رسائل للأحباب: السفير جمال محمد إبراهيم

عثمان يوسف خليل

 

الأخ العزيز جمال،

في اللول تحياتي تغشاك وأنت مليان مودة في هذا الزمان الممحوق، ثم كيفك والشباب الريق حولك.

أما بعد وقبل، فقلت كدي أجرب أكتب ليك، وفي تقديري أن الحروف تكتب نفسها علها تعانق دربك الأخضر، وامكن ما دفعني لذلك هو سعادتنا بك بيننا في اليوم داك ما طول.. وكم كانت فرحتنا التمت بمداخلتك الثرة رغم الزحمة الحولك في هذا الوقت الذي تكالبت علينا فيه الإحن والمحن.. لقد خطر لي وبدون سابق موعد أن أتبادل معك مشروع مراسلة علنا نحظى منك بما قدمته لدنيا الناس من ديبلوماسية وأدب رفيع مع الكثير من تاريخ اجتماعي سوف يكون درساً لأجيال حاضرة وآتية.

لقد جعلت أفئدتنا جميعًا تتاوق لتلكم الذكريات الجميلة التي لا تُمَل ولمتابعة إفاداتك الثرة في منبرنا العامر (نادي 81.. لقد سعدنا ونحن نستمع لذلك الرجل الجميل الذي حدثنا عن الأمم المتحدة، ودورها في مشكلة الكونغو على تلك المنصة التي أصبحت ملاذنا الوحيد الذي نلتقي فيه بمن جمّلوا حياتنا بكريم أعمالهم.. أما الإفادات التي ذكرتها (وأنت مطلع عليها بحكم عملك)، وقد أضافت إلى معلوماتنا الكثير والمثير ومن أهمها تلك المعلومة التي نزلت علينا برداً وسلاماً رغم أنها لم تتحقق لظروف السودان ذلك البلد الحدادي مدّادي الذي كان سيتشرف بالأمانة العامة للأمم المتحدة.

عندما رُشِّح سعادة السفير (عمر عديل) لذلك المنصب الكبير الخطير في وقته خاصة والعالم قد خرج من أكبر كارثة في تاريخه (الحرب العالمية الثانية)، لكن كما ذكرت لم يتم المقصد وتلك كانت الأولى وبلعناها بطعمها المر، وقبل أن نفيق من حنظلها أخدنا الجرعة الأكثر مرارة، وذلك بفشل فوز سعادة السفير (عم) جمال محمد أحمد للفوز بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ويا جمال أنت تعلم أنه تتشرف به الجامعة العربية فهو كفء لذلك، وله من المعرفة بالدبلوماسية وله علم ودراية بالإدارة، كما أن الرجل كان أحد أعضاء مجمع اللغة العربية الفاعلين وتربطه علاقات بأهل الشرق والغرب، ولكن تلك أقدار وحظوظ أهل السودان.

يا أستاذ جمال، لقد قرأنا لك كثيراً من المواضيع ومنها تلك التي تحكي عن ذكرياتك في مصلحة الثقافة، التي كانت في زمانكم شعلة من النشاطات والفعاليات الثقافية تنافسون بها توأم المصلحة وهو المجلس القومي للآداب والفنون، ذلك التنافس الشريف الذي خلق جواً من الإنتاج الفكري والثقافي شهدته حقبة السبعينيات والثمانينيات، وكلا الصرحين لهما في الثقافة همُّ.. وكان لنا شرف المشاركة في ذلك الحراك الثقافي (خدمة واهتماماً).. رعى الله يا جمال تلك الأيام الخوالي وأعاد للوطن العافية.

أحسب أن هذا يكفي الآن حتى يصلنا ردكم ثم إن كان الحظ أن نلج معكم لدهاليز وزارة الخارجية لنعرف بعض الذي يمكننا معرفته..

ختاماً ليس ليس ختام.. أبق طيب لمحبيك ولمن حولك..

 

 

عثمان يوسف خليل

المملكة المتحدة

 

 

شكرًا لك أخي عثمان…

 في تقديري أن وسائل التواصل المحدثة تعزز أهميته، إذ تبادل الآراء عبر منصات ومنابر التواصل الاجتماعي هو بطبيعته نوع من أدب الرسائل بفارق وحيد هو المباشرة والفورية، وأن غاب عنها إثر الخط البشري بأصابع تعكس حميمية لا توفرها محدثات الكتابة، مثل الكتابة على الكيبورد بالأحرف المطبوعة الخالية من الحس البشري. إن الصورة الفوتوغرافية بآلات التصوير المحدثة لن تعكس القدرة الإبداعية للفعل البشري مهما بلغت  دقة أوزان “البيكسل”، لن تقارن بلوحة البورتريه التي يرسمها بأصابعه الفنان التشكيلي. وليس قولي محض ادعاء، بل حقيقة ماثلة تراها مثلًا عندما تتمعن في لوحة الجيوكندا، ذلك الأثر الإبداعي الباقي يتحدى القرون بخلوده، فيما تتوارى منتجات التصوير وتختفي…                                        هذه خطرات.. عنت لي…       

  واذكرك بكتابي “مؤانسات” وهو بعض رسائل تبادلناها أنا وصديقي الراحل عمر جعفر السوري (أو الساوري وساورا هي إقليم غربي الجزائر) على مدى سنوات طوال.

صديقي عمر أديب وصحافي سوداني هجر السودان منذ أمد بعيد وأقام في الشام لسنوات طوال، حيث شغل منصب نائب الأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب في دمشق  لسنوات.. أتمنى أن نتواصل في تبادل الرسائل أخي العزيز… وسأسعى لأحيل إليكم نسخة ورقية من “المؤانسات”، ولكن ربما أحيل إليك المقدمة التي كتبتها أنا وصديقي الراحل، الذي صدمني رحيله العام الماضي ولم يكتب له أن يرى رسائلنا مطبوعة في كتاب.       

  

لك التقدير والإعزاز…..                                                            

                                         

جمال محمد إبراهيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى