الابيض تتنفس .. الحياة تعود ولكن الحرب لم تنته
رصد لملامح انفراج محدود في عروس الرمال بعد عامين من الحصار.. كيف يعمل التعافي الاقتصادي رغم الهشاشة الأمنية؟
دخلت المدينة بالتقريب حوالي 110 آلاف جالون شكلت حلًا لأزمة الوقود المستفحلة
مصدر بوزارة المالية الولائية أشار إلى وصول 11 شاحنة تانكر سعة
10 آلاف جالون إلى الأبيض عن طريق الأسفلت بعد دخول الجيش
مدينة الأبيض بها أكثر من 70 طلمبة وقود عاودت الخدمة منها حوالي
6 طلمبات على الأكثر كلها في وسط المدينة
الأبيض- قرشي عوض
في اليوم التالي لوصول الجيش السوداني “متحرك الصياد” إلى مدينة الأبيض والتحامه بفرقة “قوات الهجانة” المرابطة داخل المدينة، بعد تنظيف الطريق المؤدي إلى مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض من قوات الدعم السريع، تنفست “عروس الرمال” المحاصرة لقرابة العامين الصعداء، وإن كانت مظاهر الحرب لا تزال هي المسيطرة، كما لا تزال الطرق الداخلية مليئة بالخنادق وتقام عليها الاستحكامات العسكرية.
لم تنخفض أسعار السلع بالقدر المتوقع، لكنها أصبحت متوفرة، كما قلت تدريجيًا محلات بيع الوقود على الطرقات بعد أن كانت تنتشر أمام محطات الوقود القديمة في وضع لا يمكن فيه الحديث عن إجراءات السلامة، لكنها لم تختف نهائيًا، رغم كميات الوقود الكبيرة التي دخلت إلى الأبيض مع “متحرك الصياد”.
وذكر مصدر بوزارة المالية الولائية – رفض الإشارة إلى اسمه – أن 11 شاحنة “تانكر” سعة 10 آلاف جالون وصلت إلى الأبيض عن طريق الإسفلت بعد أن أعاد الجيش السوداني سيطرته عليه. هذا غير الوقود الذي وصل إلى المدينة بطرق أخرى لا يمكن حصرها، تنشط فيها شاحنات “تناكر” سعة 6 آلاف جالون.
وتابع بالقول: بالتقريب دخلت المدينة حوالي 110 آلاف جالون شكلت حلًا لأزمة الوقود المستفحلة.
ومن مظاهر هذه الانفراجة عادت صفوف السيارات أمام محطات الوقود، وقابلها الناس بفرحة عارمة عكس ما كان ينظر إليها في السابق لأنها في هذه الحالة تعتبر دليلًا على توفر الأمن. كما عادت حركة المواصلات الداخلية خاصة في الخطوط الغربية من المدينة التي كان يتواصل سكانها مع وسط المدينة سيرًا على الاقدام.
ويعود انتظام حركة المواصلات، إلى جانب توفر الوقود، إلى بسط الجيش سيطرته على تلك الأحياء وإبعاد قوات الدعم السريع عنها إلى مسافات بعيدة مما انعكس في عودة النشاط التجاري إلى الأسواق الطرفية، وورود الذبيح إلى سوق المواشي على الرغم من أن ذلك لم ينعكس في انخفاض أسعار اللحوم، كما لم تختف بعد الملاحم التي أقيمت على الطرقات وداخل الأسواق مع أن الملاحم الرئيسية عاودت نشاطها.
وتشير بعض المصادر إلى أن ظاهرة بيع الوقود في الطرقات لم تختف نهائيًا لأن جهات رسمية كثيرة ربطت الحصول على الوقود بتحصيل إيراداتها على المركبات، مثل الترخيص، مما يدفع أصحاب العربات للحصول على احتياجاتهم من محلات بيع الوقود على الطرقات، وبعضها على مقربة من محطات الوقود.
وتقول مصادر ذات صلة إن مدينة الأبيض بها ما بين 70-80 طلمبة وقود، لكن التي عاودت الخدمة منها ما بين 5-6 طلمبات تتمركز كلها في وسط المدينة، وبعضها في المواقع التي يمكن حمايتها مع توالي القصف على المدينة خلال الأيام القليلة السابقة.
أفسدت قوات الدعم السريع بهجة رفع الحصار عن الأبيض بالتدوين المتعمد على مناطق في شرق المدينة وشمالها، ولا تزال تواصل إطلاق مدفعيتها الثقيلة على أحياء شعبية مثل حي الشريف، الذي يقع إلى جوار خط البايبلاين الذي كانت تنشط فيه هذه القوات.
ووفقًا لشهود عيان فإن نشاط قوات الدعم السريع لم ينقطع على بعض الطرق رغم انتشار قوات الجيش والقوات المشتركة حول المدينة من كل الاتجاهات. فقد وقعت حوادث اعتداء على شاحنات، وتعرض بعض أصحابها للقتل كما كان يحدث في الماضي. لكن رغم كل ذلك فإن مظاهر رفع الحصار واتصال المدينة بوسط البلاد لا تخطئها العين.
وتعتبر محلية شيكان وعاصمتها الأبيض هي المحلية الثالثة التي رفع عنها الحصار في ولاية شمال كردفان، وانتظمت فيها الحركة التجارية مع وسط البلاد، وذلك من خلال القفزة الثالثة لـ”متحرك الصياد”، التابع للجيش السوداني.