حين يعود 17 نوفمبر… تشرق ذكرى “ست النفور” ورفاقها الميامين
الزين عثمان
“ما نسينا المجزرة لا الدمازين .. اتمحت لا قطارات اتبرا ندخل بري بالنص من زقاق المقبرة” السابع عشر من نوفمبر العام 2021 بحري ست النفور ورفاقها من الثوار وذات الاناشيد “حكم العسكر ما بتشكر مدنيا وإن طال السفر” من أنجزوا المجزرة الأولى عند بوابات القيادة العامة كرروها في بحري حصدوا برصاصهم أرواح الشباب الذين خرجوا بأياد بيضاء وصدور عارية إلا من اليقين بعدالة قضيتهم وحتمية إنتصارها
مع مغيب شمس الأربعاء السابع عشر من نوفمبر 2021 لم يكن أحد يعلم على وجه التحديد عدد الضحايا الذين سقطوا بالرصاص الحي طيلة ساعات النهار بعد ثلاث أسابيع من إنقلاب البرهان وحمدان
شهدت يومها المدينة الهادئة أكثر لياليها حلكة في ذلك النهار طوي عنف الأجهزة النظامية أرواح 17 شابة لم يرتكبوا أي جناية غير رفضهم الإنقلاب وبدا وكان الأمر كان قراراً مسبقاً بإعدامهم قد صدر من سلطات الإنقلاب ومن حكومته التي لم تكتفي بقتلهم بل مضت في إنكار فعلتها لتلافي سيل الإدانات على سلوكها في مواجهة المحتجين السلميين
السابع عشر من نوفمبر يومها نعي الناعي “ست النفور بكار” السستر التي قرر الانقلابيين وضع نهاية لحياتها برصاصة كانت موجهة وبشكل أساسي نحو حلم ديسمبر وجيلها الراغب في إعادة بناء السودان على هدى قيم الحرية السلام والعدالة كان الديسمبريون يهتفون العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل وهو سبب كافي للقتل وفقاً لشريعة الإنقلابيين ومناصريهم ممن رأوا في قتل المظاهرين حفظ ل “كرامة” الدولة
بعد عام وبضع شهور من مجزرة بحرى ومن إستمرار مجازر الموت في الشوارع التي لم تتوقف كانت “الكرامة” ترتدي علامة الحرب التي إشتعلت بين من كانوا يوجهون رصاصهم نحو “ستو” ورفاقها إنقلاب “ابو راسين” كما وصفه الحاج وراق ينتهي لذات تحليله حرب بين منفذيه المؤسف أنه حتى وحين إختلف لصوص الثورة لم ينكشف المسروق وانما إنتهى الأمر بهم لسرقة الأمان والسلام لبلد كامل المفارقة ان ثمة من يحمل ستو ورفاقها من الديسمبريين وزر الحرب التي أشعلها ذات من قتلوهم !
في تذكر “ستو” ثمة من يستعيد تفاصيل الصورة لصاحبة ال 24 ربيعاً الممرضة التي تخرجت لتوها من الجامعة الثائرة في مقدمة المواكب بلافتتها المكتوب عليها “ما زلت جميلة حرة كاملة محترمة غالية محبوبة شجاعة عظيمة و ملهمة وقوية”
في تذكر رحيل من توجها الديسمبريون “ايقونة” لهم وللاستمرار في مقاومة حكم العسكر ثمة من يربط بين ما يجري الأن وبين جدلية غياب المسألة و الإفلات من العقاب كأحد أبرز مظاهر المشهد السوداني إفلات من تسببوا في مجزرة فض الإعتصام فتح الباب أمام تكرارها في ميدان الرابطة حيث حصد رصاص السلطة أرواح الشباب وهو ذات الميدان في شمبات الذي شهد قتل متظاهري سبتمبر وبسلاح “الجنجويد” في العام 2013 من أفلتوا بجرمهم صبيحة العيد أعادوه مرة اخرى ولم يكن لهم الإفلات في مرة ثالثة فوجدوا رصاصهم يحصد بعدهم في حرب أبريل “العبثية” عند البعض والمخطط لها عند اخرين أشعلوها من أجل العودة للحكم مرة اخرى ثمة من يري في صراع الجيش والدعم السريع إقتصاص للدماء التي ازهقوها حين كانوا واحد في مواجهة شعب كامل
ومجزرة بحري قبل أربع أعوام هي مجرد صفحة في كتاب إنتهاكاتهم صفحة كان أول ضحاياها الشهيد الدكتور على فضل بمسمار في الرأس ولا تزال تحصد في أرواح السودانيين يخطط لها وينفذها “نفس الزول” الذي دفع بشركاء الإنقلاب لتنفيذه وحين فشل دفعهم دفعاً نحو الحرب في كل الأحوال كان الضحية هو الشعب و ذنبه أنه تجرأ و أسقط حكمهم الفكرة التي قتلت “ستو” في ميدان الرابطة بشمبات وقبلها بكور وهزاع هي ذات الفكرة التي انتهكت حق الناس في الحياة وفي الأمان في الفاشر وفي بارا الحرب بنت الإنقلاب والانقلاب أبن ذات الحركة وفلول الحزب المعزول
وذكرى مجزرة بحري غياب ستو ورفاقها يعيد طرح السؤال حول موقع المكونات المدنية في مشهد البلاد التي تقودها الحرب بخطوات متسارعة نحو الإنقسام تسود بين مكوناتها خطابات “الكراهية” ويتراجع في المقابل خطاب الثورة وأحلامها في مشهد مكونات الثورة يبرز ذات الانقسام بعض من كانوا في مواكب بحري التحقوا بقوات تأسيس لتحقيق حلم التحول الديمقراطية وفقاً للدعاية بينما حمل آخرين سلاح الإستنفار في صفوف الجيش بحثاً عن كرامة مهما بحثوا لن يجدوها بعيداً عن سلمية ثورتهم وقيمها الكرامة مثل الديمقراطية لا يمكن تحصيلها عند المتقلبين عليها
في بحري حيث ترعرع الشهداء ومضوا في الشوارع التي روها بدمهم ساعة صعودهم برصاص الإنقلابيين قبل أربع سنوات المدينة التي سقطت يومها في الدم سقطت في موت الحرب الف مرة لا شيء فيها يشبه ما كان بالامس لا ميدان الرابطة ولا مؤسسة الشعب ولا المستشفى الدولى لا الناس هم الناس ولا ابتساماتهم مثلما كانت بالامس القريب لكن الحرب التي دمرت كل شيء عجزت من أن تمحو حروف مكتوبة على جدار مجزرة 17 نوفمبر بحري لن تنسي ولن تغفر.





