إغلاق الجامعات في الخارج.. استحالة العودة

تضم ولاية الخرطوم نحو 80 في المائة من الجامعات بواقع

55 جامعة خسرت بنيتها التحتية جراء الحرب  قدرت جامعة الجزيرة الخسائر في بنيتها العامة بـ300

مليون دولار، وفقًا لبيان في مارس الماضي إلى ديار النزوح وخارج البلاد لجأ حوالي

70 في المائة من أساتذة الجامعات عدد الطلاب الذين لجأوا إلى مصر أكثر من

70 ألف طالب وفقًا لإحصائياتٍ غير رسمية 

 

وسيلة حسين

وسط بنية تعليمية مُدمرة، وفقدان أكثر من 55 جامعة بالخرطوم أصولها ومبانيها وممتلكاتها، ونهبها بالكامل، واستمرار المعارك في السودان، يجيء قرار وزارة التعليم العالي في السودان بإغلاق المراكز الجامعية خارج البلاد وإلزامها بالعودة صادمًا لعشرات الجامعات والأسر اللاجئة، التي تكابد محاولات الاستقرار بالخارج لعامين متتاليين، ليواصل آلاف من أبنائها الطلاب تعليمهم ويشقون طريقًا آمنًا نحو المستقبل.

في شهر فبراير الماضي، أصدر وزير التعليم العالي، محمد حسن دهب، قرارًا يقضي بإغلاق مراكز الجامعات في الخارج والعودة فورًا إلى السودان للعمل من الداخل، وبرر قراره الإلزامي، بتوسع انتشار القوات المسلحة في المدن والولايات، ورغبة الوزارة في إعمار الجامعات، رابطًا بين مسار التعليم الأكاديمي وسير الحرب.

وحصد القرار الذي يحمل بين طياته وعيدًا وبُعدًا سياسيًا ملحوظًا انتقاداتٍ واسعةٍ من إدارات الجامعات وأولياء الأمور والطلاب الذين تفرقوا بين الدول بعد اندلاع الحرب:

“قرار وزير التعليم العالي بعودة عمل الجامعات السودانية من الداخل في ظل استمرار الحرب وانعدام أبسط مقومات العملية التعليمية غير موضوعي، ووجد انتقادًا واسعًا من داخل مجموعات إدارات الجامعات نفسها”. يقول محمد عبد الرحمن “بوب” الأستاذ الجامعي، مضيفًا في حديث مع “أفق جديد”: “لا أعتقد بأنه سيتم الاستجابة لهذا القرار، على الأقل في الوقت الحالي، وهو في رأيي قرارٌ سياسي بحت، يريدون من خلاله تهيئة الرأي العام للعودة للخرطوم، سيما أن الجامعات وسيلة ضغط هائل على عدد كبير من الأسر”.

 تضم ولاية الخرطوم، التي لا تزال تندلع فيها معارك عنيفة وقصف مدفعي وتحليق طيران حربي، نحو 80% من الجامعات الخاصة والحكومية، بواقع 55 جامعة خسرت بنيتها التحتية جراء الحرب، نقلت البعض منها مقارها خارج السودان. وتشمل الخسائر القاعات والمكتبات والمعامل وصناديق دعم الطلاب والداخليات وجميع المطلوبات الأكاديمية والتعليمية. وقدرت جامعة الجزيرة الخسائر في بنيتها العامة بـ 300 مليون دولار، وفقًا لبيان أصدره وكيل الجامعة في 11 مارس 2025. بينما لجأ 70% من أساتذة الجامعات إلى خارج البلاد أو تفرقوا في رحلة نزوح داخلي باهظة، وسط أوضاع معيشية واجتماعية صعبة.

 ووفقًا لإحصائياتٍ غير رسمية فإن عدد الطلاب السودانيين الذين لجأوا إلى جمهورية مصر يفوق أكثر من 70 ألف طالب، يدرس أغلبهم على نفقته الخاصة في الجامعات المصرية وبعض المراكز السودانية التي لجأت إلى هناك، بينما تفرق الطلاب السودانيون إلى دول أخرى شملت تركيا وماليزيا ودول شرق ووسط أفريقيا لإتمام دراستهم الجامعية، ومحاولة تعويض عامين من الحرب تراكمت خلالها الدفعات الدراسية وانهارت فيها العملية التعليمية الجامعية برمتها.

متحدثًا إلى “أفق جديد” يخبر الطالب راشد عثمان، أنه أنفق وقتًا طويلًا للتأقلم الأكاديمي والنفسي في بيئة اللجوء القاسية في مصر، التي لجأ إليها بعد رحلة مضنية عبر البر ليكمل تعليمه هناك: “تراكمت سنواتي في الجامعة منذ ما قبل الحرب، وأضاعت الحرب عام تخرجي الذي كان من الممكن أن يكون قبل عامين”. يقول في حديث مع “أفق جديد”. ويضيف قاطعًا: “لن أعود، سأتابع دراستي بعيدًا عن الحرب وأجوائها الكريهة، مهما كلف”.

بدوره يُشكك المُدرب بالجامعات السودانية فتح الرحمن الضو بعودة الجامعات السودانية للعمل من الداخل واستحالة توفير ضمانات لاستمرارها رغم انخفاض وتيرة العمليات العسكرية المباشرة في ولاية الخرطوم، متسائلًا: “طيّب، ما هو مصير الجامعات في مناطق سيطرة الدعم السريع؟”. ويضيف قي حديث مع “أفق جديد”: “لا أعتقد أن الحرب ستنتهي قريبًا، علاوة على أن البيئة الجامعية لن تتهيأ قريبًا لاستقبال الطلاب”.

ويُخبر الضو أن أغلب أساتذة الجامعات لم يصرفوا مستحقاتهم المالية ويعمل من بقي منهم في مهنٍ هامشية تحت ضغط اجتماعي ونفسي رهيب. “بأي رسوم ستعمل الجامعات الخاصة، بينما لا يزال من تبقوا في ولاية الخرطوم من المواطنين بلا عمل ويتلقون مساعدات التكايا وأموال الاغتراب؟” يتساءل مجددًا ويضيف: “ليس منطقيًا أن يصدر مثل هكذا قرار، إنه سياسي بامتياز”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى