مرة أخرى.. ثلاثتهم يتسامرون في جوف الوانهم
محمد إسماعيل- أفق جديد
التشكيلي مجدي آدم: التشكيليون السودانيون عبروا في أعمالها عن الشتات والغربة..
النحات منعم حمزة :المعرض عكس دور الفنان في السلام ووقف الكراهية والعنصرية
شهد مساء السبت الماضي افتتاح المعرض الجماعي لثلاثة فنانين سودانيين بغاليري أتيلة القاهرة، في وسط البلد، وسط حضور مقدر من التشكليين والأدباء والإعلاميين والمهتمين.
تضمن المعرض مشاركات للفنانين ياسر إدريس، وعمر أبنعوف، وخضر الشريف. إذ قدموا تجارب فنية بأساليب وآليات متباينة، وترواحت أعمالهم ما بين الواقعية والرمزية. وعكست بعض الأعمال الحرب التي تدور في السودان منذ أكثر من عامين، التي عاشها الفنان التشكيلي لحظة بلحظة، ومنهم من نزح داخل الوطن وآخرون لجأوا في دول الجوار.
التحدي الفني الصعب
أجبرت الحرب الدائرة في السودان الكثير من المثقفين والفنانين على الفرار من وطنهم، تاركين منازلهم وأستوديوهاتهم وأعمالهم وحتى شهرتهم التي حققوها هناك، ليختاروا البدء من جديد في الأراضي التي استقبلتهم، ومن أهمها مصر، حيث يشتغل الفنانون على استعادة نشاطهم رغم المصاعب الكبيرة التي يواجهونها. سقطت
ألوانهم للبحث عن مأوى آمن في المنفى حيث استقر الثلاثة في القاهرة
وعلى بعد بضع خطوات من ذلك جاء المعرض تحت عنوان (مرة أخرى)، هذه التسمية جاءت بعد أن اجتمع ثلاثتهم ياسر.. وعمر.. وخضر فى أيام النزوح بأقاليم السودان المختلفة، حيث أقاموا ورشًا ومعارض تشكيلية في مدينة ودمدني وأماكن أخرى ..وحينما التقوا (مرة أخرى) في القاهرة أعادوا تلك الأماكن في أتيلة القاهرة في وسط البلد.
جاء المعرض للتعبير تجارب بصرية خلقت رؤى إنسانية معبرة عن مجمل التجارب الإنسانية بأبعادها النفسية والمأساوية لما فعلت الحرب، فلم تكن لوحات المعرض تخص فترة زمنية بل شاهدة على مأساة الإنسان في كل العصور، متحررة من الزمكانية (الزمان والمكان)، وملامسة للإنسانية وملهمة فنية، فمنذ اندلاع الحرب في الوطن نزح الناس بحثا عن الأمان.
وجَد الفنانون والمبدعون أنفسهم في دوائر النزوح تلك فمنهم من نزح إلى أقاليم السودان ومنهم غادر الوطن إلى مصر وأوغندا وإثيوبيا وكينيا. وإينما وجدوا ظلوا يقامون تلك الحرب اللعينة بفنهم ويقيمون معارضهم أينما حلوا.
معرض (مرة أخرى) شاهد على ذلك يحكي قصص خراب السودان الذي دمرته الحرب..
وجاءت نتاج أعمالهم تميل إلى الرمزية والواقعية في لوحاتهم.. وعلى المتلقي أن يتأمل ثم يدير الحوار مع اللوحة نفسها.
المعرض يحكي عن الحرب والنزوح والأثر الكبير الذي تركته في نفوس الفنانين التشكيليين السودانيين وحياتهم، وفي خضم كل هذا الدمار نقول: يظل الفن أهم وسيلة تعبير وتواصل بين مختلف الشعوب والحضارات. وهذا ما جسدته ريشة الفنانين عبر العصور القديمة والحديثة في تاريخ الفن. حتى يومنا هذا. فحاولت الفنون بمختلف أنواعها إيصال رسائل ثورية ناقدة ورافضة لما يحصل في العالم. متجاوزة في ذلك حدود اللغات والجغرافيا. مثلت الفنون التشكيلية بالخصوص وثائق بصرية من صميم الواقع.
ماذا قالوا عن المعرض:
من داخل المعرض التقينا التشكيلي مجدي آدم وقال :
المعرض بتفاصيله المقامة باللون والجسد يتساءل كيف يمكن أن يصبح الفن حلمًا للسلام ونابذًا للعنف والبندقية، مشيرًا إلى ان الفنانين التشكيليين السودانيين عبروا في أعمالهم عن الشتات والغربة، ما جعل الألوان والريشة خير معين للخروج من واقع الإحباط وصدمة الشتات.
النحات منعم حمزة قال: التشكيليون السودانيون يعرضون نتاجهم الفني ليس بمثابة انعكاس لسيرتهم الخاصة، بل يعبرون عن موقفهم عما يحدث من حولهم.. هذا المعرض عكس أن للفنان دور في السلام ووقف الكراهية والعنصرية، وعكست اللوحات بقوة حياة الناس ومعاناتهم وأحلامهم وتطلعاتهم في حياة كريمة.