فراق بإحسان

البرهان يستمر في الهروب إلى الأمام، ظانًا أنه سينجو بالدم الذي سفكه، فالرجل  منذ أن ظهر في المشهد يوم ١٢ أبريل ٢٠١٩، يكذب الكذبة تلو الأخرى، يعلن موقفًا ويضمر آخر، يقول كلامًا ويفعل ضده.

البرهان الذي عندما خرج من القيادة العامة كان ينفي دون أن يرمش له جفن أن يكون من بين الذين يقاتلون إلى جانبه كيزان، ولا يزال خطابه أمام الجنود الذي يقول فيه (قالوا إنتو كيزان شايفين ليكم كيزان هنا) مبذولًا في الوسائط، ولا يزال نفيه المغلظ في مؤتمره الصحافي الذي عقده عند زيارته للقاهرة  موجودًا، البرهان خرج علينا بعد أن حاصرته جرائم حلفائه ليقول لهم إنهم لن يحكموا على أشلاء السودانيين، وهو يعلم أن أشلاء السودانيين لا تعني له ولا لحلفائه شيئًا، فالأشلاء خاضوا فيها بداية من دارفور إلى جبال النوبة والنيل الأزرق، منذ أن سطوا على السلطة في ٣٠ يونيو ١٩٨٩، وليس انتهاء بحربهم الأخيرة هذه، وتظل جريمة اعتصام القيادة شاخصة، تطاردهم بالجزاء الدنيوي، وفي الآخرة، يوم تقف أمهات الشهداء ليقتصصن منهم واحدًا واحدًا.

البرهان يظن بعبارته تلك ومساعيه لتفصيل حكومة مدنية على مقاس ما يريد سيخدع الاتحاد الأفريقي ليعيد له مقعد البلاد المجمد، ويغازل المجتمع الدولي ليمنحه الشرعية التي باتت عقدته الدائمة.

لم يكتفِ الرجل بذلك بل بلغ به التيه مبلغ أن يخاطب قوى الثورة ممثلة في تحالف تقدم بأنه سيعفو عنهم إن هم فضوا تحالفهم عن الدعم السريع. والرجل  يعلم من الذي يجب عليه أن يطلب العفو.

ويعلم أن قيادات تقدم وقواها الحية لا توالي في هذه الحرب أحدًا غير المواطن السوداني المغلوب على أمره، ولا تنتظر منه أو من غيره صك عفو أو مغفرة، لأنها تعلم ماذا تفعل ومتى تفعل، فالثورة وقيمها هي الفعل ولن تكون رد الفعل أبدًا.

الآن وقد ذهبت تقدم إلى أضابير التاريخ ليحكم عليها سلبًا أو إيجابًا، وخرج من دخلوها مرفوعي الرؤوس، جمعهم هم إيقاف الحرب، وفرقهم برقي ذات الهم. منهم من رأى مقارعة البرهان وحلفائه بذات طريقتهم، البندقية بالبندقية والحكومة بالحكومة، ولهم مبرراتهم، ومنهم من رأى أن العمل السياسي السلمي البعيد عن الاحتماء بالسلاح، هو طريقهم وسبيل الثورة الذي سلكته منذ اندلاعها في ٢٠١٨، ويجب أن يستمر وفيه وبه يمضون إلى هدفهم المشترك اقتلاع هذه المجموعة الإرهابية من مفاصل الدولة وشرايينها التي تمكنت منها وفيها، والفريقان اتفقا على الافتراق باحترام، وهو حجر الزاوية الذي يجب أن نشيد عليه بناء السودان الجديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى