درك أسفل للحرب… انحدار لغوي لفنانتين يشعل الغضب..! 

 الزين عثمان 

في زمن صار فيه “الترند” سيد الموقف، وجدت بعض المطربات السودانيات أنفسهن يتدحرجن بسرعة نحو قاع “البذاءة” في معاركهن على التيكتوك. لغة أشبه بمرآة للواقع نفسه: فجّة، متكسّرة، ومحمّلة بكل ما يحمله سودان “البل بس” من فوضى وتناقضات. 

ما بدا للبعض مجرد “خناقة أسفيرية” بين قونات، كان في الحقيقة عرضا علنيا للانحدار، ومشهداً يُثبت أن الهبوط صار هو القاعدة لا الاستثناء.

وأكدت على الهبوط  المتسارع نحو درك “البذاءة” الأسفل  تلك  اللغة التي استخدمتها  مطربات  سودانيات في معركتهن على “التيكتوك” لكنها في المقابل  تبدو متماهية للحد البعيد مع الواقع  وتشبهه لأقصى حد ببساطة هي لغة سودان “البل بس”   

تحول “التايملاين” السوداني من صراعات “الجيم ثري” المستخدم في الحرب بين الجيش والدعم  السريع لمعركة “جيمات” أخرى  “جبلية . جبرة وجوجو ” “. 

وخلال الأيام الماضية، 

حشدت  المطربة المثيرة للجدل  عائشة الجبل كل رصيدها من لغة أسفل المدينة لأجل خوض  معركتها ضد المطربة “هبة جبرة”  التي ردت عليها  بذات سلاح البذاءة بينما تمدد السؤال حول لماذا كل هذا  الهبوط ؟. 

في السياق اعلنت مجموعة محمود في القلب عن تفويضها المحامي علي حسن علي لفتح دعوى جنائية لدى نيابة المعلوماتية ضد الفنانة عائشة الجبل، على خلفية ما اعتبرته إساءة للفنان الراحل محمود عبد العزيز في مقطع فيديو متداول بمواقع التواصل الاجتماعي . 

وكان قد تم ذكر إسم الفنان الراحل محمود عبد  العزيز في سياق الجدل المستمر، 

 لاحقا  أعلن اتحاد المهن الموسيقية السودانية الخميس عن فصل الفنانتين عائشة الجبل وهبة جبرة من عضويته ، وذلك عقب تداول واسع لمقاطع مصورة مسيئة عبر منصات التواصل الاجتماعي. 

القرار، الذي استند إلى المادة (11) من لائحة الاتحاد، الفقرة (د) المتعلقة بسوء السلوك، جاء بعد مراجعة المكتب التنفيذي للاتحاد لحيثيات ما وصفه بـ”الفيديوهات المشينة”، والتي تضمنت استخداماً متعمداً لألفاظ نابية تخالف القيم الفنية والأخلاقية التي ينادي بها الاتحاد. 

وأوضح البيان الصادر عن المكتب التنفيذي أن السلوك الذي بدر من الفنانتين يتعارض بشكل صارخ مع رسالة الفن الغنائي السامية التي يسعى الاتحاد إلى ترسيخها في الوسط الفني السوداني. 

وشدد البيان على ضرورة التزام أعضاء الاتحاد بالآداب العامة واحترام قيمة الفن، مؤكداً أن التجاوزات اللفظية التي ظهرت في المقاطع المتداولة لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف، خاصة حين تصدر من شخصيات عامة تمثل واجهة فنية أمام الجمهور المحلي والدولي ..

المفارقة أن  عائشة الجبل واثناء  تصويرها  للفيديوهات كانت تضع الفراشة” على يدها ما يشير إلى اصابتها ب “الحمى” حيث يواجه ملايين السودانيين المقيمين بالداخل خطر مجابهة الأوبئة حيث  وصلت الإصابات بحمى الضنك  لأرقام كارثية في ظل غياب أي شكل من أشكال الرعاية الصحية التي تأثرت بتداعيات  الحرب المشتعلة مقروناَ ذلك بحالة استغلال تتم للمرضى من اجل حصولهم على محاليل “البندول”. 

كل ذلك دفع بالبعض لتفسير حالة “التراشق البذئ ” الأسفيري بأنها تاتي في سياق عملية كاملة من أجل صناعة “الترند” وخلق رأي عام  بعيد عما يدور في الواقع  وهم يحملون ما يجرى لما اسموه ب”الغرف” المعينة   وهي غرف ترتبط بشكل ما بالاجهزة النظامية وبمجموعات تدين بالولاء لنظام الجبهة الإسلامية  المهزوم بالثورة، والمستعد الأن لقبول هزيمة جديدة في ظل تنامي الخطوات المتجهو نحو إحلال السلام  في السودان وإنهاء الحرب 

غرف امتهنت صناعة الكذب طوال حرب العبث السودانية فيما  يبدو أنها بدأت تنطلق نحو اتجاهات أخرى في اللحظة الراهنة  نتيجة  التغيير  في مسارات  المشهد السياسي وفقاً لتفسيرات مراقبين  

وبغض  النظر عن معيار الوعي لدي ما يطلق عليهن “القونات” فأن ما يجري الأن يبدو أكثر من كونه محاولة لصنع صيت شخصي لفنانة يعيدها  لمجال التأثير العام  حيث ان كل المجموعات  تنضوي تحت راية معسكر واحد هو معسكر “البلابسة” وما يجرى يؤكد على أنعدام الرؤية في التعاطي مع  المشهد والعجز عن مواجهة رياح التغيير التي أصبحت تضرب بشدة في أعقاب بيانات “الرباعية” وتجذر قناعة انه لا حل للازمة في العنف وهو ما يعزز من فرضية تورط الغرف في محاولة صناعة التريند . 

ترندات “الانحطاط” بدأت احد المشاهد الحاضرة  بشكل كبير في التايملاين السوداني في  الفترة الأخيرة  وهي فترة الحرب والنزاع  حيث بات استخدام “الفاظ خارجة عن المألوف” احد وسائل الصعود وتحقيق أكبر قدر من المتابعات  وهو ما يبدو ماثلاَ  في تتبع المشهد  الاسفيري السوداني والمسيطرين عليه .

 ولا يستبعد الكثيرين دور غرف  صناعة التضليل في توظيف هذا الصراع كـ”تسلية سياسية” أو تشتيت للانتباه عن قضايا أكثر حساسية أو جدية في المجتمع خصوصاَ اذا ما تمت قراءته  في سياق تمدد الحميات والأوبئة في البلاد بشكل عام  . 

لم ينتهي المشهد  في سياق ما تم تداوله من لغة غارقة في الانحطاط بين الفنانتين والذي  انتهي بهن الأمر  لتقديم اعتذار  على ذات المنصة عن اللغة التي تم استخدامها  المفارقة ان هذا الامر تم بعد تدخل من مجموعات تنشط في ذات  المعسكر الاسفيري  الداعم لخيار استمرار الحرب  وهو  الامر الذي يمضي في اتجاه  ان القصة كلها  يمكن ان تكون مرتبة لأجل تحقيق  أهداف أخرى  وان خلفها  نفس “الغرف” في حرب أول ضحاياها  كانت الحقيقة . 

افرزت  معركة  “الفنانات” جدلاَ اخر  تعلق هذه المرة بإمكانية أستمرار  عمل تطبيق “تيكتوك” في السودان وسط مطالبات متزايدة بضرورة حجبه بدعوى أنه أصبح منصة لبث محتوى “مخالف للقيم المجتمعية” ويُسهم في نشر الانحلال الأخلاقي

ورغم عدم صدور قرار رسمي حتى الآن من وزارة الاتصالات أو الجهات التنظيمية بحظر التطبيق، فإن حالة الترقب والتخوف من قيود جديدة على الفضاء الرقمي في البلاد باتت واضحة، وسط ضغوط مجتمعية متواصلة مدفوعة بأصوات ترى أن المنصة تلحق ضرراً بالغاً بالنسيج الاجتماعي، خاصة في ظل الحرب وما يرافقها من اضطراب في خدمات الإنترنت وتقييدات سابقة طالت بعض المنصات كان آخرها حجب مكالمات واتس آب داخل السودان  وهو ما يجعل  البعض يفسر ما حدث  بانه مجرد خطوة أولى تتبعها خطوة  حظر التطبيق في السودان كامتداد  لمشروع تقييد المنصات الذي تتبناه  السلطات السودانية في زمن الحرب وبالطبع عملية تدفق المعلومات . 

ينتهي الحال بالفضاء الذي كان يزينه مفكرين وادباء وكتاب وشعراء وفنانبين وفنانات باذخين الى فضاء يسيل بذاءة وانحطاطا الان، الفضاء الذي كان مرصعا بالنجوم أضحى مأوى لما لا يمكن وصفه في  زمن الحرب وكامل الانحطاط .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى