الهامش والمركز في الإرجاء
حاتم أيوب أبو الحسن
في ظل تطور الصراع السياسي في السودان، أصبح مصطلح “الهامش والمركز” متجاوزًا، بعد اتحاد نخب الهامش ذاته مع المركز من أجل السيطرة على السلطة، بمعزل عن قضاياهم المصيرية.
عندما احتدم الصراع الفكري والسياسي والكفاح المسلح، برز المصطلح السياسي الفكري مجسدًا لقضايا الظلم، والاضطهاد، والتمييز العنصري الثقافي، والاقتصادي، والاجتماعي، كأنه لم يكن من قبل رؤية فكرية لقراءة الأزمة السياسية المستمرة.
التطور السياسي في السودان ظل يتراجع إلى الوراء، واتضح أن المصطلح قد تم التسويق له خارج السياق المعالج المقصود من المنظّرين له، ومنهم الدكتور حيدر إبراهيم ورفاقه، المنادين لهم بالصواب. وقد وُظّف سياسيًا حتى تم الوصول عبره إلى السلطة، عبر تسويات فشلت في معالجة الاختلالات المركزية تجاه ما يُسمى بـ”الهامش”. المفهوم ليس المكان، بل أصبح الهامش مركزًا في الهوامش، إفراز نخب جدد تماشيًا مع تطور الصراع السياسي، في تجلياته بتطويع المصطلح إلى مكاسب الهامش لأخذها من المركز. وقد أنتجت تلك النخب، بمفردها، قرارات ومصير الهامش المتبقي إلى مكاسب سلطة ومال.
فإن نقّبنا سياسيًا فيه، لم نجده اليوم إلا معطلاً لمخاطبة القضايا التاريخية في الأزمة السياسية السودانية، لإفساح المجال والاهتمام بالتأسيس الجديد فوق كل الجراحات، والتجاوز لكل خرافات السمسرة السياسية والمزايدات التي تتطاول على حقائق ثابتة، لا يتقدم السودان دونها قيد أنملة، إذا تمادى نخب المركز والهامش في التلاعب بمصير السودان، عبر تحالفاتهم المتقاطعة بغرض الاستحواذ على السلطة واقتسام المكاسب والثروات.
هذا ضد تطلعات السودانيين في المركز والهامش، الذي أصبح حربًا في الجهات الأربعة، لم يترك يابسًا ولا أخضر، ومعرض لأن تتآكل وحدة البلاد. هنا استطاع المصطلح أن يجسد مشهدًا دراميًا من الكوميديا السياسية.
فإن كل الإرث السياسي السوداني والدروس والعبر عبر التاريخ، دُفنت جانبًا من أجل “معركة الكرامة”؛ التي ليست الوحدة السليمة في الوجدان، حسب مواقفهم مجتمعة، لأن تقتضي شيطنة الجنجويد، ولا يُسمح لك بسؤال: من الذي أسس الجنجويد؟ ولماذا؟ ما الفكرة، الفلسفة، والتمويل؟ والتستر على جرائم الحرب، والتخلي الأخلاقي عن العدالة، دون المطالبة بتسليم المجرمين للمحكمة الجنائية، بمن فيهم البرهان والبشير وموسى هلال.
هذا باختصار ما يسمى بالتناقض المنسجم من داخل صراع المركز والهامش، بعيدًا عن مفهوم الجدلية كأحد أدوات تحليل الفكر والسياسة لإعادة القراءة والمعالجة، لا لتطور الصراع.
نعود عاجلًا لنجلي البقع الداكنة في مشهد الصراع المتجاوز من أجل السلطة والمال.