هل يعزز رفض مجلس السلم والأمن الأفريقي للحكومة الموازية من فرص السلام في السودان
سمير شيخ إدريس
أدى موقف مجلس السلم والأمن الأفريقي الرافض لتشكيل حكومة موازية في السودان لإحداث ضربة موجعة وسط القوى التي تداعت لإعلان الحكومة الموازية، بإحداث صدمة تبشر مقدمًا بعزلة الحكومة المزمع قيامها عن القوى والدول الإقليمية التي يمثلها مجلس السلم والاتحاد الأفريقي، وما يملكانه من مقدرات لدعوات تشكيل مواقف عديد من الدول الأفريقية لتبني ذات الموقف، وهذا الموقف يستقيم مع المبادئ التي ظل ينادي بها الاتحاد الأفريقي مؤخرًا في تعزيز وحدة الدول والنأي بها عن الصراعات المسلحة التي تفضي لتقسيم الدول وتنامي الكيانات المسلحة ذات النزعة الانفصالية، وتكريس قوة السلاح كأداة وحيدة للوصول للسلطة ما يعيق فرص السلام المستدام وقيام الحكومات على أساس التحول المدني الذي يزيد من فرص التنمية والاستقرار السياسي على مستوى المنطقة.
هذا الموقف المتخذ من قبل الاتحاد والمجلس الأفريقي وما يتبعه من تداعيات على الحكومة الموازية يقلل من فرص نجاحها ويضيق فرص وامكانيات تحقيقها لأي مكاسب سياسية يمكن أن تدعم موقف قوات الدعم السريع في الصراع الدائر في ظل التراجع العسكري مؤخرًا على ميدان المعركة على حساب القوات المسلحة ما يحقق من رغبة المجلس والاتحاد لإجبار قوات الدعم السريع وكافة القوى التي تحاول خلق تمظهرات سياسية لتلك القوات، وفرض وجود ثقل سياسي يقلل من وطأة الضغوط المتراكمة على تلك القوات بسبب ما لحق بها من سوء السمعة جراء الفظائع التي ارتكبتها خلال خوضها للحرب في مواجهة المدنيين، بالشكل الذي وضع رصيدها المتهالك أصلًا على المحك ويدفعها نحو الاضمحلال ومن ثم التلاشي، لذلك تبدو الطرق سالكة لقيادة تلك القوات مرغمة نحو الرضوخ لمبادرة السلام التي طرحها الاتحاد الأفريقي وسوق لها وسط العديد من القوى السودانية والخارجية، ويتم طرحها كخريطة طريق للخروج من نفق الأزمة السودانية الماثلة، حيث تدعو لوقف الحرب وفتح مسارات العون الإنساني والدعوة لعملية سياسية تفضي إلى سلام شامل.
وعلى الجانب الآخر من الصراع فإن القوات المسلحة بجنرالاتها الذين يقودون الحرب هم معنيون أيضًا بالمبادرة الأفريقية باعتبارهم أحد طرفي النزاع الذي تستهدفه المبادرة، حيث يشكل التكتل الإقليمي الذي التف حول المبادرة قوة ضاربة لتشكيل موقف صارم تجاه الجيش السوداني وحكومته التي يتزعمها جنرالات الحرب إذا ما ظل موقفهم من الحرب قائمًا على مبدأ عدم التفاوض سيما في ظل ما حققته القوات من مكاسب عسكرية مؤخرًا زينت لها إمكان حسم النزاع عسكريًا لصالحها، لكن ومع تغير مؤشرات الأوضاع على الأرض والضغوط المتزايدة على حكومة بورتسودان وتعاظم أمد الحرب وفاتورتها العالية، سيجبرها عاجلًا أو آجلًا للرضوخ لصوت العقل وربما يكون موقفها متعنتًا في الوقت الراهن بما زينه لها تقدمها العسكري لكسب مزيد من الوقت وتحقيق مكاسب عسكرية أكبر تعزز موقفها التفاوضي وتجعل لها كعبًا أعلى في فرض اشتراطاتها على الطرف الآخر من واقع ثقل ميزان القوة الذي يشكل الوضع الميداني رافعة لتمديد سقفه المطلبي للأعلى.
يعزز من موقف الاتحاد الأفريقي الموقف الدولي من بعص الدول والهيئات والمؤسسات الدولية من تشكيل الحكومة الموازية والمخاوف التي تثيرها بشأن إمكانية تقسيم البلاد، وتمادي خوضها في صراع مسلح يفضي لانعدام أي إمكانية لاستعادة الدولة وتبني مسارات سياسية في سبيل استعادة بناء الدولة، وهذا الاتجاه سيجد مزيدًا من الدعم الدولي ويدفع الدول ذات التأثير والهيئات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ مواقف أكثر قوة تدفع بحث طرفي النزاع على قبول التفاوض ونزع فتيل النزاع، فهل يحمل الجهد الأفريقي مقومات القدرة على التمدد وتشكيل قوة دافعة للتأثير على طرفي النزاع وحتهما على القبول بخريطة الطريق التي تفضي إلى حل الأزمة وإنهاء الصراع، وهو ما ستجيب عنه الأيام القادمة.