لا مجد للساتك 

البرهان يهندس المشهد القادم بالبندقية ولا عزاء للثوار المقاتلين في صفوفه

سمير شيخ إدريس

يأبى الجنرال البرهان كل يوم إلا أن يؤكد سوء طويته، ويضرب أعلى الأمثال في النكران والغدر وعدم الوفاء، ويؤكد باستمرار عداءه السافر للثورة التي أجلسته وزمرته من العسكريين الموتورين على سدة الحكم، وأتاحت له الفرصة ليغتسل من عفن الفساد والغدر بشعبه، وأن يتبوأ مقعدًا في المشهد الثوري ما كان يتاح له في أي ظرف أو مكان آخر لولا حسن نوايا الثورة السودانية، التي أقرضته عشمًا في غير موضعه واختار طائعًا أن يكون في أدنى درك من مراقد السوء بدلًا من اغتنام السانحة التي حاولت رفعه لمصاف البطل القومي لولا الغشامة وسوء الاختيار لمرات متعددة كان يركلها في كل سانحة، وجاءت تصريحاته الأخيرة التي ركل فيها الثورة التي أوصلته سدة الحكم، وغفرت له عفن أياديه الملطخة بدماء الشعب على مدار عهد سيده البشير، حتى جرمه المشهود في فض الاعتصام، وفرض لصوص المليشيا وتمديدها على رقاب الشعب حتي انقلبت على سحره العاجز، فهذه اللساتك التي أدار ظهره لها نكرانًا لفضلها عليه تحمل وغيرها رمزية مقدسة في نفوس الثوار وقطاعات واسعة من الجماهير،  وحتمًا يشير خطابه المستخف بأدوات الثورة بل وإبدالها بالبندقية كدلالة عنف لفظتها الثورة واختارت السلمية، يشير بوضوح لنوايا الجنرال في هندسة المشهد السياسي حال انتهاء الحرب بوعيده المبطن لكل أمنية في نفوس الجماهير والثوار على وجه الخصوص بما ينتظرهم من بنادق ورصاص حال مطالبتهم بإبعاده وزمرته نحو الثكنات واستعادة مطالب الثورة.

على الرغم من أن تصريح البرهان جاء في سياق حديثه حول الخدمة المدنية إلا أنه يفهم في السياق المعتاد المعبر عن موقفه الراسخ في العداء للثورة، ومحاولاته المستمرة لتصفيتها حتى الانقلاب عليها وأنه ماض في طريق إقامة دولة عسكرية بوليسية لا صوت يعلو على صوت بندقيتها التي لا يملك غيرها للجماهير إن احتجت يومًا على وجوده فوق أعناقهم، وحاولت الاحتجاج والخروج عن طوق طاعته وما أعده لهم من مسرح عبثه المتواصل بالثورة، وكل ما أنجزته الجماهير وما بذله الثوار من أجل التغيير، غير أن الجنرال وبفضل غشامته التي تورده كل يوم مواقع إهلاك جديد لم يع أن الثورات لا تموت بالبنادق وإلا كان قد فلحت بندقية سلفه البشير، حين أسقطت النميري وصالح وبابكر ومعاوية وغيرهم من الكرام، أو كانت البندقية لتمكنه من تثبيت حكمه بعد انقلابه الحائر وسقوط أكثر من مائة شهيد وصوت الثورة يشق عنان السماء ويقض مضجع حلمه الذي فشل في أن يقيم معه حلم تشكيل حكومة رغم البندقية التي ما برحت يديه. وعلى الجنرال أن يصحو من سكرة نشوته بالحكم وأن يسمع جيدًا الأصوات العالية في لجان المقاومة والكيانات الشعبية والجماهيرية التي رفضت غثاءه العكر، ولوحت له ببيارق الثورة التي لا تزال ترفرف على أفق خطله بقدرتها على اجتثاث سلطانه والمضي قدمًا نحو استكمال ثورته.

خطاب البرهان بما يفصح عن نواياه يشكل فصلًا جديدًا في محاولة جر البلاد نحو تواريخ البطش والهيمنة العسكرية، وامتداد عهد الغيهب وهوس الإسلاميين باقتراب حلم عودتهم للسلطة عبر مطية الجنرال البرهان، حيث أنهم من هللوا لخطابه وكالوه مدحًا عبر منابرهم وتهليل قادتهم، وهو خطاب يفضح جبن بندقيته الملوح بها وأنها لا تتوجه ولا تتوعد إلا الجماهير، وهو خطاب محبط ومحرج للكيانات الثورية التي تغاضت عن جرائمه في حق رفاقهم وانخرطت في صفه في قتال المليشيا، ولعل ذلك الخطل يعيدها لصواب ثوريتها وتعي أن الحرب التي خاضها الجنرال ليست للكرامة، بل من أجل تثبيت كرسيه وإمعان غرس خنجره الغادر في صدر الثورة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى