حكام ما بعد الحرب ينتظرون..

الاتجاه الخامس

بقلم : د. كمال الشريف

هذا تاريخ طويل لسيرة الحروب في العالم.

الحرب لوحدها فترة في جغرافية الدولة، وتغيير في قباحة الأرض، وتوهان في عقلية الأطفال..

وأمراض غير معلومة الأسماء حتى الآن.

كما أخبرني زملاؤه من الأطباء أننا نعمل في علاج حميات نسميها أو يسمونها كما يشاؤون، لكننا نعالج الناس بنظام (الأمبريلا)، مضادات حيوية نوقف بها أحياناً كثيرة أعراضاً، ومختبراتنا حتى اللحظة قد تكون قراءتها غير واضحة علمياً.

وأمراض ما بعد الحرب في السودان لم نناقشها حتى الآن، منذ مصنع الشفاء، ومنذ اليرموك، والخ ما قُصف في السودان.

معلومة: أمريكا كل أسلحتها منذ 1994 يورانيوم مخصب، حتى عربات الحرب مطلية بيورانيوم مخصب.

نحن لم نتعرف أكثر حتى اللحظة على أمراض الحرب.

نتكلم في السياسة وفي التاريخين السياسي والعسكري،

نكتب عن إنتصارات إعلامية، ولكننا لم نتعرج لنكتب أن كل موقع دُمّر أو مواطن قُتل تحته خراب أمة لأكثر من مئة عام، كما حدث في الحروب حتى الحديثة التي عايشناها.

أي حربٍ يموت قادتها بإنتصاراتهم، ولا يموتون بهزيمتهم، هذا ما يقوله التاريخ.

إن أي حرب تنتهي، يأتي آخرون يستلمون المناصب والبنادق،

بفلسفة أن هؤلاء العسكر والسياسيين إن كانوا عسكر وطن والسياسيين أهل أمة وليست جماعات أو أفراد، فإن الحرب قد قامت.

وللعلم، إن كل من هم الآن على عربات الموت، والآخرين على مايكات القنوات، لا دور لهم بعد أن تنتهي الحرب.

هذه هي نظرية الإنتصار للوسطاء المستثمرين من خارج ميادين المعارك وعنابر المستشفيات وموتى المقابر المنسية.

سوف يقدمون لكم حكاماً جدداً لا نعرفهم حتى اللحظة، ولا هم حتى يعرفون.

إنها سيناريوهات الوسطاء الدوليين، وحتى المحليين.

نحكي بدايات حرب الربيع العربي: من يحكم ليبيا الآن؟

وسوريا من يحكمها؟

وحتى غزة حتى الآن، كل من جعلها دولة خلال ثلاثين سنة ماضية لا يمكنهم أن يعودوا حكاماً لها،

وحتى الآن لا يعرف الوسطاء من يحكمها جهراً، ولكنهم صامتون بالحكام الجدد.

هل تقبل بشخصٍ عاملك كعدو، وآخر كعميل، وثالث لم يحْمِك، أن يكون حاكماً جديداً لك؟

… حكام ما بعد الحرب آخرون…

في بلد إمتصت فيه الحرب أكثر من 400 ألف قتيل خلال عامين وقليل،

ودُمّرت فيه بنيات تحتية تزيد قيمتها عن 660 مليار دولار،

ورُشّت فيه آلاف الكيلومترات بأسلحة مختلفة الألوان، وبإستخدامات لجنود مرتزقة وآخرين من صف الفطور،

ودُمّرت فيه عقول أكثر من 30 مليوناً تدميراً كاملاً…

والخلاصة، نحن في إنتظار حكام جدد لا يوجدون في الساحة الآن،

ويبقى خيار الشعب ثورة،

وتبقى الثورات إستثمارات الوسطاء.

 

(وشن بنقول يا أبو السرة)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى