كيف تدار الدولة..؟!
وائل محجوب
- حدثان وقعا الأسبوع الماضي يكشفان عن ارتباك كبير على مستوى مؤسسات الدولة، ونقص في الخبرات في التعامل مع القضايا الدولية، الأول هو رد محكمة العدل الدولية على شكوى حكومة بورتسودان ضد دولة الإمارات، التي تم رفضها لعدم اختصاص المحكمة.
- وهو رد قانوني كافٍ للطعن في كفاءة ومعرفة من تصدوا للجانب القانوني في هذه الدعوى، سواء من الجهات الرسمية أو الجهات القانونية الخارجية التي تم التعاقد معها لتولي القضية.
- كان واضحًا ما أن خرجت هذه القضية للعلن أنها لن تحقق أهدافها، وكتب عدد من القانونيين المرموقين عن ذلك الأمر عبر مختلف المنابر، وتناولوا حيثيات الدعوى واختصاصات المحكمة، بل أن بعضهم توقع رفض الدعوى لعدم الاختصاص، وهو ذات ما حمله قرار المحكمة.
- الحدث الثاني هو قرار مجلس الأمن والدفاع بإعلان الإمارات دولة عدوان، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، وكان ذلك أمرًا غريبًا، إذ أن المجلس لا يملك هذه السلطة، وهي حق أصيل لمجلس السيادة بموجب الوثيقة الدستورية، حيث نصت المادة ١٢ (ط) المتعلقة باختصاصات مجلس السيادة على:
“إعلان الحرب بناء على توصية من مجلس الأمن والدفاع الذي يتكون من مجلس السيادة، رئيس الوزراء، وزير الداخلية، وزير الدفاع، وزير الخارجية، وزير العدل، وزير المالية، القائد العام للقوات المسلحة، النائب العام، المدير العام لجهاز المخابرات العامة، على أن يصادق عليه المجلس التشريعي الانتقالي خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الإعلان، وإذا لم يكن المجلس منعقدًا يدعى لجلسة طارئة”.
- وقد حددت الوثيقة من قبل عبر موادها، أنه في حالة عدم تشكيل المجلس التشريعي فإن سلطته تؤول لاجتماع مجلسي السيادة والوزراء المشترك، وهو الذي يقوم مقامه في اعتماد القرارات والقوانين ذات الصلة، فلماذا لم يعرض هذا القرار على اجتماع المجلسين قبل إعلانه؟ ولماذا لم يصدر من قبل مجلس السيادة وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية؟ ولماذا لم يعلق عليه رئيس مجلس السيادة الذي أصدر تصريحًا تاليًا لإعلان القرار؟!
- لقد انهار هذا القرار قبل أن يمر أسبوع واحد على إعلانه، إذ خرج وزير المعادن مصرحًا بأن وزارته لم توقف صادرات السودان من المعادن للإمارات، بينما اضطرت وزارة الخارجية لإعلان مواصلة قنصليتها في أبو ظبي في ممارسة أعمالها لتقديم خدماتها للمواطنين، فما الذي تبقى من إعلان مجلس الأمن والدفاع، علمًا بأن الإمارات المعنية بالقرار رفضت الاعتراف به.
- إن هذه الفوضى الضاربة بأطنابها تكشف عن الوضعية التي آل إليها جهاز الدولة، كنتيجة حتمية لانقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، وقد جاءت الحرب في أبريل ٢٠٢٣م لتكمل ما تبقى، في ظل غياب كامل لحكومة معترف بها داخليًا وخارجيًا، وذات معرفة وخبرة بشؤون الدولة، وكنتيجة منطقية لحالة التفكك الكاملة في القرار التنفيذي والسياسي للدولة، وهي حالة تخسر أكبر القضايا بسبب انعدام الخبرة والمعرفة، وتدني كفاءة من يديرون الأمور، وترتد نتائجها وبالًا على كل أهل البلاد، وهي حالة تستوجب معرفة من يخطط ويدبر ويدير الدولة حاليًا.