جمال الطيب يهزم الحرب بالإنسانية
أفق جديد
فاز الطبيب السوداني جمال الطيب بجائزة أورورا لإيقاظ الإنسانية لعام 2025 تقديراً لدوره البطولي في إبقاء مستشفى النو بمدينة أم درمان قيد التشغيل رغم القصف العنيف وانهيار النظام الصحي والنقص الحاد في الموارد.
أعلنت مبادرة أورورا الإنسانية يوم الخميس عن منح الدكتور الطيب الجائزة التي تبلغ قيمتها مليون دولار أمريكي والتي تُمنح سنوياً للأفراد الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين. ووصفت لجنة التحكيم الطبيب السوداني بأنه رمز للقيادة الإنسانية الحقيقية في أحلك الظروف وأكثرها قسوة.
منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 تحولت العاصمة الخرطوم الكبرى إلى منطقة منكوبة، لكن الدكتور الطيب ظلّ ثابتاً في موقعه بمستشفى النو، أحد آخر مرافق الإحالة التي ما زالت تعمل رغم القصف المتكرر وانقطاع الكهرباء ونفاد الإمدادات الطبية. وفي حديث لإذاعة NPR الأمريكية قال الطبيب إنهم أجروا عمليات جراحية بلا تخدير وبأدوات محدودة، وإنهم يعملون فقط لأنهم لا يملكون رفاهية التوقف، فالناس تموت إن فعلوا.
ومن بين القصص التي تجسد حجم المأساة قصة الطفلين تقوى وفارس اللذين أصيبا بجروح بالغة عندما سقط صاروخ بالقرب من السوق حيث كانا يشتريان أغراضاً لوالدتهما. اضطر الدكتور الطيب إلى بتر ساق تقوى وساق وذراع شقيقها في غرفة الطوارئ مع نفاد شبه كامل للتخدير. وصلت والدتهما بعد ساعات وهي تتوقع أن تجدهما ميتين، لكنها وجدت الطبيب يقاتل لإنقاذ حياتيهما. يقول الطيب إنه في تلك اللحظات حين يرى مريضاً يلتقط أنفاسه بعد الألم يدرك أن هناك شيئاً يستحق الاستمرار من أجله.
وُلد جمال الطيب في كردفان لأسرة متواضعة، إذ كان والده ضابط شرطة ووالدته معلمة. درس الطب في بيلاروسيا قبل أن يتخصص في جراحة العظام والكسور بجامعة الإسكندرية في مصر. يقول عن اختياره مهنة الطب إنه في طفولته رأى هشاشة الحياة وكيف يمكن لشخص واحد أن يصنع فرقاً بمعرفته ورحمته، ولذلك قرر أن يكون طبيباً يخدم الناس في لحظات ضعفهم.
اختار الدكتور الطيب البقاء في السودان رغم المخاطر، مؤكداً أن أسرته هي مصدر قوته وأن حديثه مع زوجته وأطفاله يمدّه بالأمل ويذكّره بسبب استمراره في عمله. وقد تم اختياره من بين أكثر من 800 مرشح حول العالم، فيما شهد حفل التكريم الذي أُقيم في جزيرة إليس بالولايات المتحدة تكريم عدد من العاملين في مجال الإغاثة، من بينهم سالي بيكر والدكتور زهير لهنا والدكتورة جيل سيمان.
قال اللورد آرا دارزي، رئيس لجنة اختيار الجائزة والمدير المشارك لمعهد الابتكار في مجال الصحة العالمية في إمبريال كوليدج لندن، إن الدكتور الطيب جسّد بأفعاله معنى القيادة الإنسانية الحقيقية في مواجهة الخطر والحرمان الذي لا يمكن تخيله.
وفي ختام حديثه عن الجائزة، قال الدكتور جمال الطيب إن جائزة أورورا تمثل رمزاً للأمل، وتكرّم أولئك الذين يفضّلون الرحمة على السلامة، وتذكّر العالم بأن الشجاعة واللطف ما زالا موجودين رغم الخراب. وأضاف أنه لا ينظر إلى الأرواح التي فُقدت، بل إلى الأرواح التي أُنقذت.
نقلا عن
Medicine Angels





