ترامب يعيد فتح ملف الإخوان المسلمون …
كيف يعيد تشكيل المشهد السوداني؟
أفق جديد
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صباح الأحد، إنه سيصنّف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوة تستهدف مجموعة لطالما اتهمت بتزعزع استقرار الشرق الأوسط وتجذير التطرف بين الشباب المسلمين وأوضح ترامب: “سيتم ذلك بأقوى وأشد العبارات قوة”، مشيراً إلى أن الوثائق النهائية لإتمام القرار قيد الإعداد
تصنيف الجماعة ك “إرهابية” كانت حاضرة منذ فترة ترامب الرئاسية الأولى وعززها الآن بتحالفاته الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بالإضافة لخوض إسرائيل معركتها ضد حماس ، حظرت كل من مصر والأردن الجماعة، وصنفتها السعودية والإمارات والبحرين كمنظمة إرهابية، ما يعكس وجود سياق دولي واقليمي رافض لوجود حركة الاخوان المسلمين التي تأسست قبل نحو قرن في مصر، ولها فروع وأحزاب وحركات تابعة حول العالم، منها حماس في فلسطين، والعديد من الحركات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط وأوروبا
في السودان تدفع البلاد فاتورة ثلاثون عاماَ هي فترة سيطرة الحركة الإسلامية على مقاليد السلطة في البلاد بعد إنقلاب عسكري تم التخطيط له منذ سبعينات القرن الماضي وانتهت مآلاته بتقسيم أكبر البلدان الافريقية لدولتين مع تنامي إمكانية تفتت البلاد برمتها على خلفية النزاع الذي يدور الآن بين القوات المسلحة والدعم السريع وبقوة دفع ذات الحركة وهي تحاول الانتقام من شعب ثأر على سلطتها .
وقال خالد عمر يوسف، القيادي في (تحالف صمود)، تعليقًا على اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، إن ما أُعلن «قليلٌ مما تستحقه هذه الجماعة الإرهابية التي ساهمت في تدمير المنطقة بأسرها، وكان السودان نصيب الأسد من شرورها».
وأضاف عبر تغريدة على منصة (أكس) الأحد أن الجماعة «مزّقت البلاد إلى دولتين، وارتكبت الإبادة الجماعية في الجنوب ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وها هي الآن تصبّ الوقود على حربٍ تعصف بكامل البلاد دون رحمة بدأت تغريدة خالد يوسف متماهية مع رغبة تحالف “صمود” الذي طالب في وقت سابق بتصنيف الحركة الإسلامية السودانية كمنظمة إرهابية
في وقت سابق شدد كبير مستشاري ترامب للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس على أن وجود الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة وأي فلول من النظام السابق في أي حل سياسي مستقبلاً خط أحمر بالنسبة للولايات المتحدة ودول الرباعية الدولية « .وهو ما يعزز من موقف الرفض العام لوجود الجماعات الإسلامية في مستقبل السودان وبالتالي تخفيف حدة الصراعات في المنطقة استناداً لتاريخ هذه المجموعة التي تستثمر في إثارة النزاعات بحسب كثيرين
وخلال اجتماعه الأحد بكبار ضباط القوات المسلحة برتبة لواء فما فوق، أوضح الفريق عبد الفتاح البرهان قائد عام الجيش السوداني أنه لا يمكن القبول بالأمارات كوسيط في حل الأزمة وبيًن أن السردية التي يرددها مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا بشأن وجود سيطرة لتنظيم الإخوان داخل الجيش هي سردية ظلت تطلقها دولة الإمارات مبينا أن ذلك لا يعدو أن يكون فزاعة يتم استخدامها للأمريكان والسعوديين والمصريين. وأكد أن هذا الحديث غير صحيح وكذب بواح مبيناً قدرة المؤسسة العسكرية على إصلاح وهيكلة بنيتها بنفسها ويعد طلب إنهاء سيطرة الإسلاميين على الجيش هو أحد مطلوبات الولايات المتحدة الامريكية التي تم التداول حولها في إجتماع سويسرا بين البرهان وبولس في وقت سابق
المفارقة هي أن سردية الدعم السريع لتبرير حربه الراهنة ضد القوات المسلحة قوله أنه يحارب “فلول النظام السابق وجيش الحركة الإسلامية” في الوقت الذي يمثل الدعم السريع نفسه أحد منتوجات الدعم السريع من أجل تفكيك الجيش وضمان سيطرتها عليه في وقت سابق وهو الامر الذي يؤكد على تغلغل الحركة الإسلامية في الازمة السودانية ومسؤوليتها بشكل أو باخر عن إندلاع حرب أبريل والتي تمثل بدورها إمتداد لسلسلة حروب الإسلاميين في السودان الجنوب المنطقتين ودارفور بغية ضمان سيطرتها على الأوضاع
حسناً سبق السودانيون الولايات المتحدة الامريكية في رفضهم سيطرتها على القوات المسلحة وفي مواكب ثورة ديسمبر ولاحقاً إعتصام القيادة العامة رددوا الهتاف “الجيش جيش السودان الجيش ما جيش كيزان”
كما أنهم سبقوا مطالبات التصنيف بانها مؤسسة إرهابية بزمن بعيد وهم يتداولون مقولة منسوبة للمفكر محمود محمد طه وهو يشير لجماعة الاخوان المسلمين بقوله “سيدخلون البلاد في فتنة تحيل ليلها نهار وسيقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً” ورغبة الاقتلاع نفسها كانت هي القوة الدافعة لمقاومة الإسلاميين وصولاَ لإسقاطهم في أخر المطاف عبر ثورة شعبية وأكملوا الأمر حين قاموا بحل حزبها الحاكم وتشكيل قانون لتفكيك التمكين في المؤسسات العامة .
بالنسبة للكثيرين فأن الحركة الإسلامية السودانية تعيش واقعاً بالغ التعقيد في اللحظة الراهنة داخلياً اقليمياً ودولياً عقب ثورة ديسمبر انتهت سلطتها التي حصلت عليها بالانقلاب ما دفع بها للتخطيط على الانقلاب على الثورة في العام 2021 قبل ان تفشل في انقلابها وينتهي الامر بقيام حرب حاولت توظيفها من اجل العودة وقد تكون نجحت في ذلك لكنه نجاح لن يستمر أو يدوم في ظل تمدد حالة رفض الحرب ومعاقبة كل من تسبب فيها يضاف لذلك الموقف الإقليمي المتبلور أيضاً في مشروع الرباعية المكونة من دول يبقي وجود تيار إسلامي في السلطة مرفوض تماماً في السعودية أو في الامارات ومصر وحتى الولايات المتحدة الامريكية مقروناً ذلك ايضاً بالتشظي الذي ضرب اسلاميو السودان ما بعد سقوط حكومتهم عبر ثورة شعبية
خلاصة الامر هنا أن تصنيف الجماعة كمجموعة إرهابية سبق فيه السودانيون ترامب وبالطبع المكونات الاقليمية التي كانت تري في الاسلاميين الحليف الاكثر امانا في المنطقة والترياق الذي يوقف زحف الشعوب نحو تحقيق تطلعاتها في الحرية والعدالة.





