“أم صميمة” .. نزوح جماعي

أفق جديد

تعيش منطقة “أم صميمة” بولاية شمال كردفان أسوأ كارثة أمنية وإنسانية، في ظل العنف والنزوح الجماعي بسبب تصاعد المعارك العسكرية وتصاعد الانتهاكات بحق المدنيين ونقص الخدمات الضرورية من الغذاء والدواء.

وتعتبر بلدة “أم صميمة” منطقة إستراتيجية، إذ تربط بين ولايتي شمال وغرب كردفان، وتقع على بعد نحو 50 كيلومترًا غرب مدينة الأبيض.  

مؤخرًا؛ امتدت المواجهات من دارفور إلى ولايات كردفان المجاورة، وسط تقارير عن حشد عسكري كبير للطرفين المتقاتلين في مدن وقرى شمال كردفان.

 ويسعى كل من الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” للسيطرة على مدينة الأُبيض عاصمة الولاية، التي تمثل مركزًا لوجستيًا واستراتيجيًا يربط بين دارفور والخرطوم، وتضم مطارًا مهمًا لتشغيل الطائرات الحربية.

 وأبلغ شهود عيان “أفق جديد”، أن آلاف النازحين توجهوا إلى مدينة الأبيض وذلك نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في ظل سيطرة قوات “الدعم السريع” على منطقة “أم صميمة” والقرى والبلدات المجاورة. 

 وحسب الشهود، فإن مجموعات كبيرة من النازحين وصلت إلى مناطق مجاورة مثل “أب قعود” و”الممسوكة” بولاية شمال كردفان في ظل غياب واضح لأي دعم إنساني أو استجابة طارئة من السلطات أو المنظمات الإنسانية.

يقول المواطن فخر الدين العباس لـ”أفق جديد”: “يواجه النازحين أوضاعًا إنسانية صعبة وسط نقص حاد في الغذاء والماء والمأوى”. ويضيف: “ولاية شمال كردفان تعاني هشاشة أمنية نتيجة الصراع الدائر ما يجعل المدنيين عرضة للمزيد من الانتهاكات وموجات نزوح كبيرة”.

وأضاف: “مخيمات النزوح تعاني ازدحامًا شديدًا في مدينة الأبيض، وهناك ضعف في خدمات الإيواء والصحة والغذاء والدواء بشكل غير مسبوق”.

لافتًا إلى أن “برنامج الغذاء العالمي لا يقدم سوى 40% من المساعدات المطلوبة، بينما تُسند بقية الجهود إلى مبادرات محلية محدودة لا تستطيع مجاراة الحجم الضخم للاحتياجات داخل المعسكرات”.

وتشهد ولايات شمال وغرب وجنوب كردفان إشتباكات عنيفة أسفرت عن نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.

وسبق أن حذرت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون إفريقيا مارثا بوبي، من تكرار سيناريو دارفور في شمال كردفان.وقالت إن “ما يجري في شمال كردفان ينذر بتفاقم الكارثة الإنسانية في السودان”.

من جهته يقول المواطن خضر موسى لـ”أفق جديد”: إن “المواجهات العسكرية أجبرتنا على مغادرة منازلنا وترك مزارعنا خوفًا من الموت”.

وأشار إلى أن “قطاع الطرق المسلحين الذين يمتطون الدراجات النارية ينهبون بلا رحمة، ويقتلون لأتفه الأسباب دون مراعاة لأي ظروف إنسانية”.

وأوضح موسى أن “معسكرات النزوح في مدينة الأبيض مكتظة للغاية، والبيئة تفتقر إلى أبسط الخدمات، بينما تتزايد المخاوف من دخول فصل الشتاء وسط عجز كبير في الإمدادات الإنسانية”.  

وأضاف: “نزحنا إلى مدينة الأبيض. الناس هنا تحتاج إلى كل المساعدات الإنسانية والطبية في ظل التدهور المريع”.  

وتابع، “مخيمات النزوح أصبحت أكثر سوءًا، وتعتمد على عيادات متنقلة محدودة لا تستطيع التعامل الحالات الحرجة، وسط تزايد كبير في أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية”.

من جهتها تقول أماني عبد العزيز لـ”أفق جديد”: إن أسرتها نزحت من  منطقة “أم سيالة” إلى مدينة الأبيض في ظل ظروف إنسانية سيئة للغاية.

وأضافت بالقول: “الآلاف نزحوا من قرى وبلدات ولاية شمال كردفان بينهم كبار سن ونساء وأطفال ويواجهون إنعدامًا تامًا لمقومات الحياة من علاج وغذاء ومياه صالحة للشرب، وسط تصاعد الأزمات الإنسانية، خاصة مع دخول فصل الشتاء”.

وتابعت: “يقيم بعض من الناس في مبانٍ تقليدية مشيدة من الحطب والقش، بينما يكتفي آخرين بالإقامة في العراء تحت ظلال الأشجار”.

وأوضحت أماني، أن “القرى أصبحت فارغة تمامًا من أهلها في ظل التعامل العنيف من عناصر الدعم السريع الذين يقتلون وينهبون ويغتصبون”.

وفي 12 نوفمبر 2025، كشفت المديرة العامة لمنظمة الهجرة الدولية، عن أرقام كبيرة للنزوح في كردفان، مؤكدة أن حوالي 50,000 شخص نزحوا إثر الأحداث التي وقعت في ولايات كردفان مؤخرًا.

وفي 13 نوفمبر الجاري، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، في تغريدة على حسابه في موقع “إكس” إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة التي تتحدث عن تصاعد العنف في إقليم كردفان في السودان، وشدد على ضرورة وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين من الأطراف الخارجية.

وحث غوتيرش الأطراف المتحاربة إلى تمكين تدفق المساعدات الإنسانية بسرعة، للوصول إلى المدنيين قالمحتاجين، داعيًا الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تسوية تفاوضية للنزاع.

ويخشى مراقبون من تفاقم الأوضاع ٤الإنسانية في المناطق المتأثرة بالاشتباكات نتيجة استمرار موجات النزوح واستهداف المناطق المدنية.

وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ويحتاج 30.4 مليون سوداني ــ 64% من السكان ــ إلى مساعدات إنسانية هذا العام، وكانت الأمم المتحدة تخطط لمساعدة قرابة 21 مليونًا منهم قبل أن تقلص العدد إلى 17.3 مليون شخص جراء نقص التمويل.

وتتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان نتيجة الحرب المستمرة بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل 2023، التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأجبرت نحو 13 مليون شخص على النزوح.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى