نغمة من الوطن في المهجر

محمد إسماعيل
إستضاف مقهى عندليب الثقافي بحي فيصل في القاهرة، الموسيقار يوسف الموصلي، العائد من الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في مهرجان الموسيقى العربية، حيث قدّم ورقة علمية حول الموسيقى الإلكترونية وتحوّلاتها في عصر الذكاء الاصطناعي.
وقال الموصلي في حديثه خلال الأمسية “حضرت إلى القاهرة ضمن تحضيرات المهرجان، ووجدت فرصة لتقديم محاضرة في دار الأوبرا المصرية عن تحوّل الموسيقى إلى الأرقام (الديجيتال)، وظهور الذكاء الاصطناعي وإستخداماته في التلحين والغناء وتأثيره على مستقبل الأغنية.”
وقد وجدت المحاضرة تفاعلاً كبيراً من جمهور و رواد منتدى ضربة حرة الذي أسّسه الموسيقار علي الزين تحت مظلة مركز علي الزين الثقافي، ويفام أسبوعياً في مقهى عندليب.
من قشلاق البوليس إلى الموسيقى الإلكترونية
ولد يوسف الموصلي في الخرطوم غرب، في منطقة قشلاق البوليس الغربي، حيث نشأ وتلقى تعليمه الإبتدائي، ثم درس في الأهلية الوسطى والإنجيلية المصرية، قبل أن يكمل المرحلة الثانوية في مدرسة جمال عبد الناصر.
توجّه بعدها إلى دراسة الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى والمسرح بتخصص التأليف والتوزيع، ونال ماجستير من الكونسرفتوار بالقاهرة، ثم ماجستيراً آخر من جامعة آيوا الأمريكية في تأليف الموسيقى الإلكترونية.
وقد عاش الموصلي أكثر من عشرين عاماً في الولايات المتحدة، وواصل خلالها نشاطه الفني والأكاديمي.
بدايات من النغم الشعبي
بدأ الموصلي مشواره الفني من قلب البيئة الشعبية، حين شكّل ثنائياً مع الراحل مهدي قرشي ضمن مجموعة من الكورس وعازفي الإيقاعات من أبناء قشلاق البوليس.
كانت تلك البدايات متواضعة، إذ شارك في حفلات بأجر رمزي أو تطوعاً قبل أن ينطلق لاحقا نحو فضاءات أرحب في عالم التأليف والتوزيع.
عمل بالتدريس في المعهد العالي للموسيقى والمسرح بالخرطوم، وأسّس مركز الموصلي للفنون في الولايات المتحدة. كما تقلّد عدداً من المناصب الفنية والإدارية.
عرّاب الموسيقى السودانية الحديثة
يعتبر يوسف الموصلي من أبرز رموز الحداثة الموسيقية في السودان، إذ مزج بين الجمال الفني والإلتزام الوطني، وبين اللحن والرسالة.
قاد أوركسترا المعهد العالي للموسيقى والمسرح في مهرجانات الثقافة السودانية، مقدماً أعمالنا خالدة مثل مسدار (غناء عبدو الصغير)، رسالة إلى أمي (سمية حسن)، ووينك إنتِ (من ألحانه).
كما يعتبر أول موسيقار سوداني يقود أوركسترا الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن في تسجيلات الراحل أحمد الجابري داخل استوديوهات الإذاعة المصرية (ماسبيرو)، إلى جانب قيادته أوركسترا الفرقة الذهبية.
إرث فني زاخر
قدم الموصلي مئات الأغنيات تأليفاً وتوزيعاً وإشرافاً فنياً، من أبرزها: أمطرت لؤلؤاً – الكابلي، ليل الشجن – البلابل،
أرحل – محمد وردي، سوف يأتي – محمد الأمين، الحزن النبيل والبت الحديقة – مصطفى سيد أحمد، ألم الفراق – إبراهيم عوض،
ما نسيناك – أحمد الجابري،
واحشني – أبو عركي البخيت،
حنين يا ليل – زيدان إبراهيم،
كل النجوم – هادية طلسم،
المشاوير – علي السيد.
ضد الحرب ومع الإنسان
وفي حديثه عن الحرب الدائرة في السودان، قال الموصلي:
“أنا مع السلام والإنسان، وضد الحرب منذ وقت مبكر. غنيت بلدنا نعلي شأنها، سودنا مادامت، ونحلك يا قضية من غير صوت بندقية. الشعب السوداني عظيم ولا يستحق ما حدث له.”
وإختتم الأمسية بعدد من أغنياته التي تفاعل معها الحضور بحرارة، منها الأماني السندسية وبلدنا نعلي شانها، في ليلة جمعت بين عبق الوطن وصوت الفن الأصيل.





