من الظل إلى المجد..

40 عامًا بين جدة والخرطوم.. كمال "الدولي" يُكرّم في ليلة اتحادية خالدة

 

أفق جديد – جدة

كمال الدولي متوشحًا بالعلم السوداني، لحظة خالدة اختزلت أكثر من 40 عامًا من الإخلاص والتفاني في خدمة نادي الاتحاد السعودي، لحظة كان بطلها رجل لم يكن من صُنّاع الأهداف، ولا من نجوم الشباك، لكنه كان صانعًا للنجاح خلف الكواليس، ملازمًا لكل تفاصيل الفريق، حاضرًا في كل محفل، وداعمًا بصمت في كل إنجاز.

كمال أبشر، أو كما يُعرف بين جماهير الاتحاد بـ “الدولي”، هو أحد أقدم الموظفين في نادي الاتحاد السعودي، وأحد أبرز الشخصيات التي ظلت تعمل في صمت لسنوات طويلة داخل أروقة الفريق الأول لكرة القدم. سوداني الجنسية، اتحادي الهوى والانتماء، جاء إلى النادي منذ أكثر من أربعة عقود، وبدأ رحلة مهنية طويلة شغل فيها عدة مهام، من بينها الترجمة، مسؤول الحجوزات، الإشراف على المهمات، والمساعدة الإدارية.

رغم تنقّل الإدارات وتغيّر الأجيال داخل النادي، ظل كمال ابشر ثابتًا كجزء من الهوية الاتحادية، ورمزًا للوفاء والانتماء الحقيقي. لم يسع يومًا للظهور الإعلامي أو نيل الأضواء، بل كان همه الأول والأخير أن يكون الفريق في أتم جاهزيته، سواء من حيث تجهيز الملابس، أو ترتيب المعسكرات والسفر والحجوزات، أو حتى توفير سبل الراحة للاعبين والإداريين.

وقد أثبتت جماهير الاتحاد، في مشهد مؤثر وعظيم، أنها لا تنسى أبناء النادي المخلصين، حين كرّمت العم كمال بشكل استثنائي خلال نهائي كأس الملك السعودي أمام فريق القادسية يوم الجمعة الماضية ، والذي انتهى بفوز الاتحاد بنتيجة 3-1 وتحقيقه للثنائية التاريخية (دوري روشن وكأس الملك). فقد رفعت الجماهير صورة عملاقة للعم كمال في مدرجات ملعب “الإنماء”، في لفتة إنسانية عبّرت عن مدى الحب والتقدير لهذا الرجل.

 

في تلك اللحظة المؤثرة، لم يتمالك العم كمال دموعه، وظهر وهو يجهش بالبكاء تأثرًا وامتنانًا، قبل أن يحتفل مع لاعبي الاتحاد بلحظة التتويج. مشهد دموعه تفاعل معه الآلاف، ليس فقط من جماهير الاتحاد، بل أيضًا من جماهير كرة القدم السودانية التي تابعت هذا الحدث بفخر واعتزاز، واعتبرت العم كمال مثالًا يحتذى في الالتزام والمهنية والوفاء.

اللافت في قصة كمال أبشر أنه نال احترام جميع اللاعبين الذين مروا على نادي الاتحاد، سواء كانوا محليين أو أجانب، بل وحتى من الخصوم الذين عرفوه عن قرب. كانت أخلاقه العالية، وبسمته الدائمة، وعلاقاته الطيبة مع الجميع، جواز مروره إلى قلوب كل من تعامل معه، مما جعل اسمه محفورًا في ذاكرة كل اتحادي، رغم تواريه عن الواجهة الإعلامية.

ما قام به جمهور الاتحاد تجاه “الدولي” هو رسالة لكل الأندية والجماهير: أن التقدير لا يجب أن يُمنح فقط لصناع الأهداف أو حاملي الكؤوس، بل يجب أن يشمل كل من كان له دور – مهما بدا صغيرًا – في بناء المنظومة ونجاحها. فالأندية لا تنهض فقط باللاعبين والمدربين، بل بالجميع، من عمال الغرف وحتى موظفي الإدارة، مثل كمال الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى