“أم دم حاج أحمد”.. واقع مظلم

أفق جديد

بأجساد مُنهكة، وأنفاس متقطعة، وثياب بالية، وصلت أعداد كبيرة من النازحين من منطقة “أم دم حاج أحمد”، بولاية شمال كردفان، إلى مناطق “الجموعية”، في أعنف موجة نزوح وانتهاكات ارتكبتها قوات “الدعم السريع” في مواجهة المدنيين.

“وصلنا إلى مناطق الجموعية بعد رحلة طويلة وشاقة، بعد وصول قوات الدعم السريع إلى محلية أم دم حاج أحمد، وارتكاب أفظع الانتهاكات والجرائم بحق المواطنين الأبرياء” يقول الفاتح حسين لـ”أفق جديد”، ويضيف: “الوضع معقد للغاية والناس يحتاجون إلى المساعدات الغذائية”.

وتابع: “الوضع قلق ومحرج. أُجبرنا على النزوح. تركنا كل شيء هناك وأطفالنا يحتاجون إلى الغذاء والدواء”.

من جهتها تقول آسيا عبد الغفار: “عناصر الدعم السريع استباحت أم دم حاج أحمد، وقتلت الشيوخ والنساء والأطفال وهربنا خوفًا من الموت والدمار”.

وأضافت آسيا في حديثها لـ”أفق جديد”: “مارست قوات الإجرام عمليات القتل والنهب والسلب وأجبرتنا على مغادرة منازلنا”.

وتابعت بالقول: “المليشيا نفذت إعدامات ميدانية بحق المدنيين بتهمة التعاون مع الجيش السوداني والاستخبارات. أصابنا الرعب والخوف من الانتهاكات الفظيعة.”

وفي 25 أكتوبر الماضي، سيطرت قوات “الدعم السريع” على مدينة بارا، بشمال كردفان، ثم سيطرت على محلية “أم دم حاج أحمد” 27 أكتوبر، وارتكبت أثناء توسعها وانتشارها – وفق شهود عيان- انتهاكات واسعة.

وأثناء وجود قوات “الدعم السريع” في مدينة “بارا” قبل طردها من المنطقة في سبتمبر الماضي، نفذت القوات، بمساندة مرتزقة من دولة جنوب السودان، عمليات نهب في الأسواق والمنازل، ما أدى إلى نزوح عدد من الأسر قسرًا باتجاه الأبيض.

وطبقًا للمواطن عبد الباقي الطريفي، فإن قوات “الدعم السريع”، أعدمت العشرات من المدنيين في مدينة بارا، ونفذت عمليات نهب وسرقة واسعة”.

وأوضح الطريفي في حديثه لـ”أفق جديد”، أن “المليشيا المتوحشة نهبت كل شيء في الأسواق بما في ذلك الأموال والذرة والأغنام”.

وفي 28 أكتوبر الماضي قدرت المنظمة الدولية للهجرة نزوح ما بين 24 و26 ألف شخص من محلية “أم دم حاج أحمد” ونزوحَ 3720 شخصًا من بارا منذ 25 أكتوبر وحتى 28 أكتوبر، و285 شخصاً من مدينة أم روابة يوم 27 أكتوبر، و340 شخصًا من قرية أم بشير بمحلية الرهد يوم 26 أكتوبر.

وأعلنت قوات “الدعم السريع” السيطرة على محلية “أم دم حاج أحمد” بولاية شمال كردفان- غربي وسط السودان، واجتاحت المدينة التي كانت تخضع تحت سيطرة الجيش السوداني، وتمكنت من بسط نفوذها الكامل عليها بعد معارك استمرت لساعات.

وتقع “أم دم حاج أحمد” على بُعد نحو 70 كيلومترًا شمال شرق مدينة الأبيض، وتربط بين محاور عسكرية مهمة في كردفان.

وتُعد المنطقة من المدن البارزة في شمال كردفان وتقع في الجهة الشمالية الشرقية من الولاية، وتشتهر بتاريخها العريق وسوقها الكبير الذي يعد من أكبر الأسواق في المنطقة، كما تعرف بكونها مركزًا تعليميًا ودينيًا يحتضن عددًا من خلاوى تحفيظ القرآن الكريم.

ويعتمد سكان منطقة “أم دم حاج أحمد”، على الزراعة المطرية خاصة محاصيل الذرة والدخن والسمسم، إضافة إلى الثروة الحيوانية التي تشكل دعامة أساسية لاقتصادها المحلي.

ويجيء التصعيد الجديد في العمليات العسكرية بعد أيام من سيطرة “الدعم السريع” على مدينة بارا ومناطق أخرى في كردفان ودارفور، في تطور بارز لمسار الصراع بشمال كردفان.

والتطورات الأخيرة تشير إلى تغير في موازين القوى الميدانية في دارفور وولاية شمال كردفان، مع عودة قوات “الدعم السريع” إلى المنطقة بعد أقل من شهرين على انسحابها منها.

وقال المتحدث باسم قوات الدعم السريع في بيان، إن قواته واصلت الانتصارات في عدة محاور وسط انهيار متسارع للجيش، وتمكنت “من تحرير محلية أم دم حاج أحمد بولاية شمال كردفان، في انتصار جديد خلال ساعات أعقب تحرير مدينة الفاشر في شمال دارفور ومدينة بارا بولاية شمال كردفان”.

وأوضح أن قواتهم ألحقت “هزيمة مذلة بجيش الإرهابيين ومليشياتهم”، وبسطت كامل السيطرة على محلية أم دم حاج أحمد.

وأكد أن قواتهم كبدت الجيش السوداني خسائر فادحة بلغت مئات القتلى، كما تم الاستيلاء الكامل على العتاد والمعدات وعشرات المركبات القتالية، ولاذت بقية القوات بالفرار.

ووفق المتحدث الرسمي، إن هذه الانتصارات العظيمة تعد خطوة مهمة نحو تحرير كامل الوطن “إيذانًا ببزوغ فجر السودان الجديد الذي يشارك الجميع في بنائه على أسس من الحرية والعدالة والسلام”.

ويخشى مراقبون من تفاقم الأوضاع الإنسانية في المناطق المتأثرة بالاشتباكات نتيجة استمرار موجات النزوح واستهداف المناطق المدنية.

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبًا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ويحتاج 30.4 مليون سوداني – 64% من السكان – إلى مساعدات إنسانية هذا العام، وكانت الأمم المتحدة تخطط لمساعدة قرابة 21 مليونًا منهم قبل أن تقلص العدد إلى 17.3 مليون شخص جراء نقص التمويل.

ويخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023 حربًا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونًا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى