الاتحاد الأفريقي على خط الأزمة من جديد

أفق جديد

مع تطاول أمد الحرب وتفاقم المعاناة الإنسانية، يعيش السودان على شفير الهاوية دون أمل يلوح في الأفق لوقف نزيف الدم، وتقسيم البلاد إلى جزر معزولة تحت سطوة السلاح دون شرعية أو ضمانات للمساءلة.

وفي خطوة جديدة لإيجاد مقاربة سياسية لإنهاء الوضع المتأزم، يعتزم الاتحاد الأفريقي وشركاؤه إجراء جولة جديدة من المباحثات مع القوى السياسية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في الفترة من 6- 10 أكتوبر المقبل لتعزيز وحدة الصف السوداني، وتهيئة الأرضية لحوار سوداني- سوداني شامل وانتقال سياسي يقود إلى نظام دستوري مدني.

يقول المتحدث الرسمي باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود”، بكري الجاك، لـ”أفق جديد”: إن “دعوة الاتحاد الأفريقي تشمل مجموعات مدنية وسياسية، وإيقاف الحرب بدءًا من وقف إطلاق النار ووقف العدائيات يتطلب قبول وموافقة والتزام الأطراف المتحاربة”.

وفي 14 سبتمبر الجاري رحب الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية المعنية بالتنمية “إيقاد”، بمقترحات قدمتها الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر لتسوية النزاع في السودان.

وقال الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، في بيان مشترك، إنهما تلقيا “باهتمام بالغ بيان الآلية الرباعية بشأن الصراع في السودان”.

وأوضحت المنظمتان في بيان مشترك أن المشاورات تهدف لتعزيز وحدة الصف السوداني، وتهيئة الأرضية لحوار سوداني-سوداني شامل وانتقال سياسي يقود إلى نظام دستوري مدني، ونبها إلى تطلعهما للتعاون مع الرباعية في السعي لإنهاء الحرب وإعادة السودان إلى الحكم الدستوري المدني.

وأشارا إلى أنهما يرحبان بالدعوة إلى توفير الوصول الإنساني وحماية المدنيين، وإقرار هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تُنفذ عبر منبر جدة كخطوة أولى نحو وقف دائم للأعمال العدائية، إضافة إلى إطلاق عملية انتقالية بقيادة مدنية مع ضمان الشرعية والمساءلة.

وأوضح القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول، في حديثه لـ”أفق جديد”، تسلمهم دعوة رسمية من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيقاد” لحضور جولة مشاورات مع القوى المدنية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

ودعت الآلية الرباعية، التي تضم أمريكا ومصر والسعودية والإمارات، مؤخرًا إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، يعقبها إطلاق عملية انتقالية تُستكمل خلال 9 أشهر على أن تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية.

واشترطت الآلية عدم سيطرة الأطراف المتحاربة على العملية الانتقالية، مع إبعاد الجماعات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين عنها.

بالنسبة إلى الكاتب والمحلل السياسي، أنور سليمان، فإن الاتحاد الأفريقي وبعد أن فشل في مسار السلم والأمن عبر العمل مع المتقاتلين مباشرة، وفشل في الضغط على سلطة الأمر الواقع التي يقودها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، أخذ يلهو فيما سماه مسار سياسي، وحتى هذا المسار فإن كبار موظفي الاتحاد الأفريقي يتصورون أن أهم اللاعبين فيه هم التيارات الموالية لقائد الجيش أسوة بالتيار المدني المنقلب عليه في أكتوبر 2021.

وأضاف سليمان في حديثه لـ”أفق جديد”: “في حين أنه ما من مسار سياسي موالٍ للانقلاب أو الحرب إنما أشخاص مستفيدين من الانقلاب والحرب، وتحاول سلطة الأمر الواقع تخليق تيار سياسي في معامل المخابرات والاستخبارات العسكرية حول تلك الشخصيات”.

وذكر مجلس السيادة السوداني في بيان، إن قرار الحرب بيد الشعب السوداني؛ فيما اشترطت وزارة الخارجية احترام سيادة البلاد وشرعية المؤسسات القائمة في التجاوب مع أي مقترحات، مشددة على أن مستقبل الحكم يُحدد بواسطة توافق وطني تسعى إليه الحكومة الحالية.

وأوضح المحلل السياسي أنور سليمان، أن “الاتحاد الأفريقي يهدر زمنه وزمن السودانيين في أزمتهم هذه ويتظاهر بأنه يقوم بعمل ما، فيما هو في الواقع خارج دائرة التأثير تمامًا.

وأضاف: “يظن الاتحاد الأفريقي كما البعض أن كرت إعادة تفعيل عضوية الحكومة السودانية أفريقيًا يمكن أن يجعل للاتحاد دورًا مهمًا وفاعلًا، لكن لا تعليق ولا إعادة تفعيل عضوية السودان يمكن أن تحدث فارقًا على واقع المأساة السودانية.

وجدد الاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيقاد” رفضهما القاطع للدعم العسكري والنفوذ المتطرف، وذكرا أن موقف الآلية الرباعية يتماشى مع خارطة الطريق التي وضعها الاتحاد والإيقاد من أجل تحقيق السلام في السودان، وأبديا استعدادًا للعمل في شراكة مع الآلية والسودانيين لإنهاء الحرب وحماية سيادة البلاد ووحدتها وتعزيز الانتقال السياسي بقيادة مدنية.

وأضافا: “يؤمن الاتحاد الأفريقي وإيقاد بأنه لا حل عسكريًا للأزمة السودانية. كما تتطلع المنظمتان الأفريقيتان إلى التعاون مع الرباعية في سعيها لإنهاء الحرب وإعادة السودان إلى حكم دستوري بقيادة مدنية”.

وقال البيان المشترك إن الاتحاد والإيقاد وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي سيعقدون جولة جديدة من المشاورات مع الجماعات المدنية السودانية في أكتوبر المقبل.

وأوضح أن المشاورات تهدف إلى تعزيز الوحدة بين السودانيين، وإعداد الأرضية لحوار سوداني-سوداني شامل، والانتقال السياسي إلى نظام دستوري بقيادة مدنية.

ورغم الجهود الحثيثة لدعوة كل القوى المدنية في المشاورات، إلا أن المكتب القيادي للتيار الثوري الديمقراطي الذي يقوده ياسر عرمان، قال إن دعوة الاتحاد الأفريقي وشركائه صممت بمعزل عن الأطراف السودانية، وبمعزل عن معالجة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين وبيان الرباعية يجب أن يوظف لعملية جديدة لا بإعادة حوار سلام روتانا.

وأوضح المكتب القيادي في بيان تلقته “أفق جديد”، أن الدعوة المرسلة من الاتحاد الأفريقي و”إيقاد” والجامعة العربية والأمم المتحدة، للمشاركة في اجتماع يعقد بأديس أبابا في الفترة من 6 – 10 أكتوبر القادم لم يشرك الأطراف في تصميمها وتحديد من يحضر والاتفاق على أجندتها، وهي لا تبدأ من بيان الرباعية بل تبدأ من محطة قمة جامعة الدول العربية الأخيرة في بغداد، بل أبعد من ذلك من اجتماع أطراف سلام روتانا بالخرطوم، ولأهمية الاتحاد الأفريقي وشركائه يجب إعادة النظر فيها، وذلك يستدعي حوارًا شفافًا وعميقًا مع القوى المدنية الديمقراطية يشمل تصميم العملية والمشاركين والأجندة وكيفية ربط ومعالجة الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين، وهي قضية السودان الأولى، ومدخله نحو السلام العادل الذي يعالج الشأن الإنساني والسياسي كحزمة واحدة.

وأضاف: “الرياح التي دفع بها بيان الرباعية في أشرعة السلام يجب أن توظف وفق محتوى بيان الرباعية بعيدًا عن المبادرات التي لم تنجح بالأمس مثل محاولة سلام روتانا”.

بينما أكد رئيس قوى الحراك الوطني التيجاني سيسي أنه من الصعب مشاركة القوى الوطنية في الاجتماعات التحضيرية للحوار السوداني- السوداني المزمع عقدها في أديس أبابا في السادس من أكتوبر المقبل تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.

وقال سيسي في تصريحات إعلامية، إن القوى الوطنية السودانية لديها تحفظات على الدعوة والطريقة التي قدمت بها من قبل الاتحاد الأفريقي.

وأضاف: “من الصعب جدًا أن نحضر لقاء لم نشارك في وضع أجندته، ولم نعلم من هم المشاركون فيه، ولا الطريقة ولا المنهج الذي سيُدار به”. وتابع “سنستفسر الاتحاد عن كل هذه الأمور أولًا، وإذا لم يكن الرد مقنعًا فلن نذهب لحضور هذه الاجتماعات”.

ومنذ منتصف أبريل 2023، يشهد السودان حربًا بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى