“لساتك وبنادق” برهان!

وائل محجوب

وائل محجوب

  • أثارت تصريحات الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة عقب انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، أمام قيادات الخدمة المدنية مؤخرًا، التي مجد فيها البندقية وسخر من عهد من كانوا يقولون “المجد للساتك” في إشارة لقادة الحرية والتغيير، وقوى الثورة، موجة من ردود الأفعال على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
  • وما قاله البرهان هو تجسيد حقيقي لمواقفه التي لم تغيرها الحرب، ولا بدلها حصاد الخراب والدمار الذي قاد إليه الاحتكام للبندقية واتخاذها وسيلة للانقلاب على السلطة، والمحافظة عليها بسيل من الدماء، والقتال في سبيل الاستئثار بها في مواجهة شركائه في الانقلاب، وأعدائه في الحرب الحالية.
  • منذ اندلاع هذه الحرب، انحصر تعريف طبيعتها وأهدافها في كونها تمردًا في مواجهة الدولة، ولاحقًا صارت تآمرًا من دول خارجية ضد سيادة ووحدة البلاد، ولم يقدم قادة الجيش في مختلف بياناتهم وتصريحاتهم السياسية أي تعهدات حيال مرحلة ما بعد الحرب، بل كل التصريحات الصادرة من البرهان شخصيًا وغيره من القادة العسكريين، كانت ترسم صورة واضحة لواقع ما بعد الحرب، تكون الكلمة واليد العليا فيه لسلطتهم والقوى المتحالفة معهم عسكريًا، حزبية كانت أم جهوية وقبلية.
  • وقد ترك المجال مفتوحًا أمام عناصر النظام البائد داخل أجهزة الدولة ومن خلال مليشياتها الحزبية، التي وجدت المناخ الملائم لها وسط هذه الحرب، لتصفية حساباتها، واستهداف مختلف القوى المدنية بالتصفية والملاحقة والاعتقال وتوجيه الاتهامات، ولم يرتفع أي صوت رافض لهذه الممارسات من القادة العسكريين، بل كان خطابهم متماهيًا مع هذه الممارسات، حتى وصلت مرحلة استهداف مكونات التحالف العسكري نفسه، الذي يحارب بجانب الجيش، وإطلاق العنان لمجموعات عنصرية تابعة لهم، تتخفى في الغرف الإلكترونية الإعلامية لنشر سموم خطابات الكراهية والتحريض والفتنة بين مختلف مكونات البلاد.
  • وقد جاءت التعيينات الأخيرة لوزير مجلس الوزراء ووزير الخارجية، التي تزامنت مع خطاب البرهان، متسقة مع ما يشهده الواقع منذ انقلاب أكتوبر مرورًا بهذه الحرب، من تحالف أفضى لاستعادة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية لمواقع هيمنتهم على السلطة، وما يتم الآن هو استفادة من زخم التعاطف والدعم الشعبي للقوات المسلحة الذي وجدته مع الحرب، وتحويله لرصيد سياسي للقوى التي ثار ضدها الشعب، وفرض واقع جديد يضمن تكريس وجود المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في مواقعهم سلمًا أو حربًا.
  • لقد كان أهم أهداف هذه الحرب ومنذ يومها الأول، هو قلب المعادلة السياسية رأسًا على عقب، لا سيما بعدما فشل انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي أعاد الحياة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السيطرة على مقاليد الحكم، بسبب تصاعد الحصار الداخلي ممثلًا في التصعيد الجماهيري المضاد له، والذي انتشر في كل أنحاء السودان، وبسبب الرفض الإقليمي الذي قاد لتجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي، والرفض الدولي الكبير للانقلاب، وقد أدت تداعيات الفشل هذه بالإضافة للموقف من الاتفاق الإطاري، في انقسام قوى الانقلاب العسكرية وعجل بالانزلاق في مستنقع الحرب، وكان مطلب ومقصد طرفيها ومنذ اليوم الأول واضحًا لكل ذي عينين، وهو الاستئثار بالسلطة، وبعد عامين من الحرب، لم يعد دخان المعارك وشعارات الوطنية والديمقراطية كافية لحجب هذه الحقيقة، التي تفضحها تصريحات وأفعال القادة وقواتهم في هذه الحرب.

وائل محجوب

كاتب صحفي ومحلل سياسي معتمد لدى العديد من القنوات الفضائية العربية وله مساهمات نظرية في القوانين المنظمة لمهنة الاعلام، وقدم العديد من أوراق العمل والبحوث في محاصرة خطاب الكراهية وأخلاقيات مهنة الصحافة عمل مديرا لتحرير صحيفة الأيام

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى