الروائي محمد الأمين مصطفى في مقابلة مع “أفق جديد”
الروائي محمد الأمين مصطفى في مقابلة مع “أفق جديد”
بالكتابة نتعافى من الحرب والوحشة.. وشتات:
الرواية نسيج متكامل تستطيع به حياكة مجتمع ما…
البعد عن البيت الكبير وترابه يؤثر على أسلوب وأنماط ومواضيع الكتابة..
..روائي احتل مكانه بين المبدعين السودانيين، حيث نال عن روايته (مال قلبي) جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، الدورة (2021).
.. يمتلك الأمين مجموعة من الأعمال الأدبية المنشورة مثل: رواية (ألم القطاطي) وهي أول رواية أنتجها وكان ذلك في عام 2015. ثم أعقبتها رواية (ورشة داليانس)، وتمت طباعتها عام 2019 عن دار المصورات للطباعة والنشر.. والرواية الثالثة تحمل اسم (العنتيل) و(الهندي الطريق للحبشة) سيرة روائية.
وفي ظل الحرب التي عصفت بالسودان منذ 15 أبريل 2023 وجد المبدعون السودانيون أنفسهم فى قلب المعاناة والشتات مثل بقية أبناء وطنهم. التقيته في القاهرة وكان هذا اللقاء
محمد إسماعيل – القاهرة
- كيف تقيّم حال المبدعين السودانيين في المهجر بعد اندلاع الحرب؟
حال المبدع السوداني هو حال كل مبدع تندلع في بلاده حرب، فهم أكثر شرائح المجتمع تأثراً بها، فبعدما كانوا يكتبون عن المجتمع والحياة والجمال فيها، صاروا يتحسرون على ضياع كل ذلك وهم بعيدون عنها. وعبر بعضهم عن ذلك شعراً ونثراً ورواية. وبعد تحسن الأوضاع في الشهور الأخيرة بدأ الاهتمام بينهم وكثرت النشاطات وبان التماسك، وكل يسعى لتجديد إنتاجه السابق والجديد لطباعته ونشره وتوثيقه .
– ما أبرز التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه الأدباء السودانيين في الشتات؟
يختلف الأمر هنا بين كل شخص وآخر. فالبعض يرى ضرورة تدفق السرد والشعر لعكس ذلك الواقع المؤلم على الرغم من النزوح واللجوء في تحدٍّ واضح للظروف النفسية والإجتماعية. والبعض الآخر يرى عدم ضرورة عكس واقع عاشه الجميع وهنا لن يستطيع أن يأتي بجديد. والقليل منهم صام عن الكتابة للأسباب ذاتها.
* هل يمكن للكتابة أن تكون وسيلة للتعافي النفسي فى الشتات؟
بالتأكيد.. فربما أنها كانت كذلك والمبدع داخل وطنه عندما كان يعالج بها أمراض المجتمع وشروخ العاطفة وجنون السياسة، فهي المصل ذاته الذي يتعاطاه وهو خارج وطنه للتعافي من الأمراض العديدة، ومنها الغربة والوحشة وشتات الأسرة والغياب عن الوطن والأرض.
- كيف يسهم القصاصون والروائيون في خلق مساحة للتعبير عن الألم الجماعي والحنين للوطن؟
كل الأجناس الأدبية عبارة عن خيوط، وقد لا تعبر عن المجتمعات بطريقة موسعة، ولكن الرواية تعتبر نسيجًا متكاملًا تستطيع به حياكة رواية تحكي عن مجتمع ما بشكل متكامل وبكل تفاصيله من خلال موضوعها وأحداثها وشخصياتها، وبداخلها يجد الروائي المساحة الكبيرة التي يعبر ويصف فيها آلام المجتمع.
– كيف يمكن للأديب السوداني أن يسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة؟
حدث ذلك قبل عشرات السنين عندما صدرت رائعة العبقري الطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال)، التي أتت بصراع حضارتين والحوار يينهما، وتوالت الروايات السودانية في العقدين الأخيرين وظهرت أسماء عديدة من الروائيين بعد أن تُرجمت أعمالهم مما جعل العالم يرى الثقافة السودانية، وهم أكثر شعوب العالم ثقافةً بواقع المقولة الشهيرة (السودان يقرأ).
– ما هي الوسائل التي لجأ إليها الأدباء السودانيون لمواصلة إنتاج أعمالهم؟
بالتأكيد فقد الكثير من الكُتاب أعداداً كبيرة من إنتاجهم بسبب الحرب، وقل كثيراً الدور الذي تلعبه دور النشر في إعادة إنتاج هذه الأعمال بسبب الوضع الاقتصادي وهذه الحرب اللعينة، عدا القليل من هذه الدور، لذا إنتاج الأعمال القديمة والحديثة للروائيين لا يزال خجولاً، وهذا الأمر لا ينطبق على المبدعين المقيمين خارج البلاد من قبل الحرب، فهم خارج هذه المعادلة، ولا يزال البحث عن الوسائل مستمراً بالنسبة للروائيين الذين تفرقوا في بلاد الله.
– هل تغيّرت مواضيع وأنماط الكتابة نتيجة ظروف الحرب والمنفى؟
هذا شيء مؤكد الحدوث. الحرب والنزوح واللجوء تغير كثيراً من أفكار الكاتب وتعاطيه للحياة ومعرفته للمجتمع الذي حوله، فالبعد عن الوطن وعن ترابه وفقدان الأحبة وتشتت الأهل والأصدقاء وتبدل الأحوال والعيش في أمكنة غريبة شئت أم أبيت، كل هذه العوامل وأكثر تؤثر على أسلوب وأنماط ومواضيع الكتابة، فإذا كانت الغربة الاختيارية سابقاً تُحدث ذلك التغيير، فما بالك بالغربة القسرية التي ليس لها سقف زمني مُحدد.
– ما الذي يمكن أن تقدمه المؤسسات الثقافية لدعم المبدعين السودانيين في الخارج؟
هنالك مؤسسات ثقافية رسمية وخاصة في دول عربية مختلفة خلقت للمبدعين السودانيين مساحات جيدة لإقامة النشاطات وتبادل الثقافات وتدشين الأعمال ومناقشتها، وأهمهما دولة مصر الشقيقة، فنحن في حالة التقاء ونشاط دائم ومستمر وسط حراك ثقافي نحاول فيه التماسك للمحافظة على الإرث الثقافي السوداني بشتى ضروبه، هذا هو الدعم الكلي المتوفر الآن، أما الدعم الخاص الذي يتمثل في المساعدة على الإنتاج والطباعة والترويج فهذا لا يوجد في الوقت الحالي إلا بالمجهود الشخصي .