“السودان.. الحرب المنسية” في قلب مهرجان إيطالي عالمي يبحث عن معنى السلام

فيرارا أفق جديد

في قلب المدينة التاريخية فيرارا، وبين جدرانها التي شهدت قروناً من الفنون والأفكار، خصص مهرجان “إنترناسيونالي في فيرارا 2025” مساحة نادرة للحديث عن الحرب في السودان .ونظّم المهرجان، الذي تُشرف عليه مجلة “Internazionale” الإيطالية بالتعاون مع بلدية فيرارا ومنظمات إنسانية أوروبية، ندوة مؤثرة بعنوان “السودان: الحرب المنسية في قلب إفريقيا”. شارك فيها صحافيون وعاملون إنسانيون ومخرجون وثائقيون تحدّثوا عن واقع بلدٍ “تُسمع فيه أصوات القنابل أكثر من أصوات الناس”، كما قالت الصحافية إيرين بانوزو.

خلال الجلسة المعنونة “السودان: الأزمة الكبرى المنسية”, التي أُقيمت يوم الجمعة 3 أكتوبر، اجتمع عدد من الخبراء والصحفيين لتسليط الضوء على واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم اليوم. تحدّثت الصحافية الإيطالية إيرين بانوزو، المتخصصة في النزاعات الأفريقية، إلى جانب فيتوريو أوبيزي، رئيس برامج منظمة أطباء بلا حدود في السودان، وأدارت الجلسة الصحافية فرانشيسكا سيباني.

كشفت الندوة بالأرقام حجم الفاجعة: 150 ألف قتيل مباشر، و500 ألف غير مباشر، و12 مليون نازح، و30 مليون إنسان بحاجة إلى مساعدات عاجلة. لكنّ الأرقام، كما قالت بانوزو، “لا تُظهر إلا ظلّ المأساة”، مشيرةً إلى أنّ المعاناة تتجسد في وجوه النساء والأطفال، في المخيمات التي تحوّلت إلى مدن من الطين، وفي شهادات ضحايا الاغتصاب الذين صاروا رمزًا لجريمةٍ تُرتكب في صمت.

قال أوبيزي في مداخلته: “المدنيون هم من يدفعون الثمن الأكبر. خمس مناطق سودانية تواجه خطر المجاعة، ومستشفيات الحدود في أدري بتشاد تعمل فوق طاقتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”.

عرضت المخرجة فرانشيسكا مانوتشي خلال الجلسة مقتطفات من فيلمها الوثائقي الجديد الذي يتتبع أصوات الناجين من الحرب، مؤكدة أنّ “الشهادة ليست فعلًا توثيقيًا فحسب، بل مقاومة ضد النسيان”.

من جهتها أكدت مديرة المهرجان كيارا نيلسن أنّ تسليط الضوء على السودان كان خيارًا مقصودًا هذا العام:“نحن نبحث دائمًا عن القصص التي لا تصل إلى العناوين الأولى. في عالمٍ يلتهمه الصخب، السودان يذكّرنا بأنّ الصمت قد يكون أكثر عنفًا من الحرب نفسها.”وأضافت نيلسن أن المهرجان هذا العام، في نسخته التاسعة عشرة، جاء تحت شعار “السلام في المركز”، مستلهمًا رمزية زهرة في بندقية شعار ستينيات القرن الماضي كرسالةٍ تدعو إلى إعادة النظام إلى فوضى العالم.

وفي ختام الجلسة، دعا المشاركون وسائل الإعلام الدولية إلى “كسر الصمت حول السودان”، مؤكدين أن السكوت عن المأساة هو تواطؤ جديد ضد الإنسانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى