حمدي عبد الرحمن.. طبيب سوداني يحوّل المعاناة إلى إلهام ويتوَّج بجائزة عالمية في ويلز
أفق جديد
رغم ما واجهه من صعاب وفقدان، استطاع الطبيب السوداني حمدي عبد الرحمن أن يحوّل معاناته إلى قصة نجاح ملهمة، ليحصد جائزة “المستقبل المشترك” من بين 11 فائزًا في جوائز Inspire! لتعليم الكبار في ويلز، في احتفالية مميزة تحتضنها قاعة برانجوين بمدينة سوانسي بويلز هذا الأسبوع.
وُلد حمدي ونشأ في إحدى المناطق الريفية بالسودان، حيث كانت الخدمات الصحية والتعليمية شحيحة للغاية. لكن، بدعم والدته وتشجيعها، أصبح أول شخص في عائلته وقريته ينال مؤهلًا أكاديميًا كطبيب. لم تكن رحلته سهلة، فقد خسر شقيقته الصغرى في أتون الحرب بالسودان، لكن بدلًا من الاستسلام للحزن، قرر أن يجعل من التعليم سلاحًا للبقاء وصناعة الأمل.
بعد تخرّجه في كلية الطب، تولّى إدارة قسم الطوارئ بمستشفى الخرطوم لأمراض الأنف والأذن والحنجرة، كما عمل طبيبًا سريريًا وجراحًا في خمسة مستشفيات بولايات مختلفة. وخلال هذه الفترة، أدرك أن تطوير أنظمة الرعاية الصحية لا يعتمد على المهارات الطبية فقط، بل يتطلب أيضًا قيادة فعّالة وإدارة ذكية.
ويلز.. محطة فارقة في رحلة التحول
مع انتقاله إلى ويلز، فتح حمدي صفحة جديدة من حياته، حيث التحق بجامعة كارديف لدراسة دورات متخصصة في الإدارة والقيادة وإدارة المشاريع. يصف تلك التجربة بأنها كانت “مغيّرة للحياة”، لأنها مكنته من دمج خبراته الطبية مع مهاراته الإدارية الحديثة.يقول حمدي: “من خلال الجمع بين الطب والإدارة، ساعدتُ في تحسين العمل الجماعي والإنتاجية في المؤسسة التي أعمل بها. التعليم لم ينقذ حياتي فقط، بل منحني القدرة على إحداث فرق حقيقي في حياة الآخرين.”
اليوم، يعمل الدكتور حمدي في وحدة الجراحة قصيرة الإقامة بمستشفى جامعة ويلز في كارديف، ويطمح للتأهل قريبًا لممارسة الطب بشكل كامل في المملكة المتحدة، واضعًا نصب عينيه هدفًا أكبر: أن يصبح جراح عظام عالميًا ورائدًا في تطوير أنظمة الرعاية الصحية.
جائزة Inspire! التي حصدها حمدي تأتي كجزء من أسبوع المتعلمين البالغين في ويلز (15–21 سبتمبر)، والذي يُكرّم المتعلمين الذين لم توقفهم الظروف عن السعي وراء المعرفة. هذه الجوائز، التي يدعمها معهد التعلم والعمل والحكومة الويلزية، تبرز قصص أناس جعلوا من التعليم فرصة ثانية للحياة، وأداة لبناء الثقة وفرص العمل والمجتمعات المتماسكة.وقالت جيما كوكس، المرشحة للجائزة والمعلمة في برنامج التعلم مدى الحياة بجامعة كارديف: “قصة حمدي تبرهن على القوة التحويلية للتعليم. شغفه والتزامه كانا مصدر إلهام لنا جميعًا. نحن على يقين بأنه سيواصل تألقه ويُلهم آخرين للعودة إلى مقاعد الدراسة.”
من جانبها، أكدت لين نيجل، وزيرة التعليم في الحكومة الويلزية: “إن أسبوع المتعلمين الكبار مناسبة للاحتفاء بإنجازات استثنائية تثبت أن التعليم يمكن أن يغير مسار الحياة في أي مرحلة عمرية. قصص مثل قصة حمدي تفتح الباب أمام الآخرين لإدراك أن الفرصة ما زالت قائمة دائمًا.”
أما جوشوا مايلز، مدير معهد التعلم والعمل في ويلز، فقال:”التعلم مدى الحياة ليس مجرد إضافة للمهارات، بل هو رحلة تعيد تشكيل هوية الإنسان. التزام أشخاص مثل حمدي بتطوير أنفسهم يسهم في بناء مستقبل أكثر مرونةً لمجتمعاتنا.”
بالنسبة للدكتور حمدي، فإن كل لحظة تعليمية هي استثمار في الإنسانية ذاتها. ورسالته واضحة:”لا ينبغي أن يكون العمر أو الخلفية أو الظروف عائقًا أمام التعلم. التعلم مدى الحياة ليس نهاية، بل رحلة مستمرة تغذي النمو الشخصي وتفتح أبوابًا لا نهائية من الفرص.”