مفوضية للتضامن لا الاستقطاب

مريم الصادق
مريم الصادق

سيتم انتخاب الرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي خلال القمة الـ38 للاتحاد الإفريقي في أديس أبابا خلال أيام، وذلك من قبل الجمعية العامة للاتحاد عبر اقتراع سري. وقد جاء رؤساء المفوضية السابقون من مناطق غرب ووسط وجنوب إفريقيا. وأكد المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي حق منطقة شرق إفريقيا في تقديم الرئيس المقبل، على أن تتولى شمال إفريقيا منصب نائب الرئيس.

المتنافسون على منصب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في انتخابات 2025 هم:

محمود علي يوسف (59 عاماً)، وزير الخارجية السابق لجيبوتي.

رايلا أودينغا (80 عاماً)، رئيس وزراء كينيا السابق.

ريتشارد راندرياماندريات (66 عاماً)، وزير الخارجية السابق لمدغشقر.

تتطلب عملية انتخاب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي حصول المرشح على أغلبية الثلثين من بين الدول الأعضاء البالغ عددها 55 دولة، وهو أمر غالباً ما يستدعي تكوين تحالفات إقليمية ومفاوضات استراتيجية.

وفي مناظرة الانتخابات، برز كل من يوسف وأودينغا كأقوى المرشحين في السباق لقيادة أهم كيان إفريقي.

إن أهمية تولي إقليم شرق إفريقيا قيادة مفوضية الاتحاد الإفريقي خلال هذه الفترة الحرجة لا يمكن التقليل من شأنها، نظراً للتحديات الكبرى التي تواجه منطقة القرن الإفريقي. إلى جانب المشكلات المزمنة التي تعصف بالقارة، هناك تهديدات أكثر تحديداً تستهدف المنطقة الشرقية، ومنها:

تزايد التدخلات الدولية في المنطقة، وما يرافق ذلك من تعقيد للنزاعات المتعددة في الدول المطلة على البحر الأحمر.

النزاعات الداخلية والحروب الأهلية في السودان، وإثيوبيا، وجنوب السودان.

التنافس الخليجي الإيراني المستمر، والحرب في اليمن، بالإضافة إلى طموحات بعض هذه الدول في السيطرة على موانئ البحر الأحمر.

تصاعد الصراع العربي الإسرائيلي في غزة ولبنان وتأثيره على استقرار مصر والأردن، خاصة بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي المنتخب حديثاً.

السباق الأمريكي الصيني الروسي على إفريقيا، والسيطرة على هذا الممر الحيوي، إلى جانب مخاوف امتداد الحرب في السودان إلى بقية المنطقة، مما قد يؤثر على تفاقم الجرائم المنظمة، والاتجار بالبشر، وتجارة الأسلحة والمخدرات غير المشروعة، وتعاون الجماعات الإرهابية في غرب وشرق إفريقيا.

فشل تحقيق وعد إسكات البنادق بحلول عام 2020، أو حتى وقف اشتعالها، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة بعد جائحة كورونا، وزيادة عدد الدول الإفريقية الهشة أو الفاشلة، وهو ما يهدد تحقيق أهداف أجندة 2063، ويزيد من معاناة النساء والأطفال في القارة.

لذلك، من المهم استغلال هذه الانتخابات القادمة لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي كوسيلة للوحدة والتضامن، بدلاً من إهدار الجهود في مزيد من الاستقطاب.

وأعتقد أنه من الممكن التوصل إلى توافق إذا كانت مصلحة الشعوب الإفريقية هي الأولوية، بدلاً من التركيز على الشؤون الداخلية لكل دولة.

كلا المرشحين يتمتعان بفرصة حقيقية للفوز، كما نعلم جميعاً خبراتهما، والجهود التي تبذلها الدول لضمان نجاح كل منهما، والأجندة المهمة التي وضعاها في برامجهما الانتخابية.

السيد رايلا أودينغا، رئيس وزراء كينيا السابق، أيقونة في الإيمان بالديمقراطية. إن مثابرته على خوض الانتخابات وقبوله بنتائج الاقتراعات المتقاربة أمر يستحق التقدير. إن حكمته وخبرته والتزامه بالديمقراطية أمور ضرورية لهيئة الحكماء.

أما السيد محمود علي يوسف، فهو الأنسب والأجدر ليكون الرئيس الجديد لمفوضية الاتحاد الإفريقي، حيث يتمتع برؤية واضحة وحيوية بأن على الأفارقة تحمل مسؤولية أجندة السلام والأمن في قارتهم. يرى أن الدعم الأجنبي أعاق التقدم المستدام، ويؤكد أن هذه القضية يجب معالجتها بفعالية وشفافية. كما يطالب بأن يتخذ مجلس السلم والأمن دوراً استباقياً بدلاً من الدور التفاعلي الذي يلعبه حالياً، وذلك من خلال الإرادة السياسية لاستغلال الموارد الإفريقية، بدلاً من الاعتماد فقط على الاتحاد الأوروبي والشركاء الأجانب.

بهذه الطريقة التكاملية، يمكن لمنطقة شرق إفريقيا أن تقدم نموذجاً يحتذى به في حل النزاعات من خلال نهج شامل، يعزز قيم التعاون والسيناريوهات التي تحقق المكاسب المشتركة والرؤية الاستراتيجية. هذه القيم ضرورية لتحسين أوضاع القارة الإفريقية بأكملها، وترسيخ المبادئ الديمقراطية، حيث يُمثل “التوافق” أرقى أشكالها.

شكرًا لكم

مريم الصادق المهدي

وزيرة خارجية السودان السابقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى