حرب العملات تهدد السودان بالتقسيم الى دويلات

بورتسودان – أفق جديد

اشعل بنك السودان المركزي حربا جديدة موازية لحرب 15 إبريل بإعلانه طرح عملة نقدية جديدة للجمهور من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه خلال الفترة المقبلة لحماية العملة الوطنية وتحقيق استقرارها وسعر صرفها، لترد مليشيا الدعم السريع بإعلان اعتمادها الدولار عملة رسمية في مناطق سيطرتها.

ولم يحدد البنك المركزي تاريخ إيقاف التعامل بالطبعات الحالية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه واعتبارها عملة غير مبرئة للذمة، وسط ارتفاع مخاوف المواطنين في مناطق سيطرة مليشيا الدعم السريع من تأثيرات القرارات عليهم.

هدف

وقال البنك فى منشور السبت، إن “الهدف من طرح العملة الجديدة معالجة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد، لا سيما عمليات النهب الواسعة التي قام بها عناصر الدعم السريع لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم، وما نتج من ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير المطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح، وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار”

وأوضح بنك السودان المركزي أن المصارف التجارية وفروعها ستستمر في تسلّم العملات من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه من المواطنين وتوريدها وحفظها في حساباتهم وتمكينهم من استخدام أرصدتهم عبر وسائل الدفع المختلفة.

وستقوم المصارف التجارية، وفقاً لإعلان البنك المركزي، بتسهيل عملية فتح الحسابات للمواطنين الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، لتمكينهم من توريد ما لديهم من العملات من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه والفئات الأخرى للاستفادة من الخدمات المصرفية، بما فيها خدمات الدفع الإلكتروني.

وتشهد العملة السودانية تدنياً كبيراً في قيمتها مقابل النقد الأجنبي خصوصاً مقابل الدولار، الذي وصل سعر صرفه إلى أكثر من 2700 جنيه بفعل مضاربات سماسرة العملات الأجنبية بالسوق الموازي واستمرار الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، توقفت على إثرها الحياة الاقتصادية

قالوا

ونقلت صحف عربية عن أبوعبيدة أحمد، وهو مصرفي سابق، قوله، إن من “الآثار السلبية للحرب في السودان، معدلات التضخم المرتفعة الناتجة من زيادة الكتلة النقدية التي كان 95% منها قبل الحرب خارج النظام المصرفي، ثم اندلعت الحرب في إبريل 2023، فزادت معدلات التضخم وتزوير العملة وعمليات النهب والسلب لأموال المواطنين والمصارف في الولايات التي اندلعت فيها الحرب

وأضاف أن “طباعة عملة جديدة، محاولة من البنك المركزي لكبح جماح التضخم”، مشيراً إلى أن “التضخم علة وليس ظاهرة، فهو مرض ناتج من خلل في السياسات الإنتاجية والمالية والاقتصادية والنقدية، ولن يكبح بعملية طباعة العملة بشكل جديد”. وأكد أن من “إيجابيات طباعة فئة نقدية جديدة، إدخال الكتلة النقدية داخل الجهاز المصرفي وتوسيع المظلة الضريبية، وتفعيل قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال من خلال الربط بين أرصدة العملاء ومصدر الدخل”.

وأشار إلى أن من سلبيات القرار الجديد على مستوى الأفراد، أن “عملية الاستبدال تحصل من خلال فتح حسابات مصرفية، وهذه العملية قد تواجهها صعوبة، لأن هناك الكثير من الولايات لا توجد فيها مصارف عملة أو فرع للبنك المركزي”. أما على مستوى الاقتصاد الكلي، فأشار أبوعبيدة إلى أن طرح فئة نقدية جديدة “يدق ناقوس الخطر بالتدهور في قيمة العملة الوطنية، وبالتالي تنشط حركة حفظ المدخرات بالعملة الأجنبية، ويضطر الكثير من المواطنين والشركات إلى تحويل مدخراتهم في هذه الفترة إلى عملة أجنبية، وهو ما يؤدي إلى مزيد من تدهور قيمة الجنيه السوداني، فضلاً عن التكلفة العالية لطباعة فئات نقدية جديدة سيُدفَع مقابل طباعتها بالنقد الأجنبي الذي تواجه البلاد فيه شحاً بسبب حالة الحرب

واقترح المصرفي السابق “طباعة فئات نقدية بقيمة أكبر، كما هو الحال في دول غرب أفريقيا، التي يُعَدّ معدل التضخم فيها أقلّ من نظيره في السودان، فالفئات هناك تبدأ من ألفين إلى 10 آلاف، لأن تكلفة الطباعة واحدة، مع أهمية العمل على إدخال العملة ككل للجهاز المصرفي والسؤال عن مصدر العملة والثروة وربط ذلك بالنظام الضريبي والنشاط الاقتصادي

ورغم أن تقديرات حكومية سابقة قالت إن عملية تغيير العملة مكلفة ومعقدة للغاية وتحتاج إلى نحو 600 مليون دولار، لكن إبراهيم البدوي، وزير المالية السابق، أكد أهمية تغيير العملة للتمكن من ضبط السيولة المتداولة خارج المظلة المصرفية، وحذر من الآثار السلبية الكبيرة التي تنجم عن وجود سيولة ضخمة خارج السيطرة.

وكان صحافي مقرب للجيش الذي يسطر على مقاليد السلطة في البلاد المح إلى وجود شبه فساد في طباعة الفئات النقدية الجديدة وقال في صفحته على فيسبوك “الكمية المطلوب طباعاتها ١،٢٠٠،٠٠٠،٠٠٠ قطعة بنكنوت

⁠الشركات المقترحة للطباعة

⁠ هي شركة كرين الأمريكية

⁠ وشركة قوزناك الروسية

سعر الشركة الأمريكية ٣٢.٩٨ يورو لكل ألف قطعة شامل الشحن والتأمين حتي ميناء بورتسودان بينما يبلغ سعر الشركة الروسية قوزناك ٣٨.٠٩ يورو لكل ألف قطعة شامل الشحن الى بورتسودان وغير شاملة التأمين

تم التعاقد مع الشركة الروسية لطباعة كل الكمية المقترحة بسعر ٣٨.٠٩ يورو ⁠رغم أن سعرها أعلي من الشركة الأمريكية”.

وكرد فعل فوري أعلنت مليشيا الدعم السريع عن اعتماد الدولار عملة رسمية في مناطق سيطرتها إلى حين اكتمال ترتيب طباعة عملة خاصة بيها وهو ما عده مراقبون مؤشرا إلى قرب انفصال جديد ستشهده البلاد المأزومة.

زر الذهاب إلى الأعلى