نيران “أولاد قمري”  تشتعل بالشمالية

الزين عثمان 

في الولاية الشمالية أعلنت لجنة الأمن بالولاية أن قطاع دنقلا العملياتي التابع للقوات المسلحة استعاد السيطرة الكاملة على مدينة دنقلا والمناطق المحيطة بها، بعد مواجهة مع كتيبة الاستطلاع “أولاد قمري” التي رفض قائدها الامتثال لتوجيهات الجيش بتسليم السلاح والسيارات القتالية .

الجمعة وجد أهل المدينة الواقعة في شمال السودان أنفسهم في قلب “الحرب” التي ظنوا أنهم تركوها خلفهم في مدن “المواجهات” وفي العاصمة الخرطوم قبل ان تلحق بهم شمالاً والسبب هذه المرة كتيبة “أولاد قمري” 

ومجموعة أولاد قمري يقودها شقيقان من عائلة قمري، هما حسن وحسين، إلى جانب ثلاثة إخوة آخرين. وتعود أصولهم إلى منطقة شمال دنقلا في الولاية الشمالية. وتشير المصادر إلى أن المجموعة بدأت أنشطتها منذ سنوات في أعمال وصفت بـ”الإجرامية”، ولديها سجل جنائي سابق. ومع مرور الوقت توسع نشاطها ليشمل أفراداً من أصحاب السوابق الإجرامية، حيث تجاوز نطاق عملها حدود الولاية الشمالية ليصل إلى ولايات دارفور وكردفان، وصولاً إلى ليبيا.

المجموعة واجهت في وقت سابق ملاحقات خارجية، إذ قامت عصابات التبو الليبية في الصحراء باعتقال عدد من أفرادها. كما ارتبط اسمها بأنشطة تهريب عبر الحدود، قبل أن تنخرط في القتال إلى جانب القوات المسلحة السودانية ضد قوات الدعم السريع. وتشير المصادر إلى أن هذه الخلفية المعقدة ساهمت في تصاعد التوترات الأمنية الأخيرة بمدينة دنقلا، خاصة مع استمرار نشاط المجموعة قبيل إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 

المفارقة أن حرب الجيش مع مليشيات أولاد قمري كانت عنوان جانبي لحرب كاملة تقول القوات المسلحة انها تخوضها من أجل تفكيك مليشيا “دقلو” وهو المشوار الذي وَلّد خلال أكثر من عامين ما يزيد عن ال 80 مليشيا انخرط أفرادها في حرب كرامة تفكيك “المليشيات” بحسب دعاية الحرب 

المدهش هو ما تداوله “ناشطون” وهو أن مجموعة أولاد قمري فضّلت التحالف مع قوات درع السودان بقيادة أبو عاقلة كيكل، وهو ما أثار حفيظة الجيش. وأكدت المصادر أن أفراداً من المجموعة شاركوا في المعارك الأخيرة في كردفان إلى جانب قوات درع السودان، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة و كيكل هو قائد مليشيا درع السودان التي تم تشكيلها في منطقة الجزيرة وكان قائدها متورط في انتهاكات الحرب بالولاية وشغل منصب قائد قوات الدعم السريع هناك قبل ان يعلن التحاقه بالقوات المسلحة ويساهم في طرد الدعم السريع من الجزيرة 

عقب مواجهات شهدتها منطقة الميناء البري في مدينة دنقلا أعلنت سلطات الولاية الشمالية “السيطرة” على تمرد أولاد قمري بعد المواجهات الأخيرة مع الجيش وبحسب مصادر فقد تسببت المواجهات في قتل اثنين من حرس قائد المجموعة الذي أصيب وتم نقله لمستشفى مروي فيما طالبت السلطات منسوبي المجموعة بتسليم أنفسهم واسلحتهم لقيادة الفرقة 75 في فترة اقصاها 48 ساعة 

المجموعة التي قالت السلطات  انها نجحت في  تفكيكها بعد مواجهات  محدودة نشأءت وتمددت  بدعم  ذات  السلطات  حيث  يشير الكثيرين للدور الذي لعبته الاستخبارات  العسكرية في تمكينها  وبالطبع تسليحها  اثناء موجة الاستنفار  لخوض غمار حرب الكرامة في وقت تمددت فيه  الشكاوى من قبل  المدنيين حول سلوكيات أفراد المجموعة وسط مكونات  إجتماعية ترفض  فكرة التسليح الرسمي ناهيك عن سلاح  في يد مجرمين ومهربين وخارجين على القانون  وهي التوصيفات  التي تلاحق افراد المجموعة ممن حاولوا إعادة تجميل صورتهم استناداَ  على قيمة كونهم أبطال معركة الكرامة  وحراس  الشمالية من  تهديدات الدعم السريع 

ينظر  البعض  لمجموعة “أولاد قمري” في كونهم  خارجين على القانون إمتهنوا  التهريب  عبر  منطقة “المثلث” المغلق الآن بعد أن سيطرت عليه  قوات  الدعم السريع وأن غياب الحركة  بين السودان وليبيا  جعل منسوبيها يقبعون داخل الولاية الشمالية مما ادخلهم  في مواجهات مع المدنيين الذين استبشروا خير بخطوة  تفكيكهم لكنها خطوة تظل ناقصة حتى الآن حين يتم  التداول  حول نسخة أخرى من  أولاد قمري  ولكن هذه المرة في  منطقة الدبة 

حيث تواصل مليشيا تابعة للشاذلي في محلية الدبة ارتكاب سلسلة من التجاوزات التي شملت الإعتداء على المواطنين العزّل، واستخدام القوة المفرطة داخل الأحياء، وإطلاق النار المتكرر على المدنيين. كما وثّق الأهالي حوادث سرقة ماشية بواسطة عربات قتالية، إلى جانب نشاطات في تجارة المواد المخدرة وحبوب الهلوسة، واستخدام بطاقات وعربات عسكرية «مزيفة» وفقاً لما جاء في نداء أهلي.

ووثّق السكان مرور نحو خمس عربات قتالية محمّلة بأسلحة ثقيلة بينها مدافع و«أربجِهات» و«دوشكات»  داخل الأحياء، مع إطلاق للنار واستعراض وتفحيط، قال الأهالي إنه جاء في سياق «إحتفال بانتصار على مواطني الغابة العزّل”  »

.وينتظر مواطنو الدبة أن يتخذ الجيش خطوات مماثلة لتلك التي نفّذها في مدينة دنقلا ضد مليشيا أولاد قمري، وأن يتدخل لوقف سطوة مليشيا الشاذلي ووضع حد لما يصفونه بالاعتداءات والانفلات الأمني. ويرى الأهالي أن تدخل القوات المسلحة، كما حدث في دنقلا، بات ضرورياً لإنقاذ محلية الدبة وإعادة الأمن لسكانها

في زمان  المجد للبندقية يحتفل  مواطنو دنقلا  بتفكيك  “مليشيا” اولاد قمري التي  لم تكن  لتنهض  لولا ظروف الحرب وبالطبع  الاستنفار وقيادات  عسكرية لا ترى غضاضة فأن  تحارب  مليشيا  هي من صنعتها بصناعة المزيد من المليشيات وبالطبع المدنيون هم من يدفع الثمن  في أخر المطاف ويعلمون  تماماَ أن “تفكيك أولاد قمري ليست نهايتها” فلا  تزال  البلاد ممتلئة بالمليشيات من كل نوع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى