تحولات.. الرباعية..!

وائل محجوب
* حمل بيان الآلية الرباعية الدولية المشكلة من الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات الصادر الجمعة الماضي مقاربة هي الأولى من نوعها للحرب الدائرة، بما يشكل اختراقًا كبيرًا بالوصول لخارطة طريق وضعت مبادئ للحل مع تحديد جداول زمنية لمختلف مراحل التحرك، وسيسعى وزراء الدول الأربع لتحقيقها، وهذا الاختراق الكبير يأتي بعد تعثر الاجتماعات السابقة، التي عقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن الشهر الماضي، بعد انقسام الدول الوسيطة وقتها حول وضعية التفاوض، وموقع طرفي الحرب المستقبلي من السلطة.
* وتضمن البيان الذي أكد أن الصراع قد تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ويشكل مخاطر جسيمة على السلام والأمن الإقليميين، نقاطًا رئيسية وهامة تبين موقف الآلية القاطع تجاه سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه كمرتكز أساسي لتحقيق السلام والاستقرار، مع التشديد على أنه لا يوجد حل عسكري قابل للتطبيق لهذا الصراع، وإن استمرار الوضع الراهن يسبب معاناة غير مقبولة ويهدد السلام والأمن، مع تأكيدهم أن مستقبل الحكم في السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة وشفافة، لا تسيطر عليها أي من الأطراف المتحاربة.
* وطالب البيان جميع أطراف الصراع بتسهيل الوصول السريع والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية، في جميع أنحاء السودان وعبر جميع المسارات اللازمة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي الإنساني والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات العشوائية الجوية والبرية على البنية التحتية المدنية.
* ودعا البيان إلى هدنة إنسانية لمدة أولية مدتها ثلاثة أشهر، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية بسرعة إلى جميع أنحاء السودان، على أن تفضي بشكل مباشر إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة، تُختتم في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني، نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة بقيادة مدنية وبشرعية ومساءلة واسعة، وهو أمر أساسي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة.
* أما أهم ما حمله البيان هو قطعه بأنه “لا يمكن أن يُملى مستقبل السودان من قبل الجماعات المتطرفة العنيفة المرتبطة أو ذات الصلة الواضحة بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى تأثيرها المزعزع للاستقرار إلى إشعال العنف والفوضى في المنطقة”، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها هذا التوصيف من قبل هذه الأطراف لدور الحركة الإسلامية المؤثر في استمرار وتوسع نطاق القتال، كما أنه يوضح بجلاء أن إجماعًا إقليميًا ودوليًا تبلور في اتجاه عزلها، وإفشال مخططاتها لاستعادة حكمها وفرض هيمنتها مجددًا على البلاد.
* والمهم كذلك الإشارة إلى أن البيان حمل موقفًا واضحًا من تواصل الدعم العسكري الخارجي لأطراف الصراع في السودان، الذي اعتبره البيان يسهم في تصعيده وإطالته ويؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، معتبرًا أن إنهاء الدعم العسكري الخارجي أمر أساسي لإنهاء الصراع.
* كما التزم وزراء دول الآلية ببذل كافة الجهود لدعم تسوية تفاوضية للصراع، بمشاركة فعّالة من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والضغط على جميع أطراف الصراع لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتعزيز الظروف التي تكفل أمن منطقة البحر الأحمر الأوسع، مع مواجهة التهديدات الأمنية العابرة للحدود من المنظمات الإرهابية والمتطرفة والظروف التي تسمح لها بالانتشار، مع التشديد على حرمان الجهات الفاعلة المزعزعة للاستقرار، إقليمياً ومحلياً، من الاستفادة من استمرار الصراع في السودان.
* يمكن القول وبوضوح إن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات بالغة في عدة مسارات أولها هو الضغط المباشر على أطراف الحرب، وقد عبرت عن ذلك العقوبات الأمريكية التي صدرت بحق وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة، وفيلق البراء بن مالك، وستتواصل هذه العقوبات على مختلف أطراف الحرب، كما سيتم تكثيف الحراك على المستويين الدبلوماسي والسياسي في اتجاه فتح حوارات مع القوى العسكرية من جانب، ومع القوى المدنية والسياسية من جانب آخر، وقد بدأت هذه التحركات من خلال دعوة الاتحاد الأفريقي للمجموعات المدنية المساندة للجيش ومجموعة صمود لاجتماع مشترك.
* وبالمقابل يتوقع أن تشهد ساحات المعارك تصعيدًا كبيرًا، من الأطراف الرافضة للحلول السلمية، استباقًا لكل ذلك لفرض تغييرات في واقع ومواقع السيطرة على الأرض، ولكن في كل الأحوال فإن واقعًا جديدًا قد تشكل بعد بيان الآلية الرباعية، وسيفرض نفسه على جميع الأطراف.