراقبين أن من نقاط قوة الجيش الكبيرة تكمن في السند الشعبي الذي حظي به في بداية المعركة، والتي لعب فيها الإعلام دوراً محورياً من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع وترسيخ قناعة لدى الكثير من المكونات السكانية، لا سيما في الوسط والشمال وبعض من مناطق غرب البلاد، بأن الحرب الحالية هي حرب وجودية، يستهدف منها الدعم السريع استئصالهم لصالح “عرب الشتات”، وهو مصطلح يطلق على المجموعات العربية الرعوية المنتشرة بين السودان ودول تشاد وليبيا وإفريقيا الوسطى والنيجر.
ورغم الدور الذي لعبه الإعلام في تحشيد المواطنين وحفزهم لمساندة القوات المسلحة، إلا أن النهج الذي اتخذه الإعلام المساند للجيش جعل ذات القاعدة التي شكلها تتآكل يوماً بعد يوم في ظل استمرار الحرب وأجمع 3 من خبراء الإعلام تحدثت إليهم “أفق جديد” بوجود خلل كبير في إعلام المعركة، واعتبر رئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني الإعلام ظل نقطة ضعف الجيش طوال الفترة الماضية، على المستويين الرسمي والخاص.
وأضاف ميرغني في حديثه لـ”أفق جديد” الإعلام العسكري ظل غائباً تماماً ولا يظهر إلا في بيانات نادرة بأقل قدر من الرسالة الإعلامية، أما الإعلام الحكومي بحسب ميرغني مكبل بعجز الموارد أو عجز القدرات الإعلامية التي تحصره في أضيق ركن بلا تأثير على المتلقي.

ويرى ميرغني أن غياب الإعلام الرسمي بشقيه ترك فراغاً كبيراً ليملأه الإعلام الخاص، والذي عجز عن إنتاج رسائل إعلامية ناضجة رغم كثرة الوسائط وضخامة الإنفاق الرسمي عليها، وينهي حديثه بالقول “الإعلام المساند للجيش أضر به أكثر من دعمه”. وفي الاتجاه ذاته يذهب مالك ومدير مركز “طيبة برس” محمد لطيف قائلاً “الإجابة على سؤال إن كان الإعلام لعب دوراً سلبياً أم إيجابياً ِيقوم على الموقف من الحرب، والإعلام الداعم للجيش هو الإعلام الداعم للحرب، لأن موقف الجيش واستمرار الحرب وجهان لعملة واحدة، فإذا نظرنا للإعلام من موقع الرافضين للحرب نجده لعب دوراً سيئاً جداً، فيكفي أنه يبشر بالحرب”، وهذه إدانة للإعلام بحسب لطيف الذي مضى مفسراً بقوله “لا يوجد إعلام راشد وعاقل ومسؤول إلا وسعى للسلام وإنهاء الحروب، لكن الإعلام الذي يستمر في دعم استمرار الحرب هذا إعلام سالب بكل المقايس”. ويمضي محمد لطيف إلى أن الإعلام حتى في مساندته للحرب لعب دوراً سالباً، وقد خصم من معسكر المؤيدين للحرب الكثير، لأنه اعتمد على التضليل والكذب لملء فراغ موجود في الواقع، الآن الإعلام الداعم للحرب ظل يصور باستمرار بأن الميزان العسكري يميل لصالح الجيش، وهذا فيه الكثير من التزييد طبقاً للطيف الذي استدرك قائلاً “صحيح، الجيش ينجز تقدماً محدوداً في بعض المواقع لكنه لم يحرز انتصاراً حاسماً حتى الآن”. ويستمر لطيف “لكن إذا نظرت إلى الإعلام تجده تجاوز دوره في نقل المعلومات إلى صناعتها، ويقوم في كثير من الأحيان باختلاق انتصارات غير موجودة في الواقع بل الكثير من المناطق التي دخلها الجيش كانت نتيجة انسحابات من الدعم السريع”.
أمر آخر، القاعدة الأساسية، والحديث للطيف¬¬، تقول إن الإعلام والقوات المسلحة كليهما في خدمة الشعب السوداني وبالتالي هذا الإعلام يفترض أن يكونا في خدمة الرأي العام بتمليكه الحقائق والتبصير والتنوير بالآثار المدمرة للحرب، فهذا الإعلام لا تجده يتحدث عن الخسائر على المدنيين، ولا عن عن الأضرار التي تترتب على استمرار الحرب، فيما يتعلق بالبنى التحتية، ولا يتحدث عن معاناة النازحين واللاجئين ولا يتحدث عن نتائج الحرب إلا إذا تعلق الأمر بإدانة الدعم السريع، لكن النتائج المترتبة على استمرار الحرب نفسها غض النظر عن من ارتكبها، هذا الجانب الإعلام لا يتحدث عنه، إذاً هو إعلام تخلى عن دوره الأساسي في تمليك الحقائق للرأي العام وبالتالي هو إعلام تضليلي وغير راشد، وهذا ما يترتب عليه خسائر على الجيش نفسه، لأن المواطن الذي يكتشف أن المعلومات التي كانت تنقل له غير صحيحة إدانته لن تتوقف على الوسيلة الناقلة وإنما تصل الإدانة إلى المصدر نفسه، وهو ما حدث الآن بعد أن بدأ الرأي العام يكتشف زيف وكذب الإعلام الداعم للحرب، وبدأ يفقد ثقته فيه وفي المصدر نفسه الذي يدعمه هذا الإعلام.
وغير بعيد عن هذه الرؤية يتمحور حديث الصحفي المحسوب على “معسكر الكرامة” محمد حامد جمعة، مؤكداً وجود تباينات وتمرحلات من حيث الجودة والسوء، ويقول جمعة “القوالب أيضاً بها تبابين، فمثلاً في الأخبار ضعيف جداً بينما هو أفضل بكثير في الرأي”. ويلفت إلى أن هناك مشكلة كبيرة في الخطاب التعبوي فيها خلل بين ولا توجد له هوية محددة.

ويسترسل جمعة مفصلاً “إذ لا يوجد مركز موحد للأخبار مرتب ورسمي وهذا مفهوم بسبب شيوع ثقافة إتاحة النشر بالوسائط وهذا جعل الآلاف ينقلون رواية متداولة شعبياً لتتحول في كثير من الأحيان إلى أخبار تنقلها منصات إخبارية معتمدة وأحيانا قنوات”، ويردف “أحياناً يتم الحديث عن سيطرة على موقع هو حتى لحظة إشاعة الخبر هدف ولم يتم الوصول إليه، كما حدث مع واقعة ما أشيع عن تحرير مصفاة الجيلي”.
ويعتبر جمعة في حديثه لـ”أفق جديد”، أن النسق القديم في تمرير المعلومات عبر الناطق الرسمي للجيش تبدو مشكلة ظاهرة لكنها قطعاً ليست مسؤولية الناطق كشخص أو ضابط قدر ما أنها مسألة تتعلق بحاجة الجيش لاستحداث نسق جديد في الإشهار عن المعلومات، كما أنها مشكلة تتعلق بغياب الصوت الرسمي اليومي في عرض الأحداث والتعليق عليها بشكل إيجاز صحفي يومي، كما حدث سابقاً في بدايات عاصفة الحزم من العميد عسيري أو ما يحدث الآن من الجيش الإسرائيلي.

وطبقاً لجمعة، فإن هذا الفراغ امتلأ بعدد من المتحمسين والهواة ودخل الأمر سوق الترند والتكسب الإسفيري، وهذا أسهم في زيادة صيت لغة الحرب كما أنه أحياناً يقع في أخطاء كارثية أمنياً وأحياناً يضاعف من الخطاب الإعلامي الانفعالي الغوغائي، وهذا مهدد كبير للنسيج الاجتماعي لأنه مؤسس على لغة تخوين وتهديد وتنميطات سالبة.
ويخلص الخبراء الثلاثة ضمناً إلى أن ما بناه الإعلام من قاعدة شعبية في بداية الحرب عبر خطاب تعبوي تضليلي بدأ الجيش يفقده بعد أن فقد المواطن الثقة في الإعلام المساند له.
نقاط قوة تتشكل:
يعد تحول الجيش من خانة الدفاع التي ظل محشوراً فيها لفترة طويلة إلى خانة الهجوم وتحقيقه بعض الانتصارات في ولايتي سنار والخرطوم، إضافة إلى تمكنه من إعادة بناء سلاح الجو واستجلابه لطائرات حديثة إلى جانب استعانته بسلاح المسيرات وإجادته التعامل معه من نقاط القوة المكتسبة للجيش.
نقاط ضعف:
أما نقاط الضعف الرئيسة في الجيش، فتتمثل من وقائع الحال، في عجزه عن حماية الأهالي في كثير من الأقاليم من انتهاكات الدعم السريع، علاوة على تلك المتعلقة بطبيعته، ونعني هنا ضعف سلاح المشاة مقارنة بالتفوق.
كذلك أدى إسناد الجيش لمعظم مهام المشاة لقوات الدعم السريع باعتبارها قوات تدخل سريعة الحركة تعمل تحت إمرة الجيش، قبيل تاريخ 15 أبريل، إلى كثير من الضربات التي ما زال يتلقاها جنوده في المعارك الجارية، ومع انطلاق الرصاصة الأولى، تمكنت عناصر المليشيا بحكم تعدادهم وتدريبهم على خوض حروب المدن.
تحالفات الأضداد
أربكت نقاط الضعف البائنة، والتقدم المطرد لقوات الدعم السريع قيادة قوات المسلحة والقوة المتحالفة معها في الأيام الأولى للحرب، مما دفعها إلى البحث عن تحالفات جديدة، فضغطت على حركات دارفور المسلحة التي اتخذت في بداية الحرب موقف الحياد لتنضم إلى القتال معها، فانقسمت تلك الحركات، لينضم قائد حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم إلى القتال بجانب الجيش، بينما استمر الهادي إدريس والطاهر في حجر في حيادهما، والذي جعلهما أقرب إلى الدعم السريع، ولم يكتفي الجيش بذلك فذهب إلى بناء مليشيات جديدة، فكانت قوات مصطفى تنمبور، وقوات الأورطة الشرقية، إلى جانب بعض القوات الصغيرة مثل مليشيا أولاد قمري في الولاية الشمالية، وذهب الجيش أكثر من ذلك، ليتمكن من ضم قائد درع البطانة، أبو عاقلة كيكل إلى صفوفه بعد أن كان أحد أبرز قائد لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة.
تلك التحالفات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، بحسب وصف ضابط رفيع تقاعد في وقت مبكر من جهاز الأمن والمخابرات، ويقول إن تحالفات الجيش تحمل العديد من التناقضات وإنها دخلت الحرب بدوافع مختلفة وكل منها يستبطن أجندة مغايرة للآخر، مما يرشحها إلى صدام ربما لن يطول انتظاره، ويلفت الضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه إلى الخلافات الواضحة بين قوات الأورطة الشرقية وقوات أخرى تنتمي إلى ذات الإقليم، لم تدخل الحرب حتى الآن ولكنها لا تخفي دعمها إلى الجيش، إلى جانب عدم رضا كتائب الإسلاميين عن بقية الفصائل بما فيها قوات مالك عقار التي انخرطت مبكراً في الحرب، وقوات تحرير السودان، وكذلك غضبها غير المخفي من انضمام كيكل للجيش وإعلانها استهدافه أينما واتتها الفرصة، الأمر الذي يجعل الرجل يحتمي بقبيلته في البطانة.
كتيبة البراء بن مالك
هي تشكيل عسكري، قوامه شباب الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني (المحلوليْن) بعد الثورة الشعبية التي أطاحت نظام البشير في أبريل 2019م، هذه القوات عالية التدريب، مجهولة العدد إذ لا يوجد تقدير دقيق لحجم أفرادها المنخرطين في القتال، انضمت إلى القتال في اليوم الأول للحرب بل يتهمها الكثير من المراقبين أنها من أطلقت الرصاصة الأولى في المدينة الرياضية صبيحة السبت 15 أبريل 2023م.
فبعد ساعات من انطلاق الرصاصة الأولى من الحرب كتب قائد الكتيبة على صفحته بفيسبوك ويدعى أبو زيد: “أوامر التسليح صدرت خلاص”، ونشر على صفحة قوات الاحتياطي المركزي فيديو يؤكد استلامهم السلاح من مخازن الجيش السوداني، رغم أن أوامر الاستنفار لمقاتلي الاحتياط صدرت بعد أكثر من شهر من ذلك.
وفي أواخر يونيو 2023م، عادت الكتيبة إلى الواجهة من جديد، بعد انتشار مقاطع لعملياتها على الأرض. وفي 4 يوليو 2023م، انتشر فيديو يُظهر احتشاد قواتها وقوات كتائب شعبية أخرى في معسكر “نسور الاحتياطي المركزي”.
كما لوحظ أن الصفحة الرئيسة لحزب المؤتمر الوطني على فيسبوك قامت بنشر عدد من الفيديوهات الداعمة للكتيبة، وهو الأمر الذي يعزز فرضية إدارتها من داخل الحزب المحلول”.
ويقول إسلاميون مقربون من قيادات الكتيبة، إن تعداد أفرادها يتراوح ما بين 7 آلاف إلى عشرة آلاف، وإن معظم أفرادها تلقوا تدريبات عالية جداً داخل وخارج السودان، ويؤكدون أن قوام تلك القوات يعود إلى كتائب المجاهدين التي خاضت الحرب في الجنوب، بينما انضم إليها العديدون في الفترة التي أعقبت سقوط نظام الإنقاذ وكانت تتلقى تدريبات دورية تحت مسمى قوات الاحتياط، في عدد من معسكرات الجييش تحت إشراف ضباط إسلاميين.
وتقول الكتيبة إنها تأتمر بإمرة الجيش، وإن عناصرها تلقوا تدريباتهم على يد ضباط الكلية الحربية السودانية، وتبرر انخراطها في القتال من باب الحرص على الوطن وحماية الأهالي من انتهاكات وجرائم الدعم السريع وتكمن قوة الكتيبة في أن معظم أفرادها من الأجيال التي تلقت تعليماً رفيع المستوى، ويظهر ذلك في وجودهم ضمن الطواقم التي تدير المسيرات الحربية، طبقاً لعدد من التقارير الإعلامية التي نشرت عن الحرب.
ورغم تلك التأكيدات إلا أن الواضح للمراقبين أن الكتيبة تتمتع باستقلالية واضحة في تحركاتها بمعزل عن الجيش بل في بعض الأحيان وفقاً لما يقوله ضابط الأمن المتقاعد، إنها هي من تقود العمليات وتخطط لها وإنها تجبر الجيش بالضغط الإعلامي لتنفيذ خططها ومخططاتها.
وتواجه الكتيبة اتهامات معضددة بالأدلة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وممارسات إرهابية مثل قطع رؤوس عناصر يتبعون للدعم السريع، وبقر بطون بعضهم وتصفية الأسرى، إذ ظهر بعض منسوبيها وهم يقومون بتصفية الأسرى ومن يتهمونهم بالتعاون مع الدعم السريع، وعادة ما يكون المتهمون من المنتمين للقوى السياسية التي قادت ثورة ديسمبر، مما يرجح أنها تصفيات سياسية.
وتشير أصابع الاتهام، إليها باعتبارها الجهة العسكرية المؤججة للحرب والرافضة للحلول السياسية وتمتلك الكتيبة منصات إعلامية باسمها ويساندها منسوبو الحركة الإسلامية بوضوح وينسبون لها معظم الانتصارات التي تحدث في مناطق العمليات.
كتيبة البرق الخاطف
لا يختلف هذا التشكيل العسكري في قوامه عن كتيبة البراء بن مالك، بل يتداخل معها، وإن كان أقل سيطاً من الأولى. وبحسب مصادر في الحركة الإسلامية، أن كتيبة البرق الخاطف يشرف عليها تسليحاً وتدريباً جهاز المخابرات العامة، وكان أول إعلان رسمي عنها في الأسبوع الماضي بمحافظة قدير بجنوب كردفان، حيث نشرت وكالة الأنباء الرسمية “سونا” خبراً يقول (محافظة قدير تودع كتيبة البرق الخاطف والمقاومة الشعبية للمشاركة في معركة الكرامة). وإن كان القيادي في المؤتمر الوطني المحلول محمد مساعد قد أورد ذكرها ضمن تصريح نشره موقع “النيلين” الأخباري في منتصف سبتمبر 2023م، قال فيه “لواءات البراء بن مالك والبرق الخاطف، والطيارين “كتيبة الشهيد هشام عبد الله” وغيرها من كتائب الإسلاميين هي موجودة قبل تأسيس قوات الدعم السريع المتمردة والمحلولة، وهي قوات احتياط للجيش غير فاعلة”.
ووصف مساعد، وهو من القيادات التي كانت تبشر بقرب إندلاع الحرب، عبارة غير فاعلة أنها جوهر إختلافها من أي مليشيا أو حركة مسلحة داخل السودان وبجعلها قوات احتياط للجيش السوداني وليست قوات موازية له.
ورغم شح المعلومات حول “البرق الخاطف” والتي تحاط بسرية كبيرة إذ رفض معظم الإسلاميين الذين حاولت “أفق جديد” استنطاقهم حولها الحديث، لكن بمراجعة عدد من الصفحات المحسوبة على التنظيم وجدنا أن عدداً كبيراً من منسوبي الكتيبة قد سقطوا قتلى في هذه الحرب، وقامت الكتيبة بنشر نعي لعدد من منسوبيها، وكان لافتاً نعي أحد قتلاها ويدعى محمد أحمد الشيخ، حيث نص على الآتي (اليوم تذف كتيبة البرق الخاطف عريساً آخر شهيداً في محور جبل موية… حيث ظلت هذه الكتيبة الخاصة كتيبة البرق الخاطف تقدم شهيداً تلو الآخر في كافة جبهات القتال: (هجليج وأبو كرشولا وفارينق وونكاي ومانكن وكاجو كاجي وفانشنق وتوريت الأولى وتوريت الثانية ورساي وسرق الاستوائية وبحر الغزال وقيسان والكرمك وبانتيو وجبل ملح وخور إنجليز وخور دليب وديسة والبونج وأمدرمان والمدرعات وسلاح الإشارة… ألخ)، في إشارة واضحة إلى أن الكتيبة موجودة منذ فترة ليست بالقصيرة.
قوات مصطفى تنمبور:
ومصطفى تنمبور هو قائد فصيل تمبور المتفرع من حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور والناطق العسكري السابق للحركة، عقب الثورة السودانية، انضم فصيل تمبور إلى تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، إلا أنه قرر الخروج من التحالف في 2022م، وبرر تمبور ذلك بأن الحركة لم تكن جزءاً من أي قرار يتم اتخاذه، وأن التحالف يتبع نهجاً إقصائياً. والتحق فصيل تمبور باتفاق السلام السوداني الموقع مع حكومة السودان في 2020م.
في مايو 2021، وبعد أسابيع من اشتباكات قبلية دامية وقعت في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، أعلن تمبور عن مبادرة للتعايش السلمي والسلام المجتمعي لوقف الحرب في دارفور، وتحديداً في ولايتي جنوب وغرب دارفور.
عقب زيارة وفد إسرائيلي للسودان في فبراير 2023م، رحب تمبور بالزيارة قائلاً إنها خطوة في مسار التطبيع الكامل مع تل أبيب، واعتبر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي شأناً خاصاً بالدولتين دون غيرهما.
في مايو 2023م، عقب اندلاع الحرب بشهر، تعرض منزل تمبور في منطقة الرياض بالخرطوم للاقتحام والنهب من قبل مجموعة تابعة لقوات الدعم السريع. وفي 17 يوليو من العام ذاته، أعلن مصطفى تمبور عن قتل شقيقه المتوكل على يد قوات الدعم السريع، حيث اعترضته عندما كان متجهاً من نيالا إلى زالنجي وأطلقت عليه الرصاص. في أواخر يوليو، أعلن تمبور انضمامه للقتال مع القوات المسلحة ضد قوات الدعم السريع في دارفور، وشارك في معارك خلال حصار زالنجي أدت إلى مقتل 27 وإصابة 41 وأسر 14 من أفراد الدعم السريع. وتقدر قوات تنمبور بعدة مئات، ولا تتمتع بالقدرة القتالية الكافية، وتكمن قوة تنمبور في أنه أحد أبناء قبيلة الفور التي ظلت بعيدة عن الصراع الحالي.
هيئة العمليات
هيئة العمليات قوات تشكلت في العام 2005م على يد مدير جهاز المخابرات الأسبق صلاح قوش، وتعد إحدى الأذرع العسكرية التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، وهي قوة خاصة تأسست لحماية النظام وتنفيذ العمليات الأمنية والاستخباراتية، بما في ذلك مكافحة التمرد وحماية المنشآت الحيوية، وقد تلقت تدريبات متقدمة في حرب المدن وحرب العصابات، ويقدر قوامها بـ13 ألف جندي.
دورها وتاريخها:
تفكيكها:
بعد سقوط نظام البشير في أبريل 2019م، تم حل هيئة العمليات كجزء من إعادة هيكلة جهاز الأمن والمخابرات الوطني وتحويله إلى جهاز المخابرات العامة، القوة فقدت