حرب “الدرونز”… السقوط في قاع صراعات الإقليم
فريق أفق جديد
تصاعدت التوترات الإقليمية حول الحرب السودانية بعد أن أطلق ضباط في الجيش السوداني وناشطون ينتمون للحركة الإسلامية، تهديدات غاضبة بنقل المعركة إلى داخل الأراضي الإماراتية، عقب ضربات متتالية وجهها الدعم السريع الى قواعد عسكرية حصينة في مدينة بورتسودان، العاصمة المؤقتة للسودان، متهمين أبو ظبي بدعم مباشر لقوات الدعم السريع بالطائرات المسيّرة والسلاح والتمويل، فيما ذهب عدد منهم إلى أن المسيرات التي استهدفت بورتسودان ليومين على التوالي محدثة خسائر في قاعدتي عثمان دقنة وفلامينقو العسكريتين انطلقت من قاعدة إماراتية في الصومال.
هذه التصريحات الغاضبة، التي صدرت من شخصيات عسكرية بارزة في الأيام الماضية، تثير احتمال دخول الإمارات على خط الحرب بشكل مباشر، سواء عبر التصعيد السياسي أو العسكري، الجيش السوداني يتهم الإمارات منذ شهور بدعم “التمرد”، لكن النبرة الحادة الجديدة، والمصحوبة بإشارات إلى استهداف المصالح الإماراتية، تعد مؤشرًا بالغ الخطورة خاصة أنها صدرت من ضباط في الخدمة، وربما تعني تحولًا في الموقف العسكري السوداني من مجرد الاتهام إلى التلويح بالرد خارج الحدود. في المقابل، لم تصدر تصريحات رسمية من أبو ظبي بشأن التهديدات الأخيرة، لكن مراقبين يرون أن الإمارات قد تجد نفسها مضطرة إلى حماية مصالحها أو الرد على أي استهداف محتمل.
محللون سياسيون يربطون بين هذه التطورات وموقع الإمارات كممول رئيسي للنفوذ الإقليمي، وتاريخها في التدخل العسكري كما في اليمن وليبيا. ومع وجود قوات إماراتية في قواعد خارجية بمناطق متاخمة للسودان ، فإن الخيار العسكري — وإن بدا مستبعدًا حاليًا — يبقى مطروحًا إذا ما تجاوزت الحرب حدود السودان.
في السياق ذاته، حذّرت جهات دولية من مخاطر تدويل النزاع السوداني، معتبرة أن دخول أطراف خارجية جديدة قد ينسف فرص الحل السياسي، ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
مع استمرار حرب الطائرات المسيّرة داخل السودان، فإن أي انزلاق إضافي نحو مواجهة إقليمية قد يعيد رسم خريطة التحالفات في القرن الأفريقي، ويفتح الباب أمام فصل جديد أكثر خطورة في الصراع السوداني.
ووفقًا لمصادر سياسية تحدثت لـ”أفق جديد” فإن بورتسودان التي وجدت تعاطفا إقليميًا كبيرًا بعد الضربة التي تلقتها بدت متخبطة في تحديد الجهة التي انطلقت منها المسيرات، وفيما لزمت الجهات الرسمية الصمت واكتفت بتبيان الخسائر التي لحقت بالقاعدتين العسكرتين، يقول الخبير في شؤون النزاعات الدولية د. أحمد حسن أن السودان يتجه بسرعة ليكون أحد بؤر الصراع الدولي، مما يجعل كل السيناريوهات مفتوحة من تدخل مباشر لبعض الدول التي ظل السودان يوالي اتهامه لها بالضلوع في الحرب التي اشتعلت في الخامس عشر من ابريل 2023. ويضيف أن الناظر إلى نتائج مؤتمر لندن الأخير يمكن أن يرى مستقبل الحرب بوضوح، وأضاف لـ”أفق جديد”: “تصوير الخلاف داخل مؤتمر وزراء الخارجية الذي دعت له بريطانيا الشهر الماضي كان بين السعودية والإمارات ومصر أمر خاطئ، فالأمر هو انقسام حقيقي بين المشاركين في المؤتمر، إذ وقفت مجموعة من الدول إلى جانب وضع نص يؤكد على الحفاظ على مؤسسات الدولة، وهي مصر والمملكة العربية السعودية، بينما رفضت ذلك النص كل من إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان وأوغندا وتشاد والإمارات”.
ولفت أحمد حسن إلى أن السودان وبشكل غير مدروس استعدى كل أو جل جيرانه ومحيطه، وهو مما سيجعله عرضة للتناوش بين تلك الدول، وهو الرأي ذاته الذي يتفق معه جزئيًا الخبير العسكري اللواء متقاعد معتصم عبدالقادر بقوله لـ”أفق جديد” إن هذه المسيرات تأتي من مناطق حدودية سواء من داخل المناطق الشمالية للصومال أو مناطق ليبية وتشادية، إما أن تأتي من الجنوب إلى الشمال أو من الغرب إلى الشرق وهذا تطور خطير، وتطور إقليمي للحرب وامتداد لها في دول الجوار، عدا إريتريا ومصر اللتان تقفان إلى جانب الجيش السوداني، أغلب دول الجوار تقف إلى جانب التمرد بإيعاز من الدول الداعمة.
ويضيف معتصم الذي لا يخفي تبنيه لسردية الجيش الخاصة بالحرب: “أيضًا دول المحيط مثل كينيا، وإقليم شمال الصومال، تساهم في هذه الحرب وتسمح بانطلاق عمليات تموين وتشوين، وأحيانًا مسيرات إلى داخل السودان، هناك اتهام لبعض دول الجوار أن المسيرات التي تصل إلى مدينة كوستي قدمت منها”. ويصف ذلك بـ”التطور الخطير في هذه الحرب”.
خسائر:
150 ألف قتيل و13 مليون مهجر منهم 8.6 مليون نازح و3.8 مليون لاجئ، نحو 88% منهم أطفال ونساء، جميعهم فروا بحثاً عن الأمان، بينما لم تقدم أي جهة حتى الآن تقديرات متكاملة للخراب الذي طال البنيات التحتية، غير إن وزارة الصحة أعلنت في وقت سابق أن الخسائر التي تكبدها القطاع الصحي نتيجة الحرب وصلت إلى نحو 11 مليار دولار وخرجت 250 مستشفى من أصل 750 عن الخدمة بسبب الدمار الذي لحق بها، ونهب أجهزتها ومعداتها، مما حرم الملايين من الرعاية الصحية الأساسية.
وأورد تقرير رسمي للوزارة اطلعت عليه “أفق جديد” أن 70% من المستشفيات والمراكز الصحية في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان، خرجت عن الخدمة، كما أدى القتال إلى خروج أكثر من 60% من الصيدليات والمخازن عن الخدمة.
وفي قطاع التعليم كشف تقرير آخر أن نحو 120 جامعة وكلية حكومية وخاصة خصوصًا في ولاية الخرطوم ينتسب إليها نحو نصف مليون طالب، خسرت بنيتها التحتية بصورة شبه كاملة، كما تعرضت 6 جامعات في الولايات للتخريب والتدمير منها 4 جامعات في دارفور.
أما في التعليم العام، فإن الحرب أخرجت أكثر من 17 مليون طفل من المدارس، وألقت بهم في مناطق النزوح واللجوء، ليضافوا إلى 6.9 ملايين طفل غادروا صفوف الدراسة قبل الحرب، تلك هي خسائر الحرب بوجهها التقليدي الذي اندلعت به في 15 أبريل 2023 حيث كانت تقتصر على استخدام الطيران والمدفعية والأسلحة الخفيفة إلى جانب الصواريخ والمدافع المتوسطة والدبابات، ولكن بمرور الوقت واستطالة أمد الصراع تغير الوضع على الأرض جزئياً فبدأ استخدام الطائرات بدون طيار”الدرونز” بين طرفي المعركة فتمكن الجيش عبرها من كسر الحصار المفروض على جنوده في عدة مواقع، بينما انسحبت قوات الدعم السريع من مساحات شاسعة كان يسيطر عليها شملت كامل ولاية الجزيرة وأجزاء من ولايتي الخرطوم وسنار، وعليه كان لاستخدام طائرات “الدرونز” تداعيات على عدة جوانب للمعركة.
توجد الطائرات المسيّرة المستخدمة في الأغراض العسكرية في السودان منذ سنوات، إذ سعت منظومة الصناعات الدفاعية المملوكة للجيش وبشراكة مع عدة دول أبرزها إيران والصين إلى صناعة وتطوير طائرات مسيّرة لأغراض مدنية وعسكرية، وأكدت قوات الدعم السريع، أن “جزءاً منها وقع في يدها عند سيطرتها على بعض المقار العسكرية في الخرطوم خلال الأشهر الأولى من الحرب”، حيث أكد مراقبون للمعركة أن الطائرات دون طيار، ظهرت منذ بداية معركة الخرطوم في أبريل 2023 وأشاروا إلى أن تحركات “الدرونز” انحصرت في جمع المعلومات وتوفير الإحداثيات وخريطة انتشار الجنود للتعامل معها عبر سلاح الجو والقصف المدفعي، وأكد بعض الخبراء أن المسيّرات التي استخدمها الجيش في بادئ المعركة كانت محلية الصنع، وجرى تصنيعها داخل ورش منظومة الصناعات الدفاعية التي سقطت بيد الدعم السريع في أغسطس 2023.
تطورات متسارعة:
غير إن حرب “الدرونز” شهدت في النصف الثاني من عام الحرب الأول تصعيداً خطيراً وبات اعتماد الطرفين في عملياتهما على الطائرات المسيرة يزداد.
يُنظر العديد من الخبراء الذين استنطقتهم “أفق جديد” إلى هذه التطور كتحول جوهري في طبيعة الحرب، يُهدد بتمديد أمد المعارك، وتعميق الكارثة الإنسانية، وإدخال البلاد في مرحلة جديدة من العنف التكنولوجي الذي قد يُعقّد جهود السلام. وطبقًا لعسكرين متقاعدين اعتمد كلا الطرفين على الطائرات المسيّرة إما للاستطلاع أو الهجوم، مما وسع رقعة الحرب وجعل السودان كله عبارة عن أرض عمليات.
وفيما حذّرت منظمات دولية من أن استخدام المسيّرات يزيد من خسائر المدنيين، نتيجة استهداف المناطق السكنية، مثلما حدث في أحياء جنوب الخرطوم ومدينة نيالا، كما إنه يعطل المساعدات الإنسانية ويفاقم من الأزمة الصحية، يرى اللواء م خالد صديق عبد النبي التوسع في استخدام “الدرونز” في الحرب الحالية من شأنه أن يعسكر الفضاء الجوي، وعسكرة الفضاء الجوي ستؤدي بالضرورة في ظل التعقيدات التي تشهدها الحرب وازديادها يومًا بعد يوم إلى فقدان الدولة السيطرة على مجالها الجوي الحيوي، ويشجع بالضرورة التدخل الدولي المباشر خاصة مع تقارير عن تورط جهات إقليمية في الحرب.
وبدوره يقول د. أحمد حسن: “حرب المسيّرات تُحوّل السودان إلى مختبر لصراعات المستقبل، حيث تُبادل الأطراف الضربات عبر شاشات التحكم، بعيداً عن أي اعتبارات أخلاقية”، كما حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن الاستخدام العشوائي لـ”الدرونز” قد يشكل جرائم حرب، وقد أدى استخدام الطائرات المسيرة إلى قلب موازين المشهد، وكان استخدامها نقطة تحول في مسار المعركة بين طرفيها. وعلى النقيض رأى بعض الخبراء العسكريين، أن استخدام المسيّرات لن يحسم الحرب ولكنها قادرة على قلب الطاولة لبعض الوقت وتحقيق انتصارات لكل طرف على الآخر في ما يشبه سباقًا للتسلح بين الطرفين، وأضافوا أن فاعلية المسيَّرات في الحروب تتوقف على مجموعة من العوامل، أولها النوع، وثانيها القدر الذي يمكنها حمله من الصواريخ، وثالثها مدى تطور تقنيتها وساعات الطيران التي كلما كانت أطول ميزت المقاتلة المسيَّرة عن أخرى، بالإضافة لجودة الكاميرا المثبتة فيها ونظام التواصل مع الأرض، وأن كيفية توظيف المسيَّرات في أرض المعركة هي التي تتحكم في تأثيرها، وعليه أكد بعض الخبراء أن المسيَّرات تمثل عاملاً إستراتيجياً مؤثراً لكنه ليس حاسماً في الحرب، لأن هناك تشكيلات عسكرية أخرى تقوم بأدوار مهمة في أية معركة.
عمل دعائي
ويقول د. معتصم عبد القادر: “أعتقد أنه عمل دعائي من المليشيا لمحاولة الإيهام بأنها ما زالت قوة عسكرية، ولها القدرة على القتال ومواصلة العمليات العسكرية مقابل أنها فقدت الأرض في ولايات الوسط وولاية الخرطوم، وفي جزء كبير من ولايات كردفان، خصوصًا المنطقة الشرقية، إذ أن القوات المسلحة انتشرت في الصحراء وفي مناطق غرب الأبيض، وبالتالي يمكنها الوصول إلى ولايات دارفور، خصوصًا مناطق نيالا والضعين والفاشر، لذلك المسيرات محاولة من المليشيا لإثبات أنها لا زالت تقاتل”، غير إن ضابط في القوات المسلحة يرى الأمر بعين غير التي ينظر بها د. معتصم ويقول: “منذ ما يزيد على الثلاثة أشهر باتت ضربات مسيرات الدعم السريع أكثر دقة وأحدثت خسائر كبيرة في صفوف القوات المسلحة، إلى جانب مخزونات الوقود والأسلحة والذخائر”. ويقول الضابط إن الجيش السوداني يسعى للحصول على أنظمة دفاع جوي أكثر تطورًا في هذا المجال، وهو من المنظومات المكلفة جدًا، ويضيف: “سعت القيادة مع عدد من الدول لتمويل هذه المنظومات التي إن تمكنا من استجلابها لن تغير المعادلة لكنها من الممكن أن تؤثر”.
ويزيد بأن جميع المؤشرات في الضربات الأخيرة ترجح فرضية دخول أطراف دولية في هذه الحرب، ويمضي قائلًا لـ”أفق جديد”: “لا نود أن نسمي دولًا بعينها، ولكن أصابع الاتهام تشير للدول المعروفة منذ بداية هذه الحرب بموالاة الدعم السريع”. مؤكدًا أن المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن المسيرات التي استهدفت بورتسودان خلال 48 ساعة الماضية لم تأت من الغرب، وإنما أتت عبر البحر وأقرب احتمال هو قاعدة صوصا في الصومال، وهي قاعدة للإمارات وجود فيها، مشيرًا إلى أن الخطة الهجومية التي تفذت كانت معدة بشكل متقن ومتطور، حيث هوجم هدف ثانوي في قاعدة فلامنقو بمسيرات انتحارية، بينما نفذت الضربة الرئيسية بطائرة مسيرة متقدمة نطلق عليها مسمى “الإستراتيجية” في قاعدة عثمان دقنة، رافضًا في حديثه لـ”أفق جديد” إعطاء أي تفاصيل بشأن الخسائر التي أحدثتها الضربة، مكتفيًا بالقول إنها كبيرة.
نفي وتأكيد
وكانت الإمارات أعربت في وقت سابق من أبريل عن رفضها القاطع للاتهامات التي أدلت بها القوات المسلحة السودانية ضمن جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية، ووصفت الدعوى بأنها محاولة من القوات المسلحة السودانية، أحد أطراف النزاع، لصرف الانتباه عن مسؤولياتها في الحرب الدائرة. وأشارت إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى الإلهاء الإعلامي بدلاً من معالجة جذور الصراع، مؤكدة أن الإمارات تدعم السلام والاستقرار في السودان.
وشددت الإمارات خلال جلسة الاستماع الشهر الماضي على أن محكمة العدل الدولية لا تملك الاختصاص القضائي للنظر في هذه القضية. واستندت إلى تحفظها على جزء من اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، مما يحد من إمكانية تقدم الدعوى قانونيًا .
وأكدت نائب مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، ريم كتيت، أن دولة الإمارات ليست متورطة بأي شكل في الحرب الأهلية السودانية. وأضافت أن الإمارات ملتزمة بدعم الحلول السلمية وتعزيز الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أن اتهامات السودان تهدف إلى تشويه صورتها دون أدلة ملموسة.
من جانبها، قالت سفيرة دولة الإمارات بهولندا أميرة الحفيتي، إن تقرير مجلس الأمن الدولي يدعم موقف الإمارات بمحكمة العدل الدولية بتأكيد موقف الإمارات الراسخ اتجاه الشعب السوداني.
وفي تصريحات نشرها موقع قناة “سكاي نيوز عربية”، على الإنترنت قالت السفيرة إن تقرير مجلس الأمن النهائي بخصوص السودان دحض مزاعم الجيش السوداني المضللة تجاه دولة الإمارات.
وأضافت قائلة: “من المؤسف استمرار الجيش السوداني في استغلال المحافل الدولية لنشر المعلومات الباطلة والممنهجة ضد دولة الإمارات”.
وبالمقابل أكدت تقارير دولية ومنظمات حقوقية، تورط دولة الإمارات في دعم قوات الدعم السريع، ونقلت مواقع إخبارية مقربة من الجيش مقتل طيار جنوب سوداني يدعى سامسون أوهايد إثر غارة جوية نفذتها طائرات تابعة للقوات المسلحة السودانية على مطار نيالا، أثناء استهدافها لطائرة شحن كانت تنقل أسلحة ومعدات لصالح الدعم السريع قيل إنها قادمة من الإمارات.
وبحسب المواقع المقربة من الجيش أن الطائرة التي تحمل تسجيلًا كينيًا خاصًا، كانت قد استُؤجرت لتوصيل إمدادات إلى مدينة نيالا الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع. وتعرضت للقصف أثناء تفريغها لحمولة من الأسلحة في المطار.
وأوضحت مصادر عسكرية سودانية أن الضربة الجوية استهدفت الطائرة بعد التأكد من أنها تحمل شحنة عسكرية مخصصة لقوات الدعم السريع، ضمن سلسلة عمليات ينفذها الجيش السوداني لقطع خطوط الإمداد الجوي .
وكان سامسون أوهايد يشغل منصب الأمين العام لرابطة الطيارين في جنوب السودان، وقد نعى زملاؤه وأفراد أسرته وفاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفين إياه بأنه طيار ملتزم ومحب لعمله.
غير إن مصادر أخرى كشفت أن أوهايد يعمل لصالح منظمات إنسانية وإنه سبق وأن طار بالطائرة ذاتها إلى مدينة بورتسودان موصلًا بعض المؤن الإغاثية والاحتياجات الإنسانية، وأن هبوطه في مطار نيالا يرجح أن يكون للغرض ذاته وهو إيصال مساعدات إنسانية.
خطورة:
ويستشهد مصدر سياسي رفيع بحادثة طائرة أوهايد باعتبارها تؤكد خطورة استخدام المسيرات في ضرب أهداف لمجرد الشك فيها، وهي ما يوسع الخسائر ويجعل من إيصال المساعدات لمحتاجيها أمرًا بالغ الصعوبة مما يزيد حجم معاناة المواطنين العالقين في مناطق الحرب، ولكن د. معتصم عبد القادر يصوب إلى اتجاه آخر في خطورة استخدام المسيرات في الحرب الحالية، ويقول لـ”أفق جديد”: “أخطر ما في موضوع المسيرات على منطقة بورتسودان والبحر الأحمر وكسلا شرقي السودان، أنها أصبحت مهددًا للأمن الإقليمي في البحر الأحمر ودول الجوار، خصوصًا في المناطق الشرقية من البحر الأحمر، والدليل على ذلك أنه فور هذه الهجمات أصدرت السعودية بيانًا أدانت فيه هذه الهجمات، وأوضحت تأثيرها على الأمن الإقليمي”.
ويضيف: “كما تعلم أن منطقة البحر الأحمر منطقة مشتعلة في الجنوب حول اليمن وفي الشمال حول فلسطين، وهذه المنطقة تشهد توترات على كافة دولها، لذلك انتقال هذه المسيرات إلى هذه المنطقة يعني أن بعضها إذا أخطأت أهدافها ودخلت إلى البحر يمكن أن يهدد السفن والملاحة البحرية”.
ويزيد د. معتصم مبينًا خطورة استخدام سلاح المسيرات قائلًا :”المنطقة ما بين ساحل البحر الأحمر الغربي والشرقي لا تتعدى حوالي 200 كيلو متر أو 300 كيو متر، ما يعني أن هذه المسيرات إذا أخطأت أهدافها يمكن أن تصل إلى السعودية واليمن، كما أنها يمكن أن تصل إلى مصر وإرتريا، وكل هذه الدول تخشى من امتداد هذا الصراع إلى تلك المناطق، لذلك بادرت كثير من الدول الخليجية وكثير من دول العالم والاتحاد الأفريقي إلى إصدار بيانات تدين مثل هذا التصعيد.