مستقبل السودان في ظل الحرب والانقسام: بين الانهيار والأمل

 

حاتم أيوب

منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، يعيش السودان واحدة من أعقد مراحله التاريخية. تفكك الدولة، الانقسام الجغرافي، الأزمات الإنسانية والاقتصادية، والتدخلات الخارجية، كلها عوامل تُهدد كيان الوطن. فهل ينجو السودان؟ أم يسير نحو المجهول؟

الحرب والانقسام: مشهد مأزوم

لم تكن الحرب الراهنة وليدة لحظة مفاجئة، بل نتيجة مسار طويل من الإخفاقات السياسية، والصراعات البنيوية داخل الدولة السودانية. بعد ثورة ديسمبر 2018 وسقوط نظام البشير، تعثّر الانتقال المدني، لتدخل البلاد في دوامة من الصراعات بين المكونين العسكري والمدني، تُوجت بصراع دموي بين الجيش وقوات الدعم السريع.

النتيجة: تدمير العاصمة الخرطوم، تهجير الملايين داخليًا وخارجيًا، وغياب فعلي لسلطة مركزية  موحدة. البلاد باتت مقسمة بين مناطق نفوذ عسكرية متناحرة، وسط صمت دولي وتدخلات إقليمية متشابكة.

سيناريوهات المستقبل المحتملة

أولًا: الانهيار الكامل والتقسيم

 

في حال استمرار الحرب دون حلول، قد ينهار السودان كدولة موحدة، ويتحول إلى مناطق نفوذ قائمة بحكم الأمر الواقع. هذا السيناريو تدعمه مؤشرات التفكك المؤسساتي، وتعدد الجيوش، وانهيار الاقتصاد.

ثانيًا: سلام هش دون معالجة الجذور

بعض المبادرات الجارية قد تؤدي إلى اتفاق وقف إطلاق نار، لكن دون مشروع سياسي متكامل، سيكون السلام هشًا وقابلًا للانهيار في أي لحظة، كما حدث سابقًا في اتفاقيات السلام الجزئية.

ثالثًا: تحول ديمقراطي تدريجي

وهو السيناريو الأكثر أملًا، ويتطلب توافقًا وطنيًا حقيقيًا، يقوده المدنيون والمجتمع السوداني بكل مكوناته، لإعادة بناء الدولة على أسس العدالة، والمواطنة، والمشاركة.

التحديات أمام أي انتقال

انعدام الثقة بين القوى السياسية والعسكرية.

انهيار مؤسسات الدولة وتفتت النظام الإداري.

تأثير التدخلات الإقليمية والدولية المتضاربة المصالح.

الكارثة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوداني.

بصيص الأمل: من رحم المعاناة

 

رغم الصورة القاتمة، تبرز جهود مجتمعية، ومبادرات شبابية ومدنية، تُشكّل بذور أمل في مستقبل مختلف. الحراك الشعبي، ورفض الحرب من قطاعات واسعة، والدعوات إلى السلام من داخل وخارج السودان، كلها مؤشرات على أن المجتمع لا يزال حيًّا، ويرفض الانهيار.

الختام: السودان الجديد ممكن

إن خروج السودان من أزمته الحالية يتطلب أكثر من مجرد اتفاق سياسي، بل يحتاج إلى مشروع وطني جامع يعيد تشكيل هوية الدولة السودانية، على أسس الديمقراطية، والمواطنة المتساوية، والعدالة الانتقالية.

ربما يكون الطريق طويلًا ومؤلمًا، ولكن السودان يمتلك من الرصيد التاريخي، والإرث الثقافي، والوعي الشعبي، ما يؤهله للنهوض من جديد. فقط إذا اجتمعت الإرادة، وتوحدت الرؤية لأن تكون شاملة تليق بقوام الوطن الموحد.

نعود ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى