نساء المسرح السوداني الجميلات
السر السيد
أعني بنساء المسرح السودانى اولئك النسوة اللاتي أوطانهن النصوص المسرحيةيتخلّقن فيها في معاناة وكبد واحلام عريضة،ثم يصرخن ويخرجن الى الحياة الفسيحة..يجهرن ويهمسن…يركضن ويرقصن بأجساد مضيئة،ليُعلِنّ عن هوياتهن المتعددة،أمهات
وأخوات…زوجات وارامل…وحيدات ومناضلات،لبعضن اسماء،وبعضهن بلا أسماء.
من أولئك النسوة اللاتي تخلّقن فى أرحام النصوص،وتقلّبن فيها بين كبد و كبد، نذكر سهير خليل عضوة الاتحاد النسائي السودانى،وخطيبة عاصم والابنة الوحيدة لأب ينتمى للطبقة الوسطى..مدمن خمر بجدارة ،ولأم استعراضية هى سكينة،التى اتخذت من الحكى حتي وان كان كذوبا اسلوبا لمقاومة الفراغ والاهمال..سهير التى تعايشيت بصبر ومحبة مع هذا الوضع القاسي ستصبح ضحية لهذا الوضع فتخسر خطيبها عند أول لقاء لأسرته مع ابيها وامها..كان هذا فى مسرحية (خطوبة سهير)،التى كتبها حمدنا الله عبدالقادر واخرجها مكى سنادة وقدمت على خشبة المسرح القومى.
أما ميمونة العاشقة للرسم والتى لا نعرف اسم والدها وان كنا نعرف زوجها المناضل محمود الذى وقف ضد فساد من يرون انهم سادة القرية ليختفى بعدها فى ظروف غامضة،وتبدأ ميمونة التى اكملت رسم لوحة لصبية بمعاونة الفنان التشكيلى عبدالهادى فى البحث عن زوجها مقلقة مضاجع سادة القرية وكبرائها فيتهمونها بالجنون والهذيان فى محاولة لعزلها عن الناس رغبة فى اسكات الجهر بالاحتجاج ولكن هيهات “فصبية اللوحة” التى رسمتها ميمونة خرجت من اللوحة،فى مشهد فانتازي بامتياز وواصلت ما كانت تقوم به ميمونة،لتضج القرية بالاحتجاج،وتتشقق الارض بالوعي.كان هذا فى مسرحية (حكاية تحت الشمس السخنة)، التى كتبها صلاح حسن احمد واخرجها حسبو محمد عبدالله وقدمت على خشبة المسرح القومي.
أما تلك المرأة (القاهْرة)،كما وصفها من وجدها مع فضيل العربى،ذلك الوافد الموسمى للقرية و التى تحمل الرقم ٢ حيث لا اسم لها..يتعلق الموضوع هنا (بالجسد والجسد المنتفض تحديدا فى قرية هجرها رجالها الى المدن ويتحكم فيها سالم حمدوك،الذى يمتلك السلطة والثروة ويسوق الناس بالسوط،ولا يجد حرجا فى كره النساء وجلدهن بالسوط..المرأة حاملة الرقم ٢ التى لا اسم لها هى من تواجه سالم حمدوك،عندما يقرر جلدها.
المرأة ٢: أعلمُ،وقفت أجيال من النساء أمامك فى صراع حيازة طويل،حول الرجال..تأتيك ضرة وأخري،زوجة وحماة،إمرأة طامحة لزوجها واخري طامعة فيه..قد كان السوط مثل حد الساقية قد يزدرد أرضها الهدام،لكن الحد فى الذاكرة أو سندات الملكية..كانت الشياطين تختلس أجسادنا أحيانا فيردنا السوط كالحد الفاصل.
الى أن تقول: بدأ زمن الاذلال العام،تعالوا وقّعوا بالسوط إهانتكم على جسدي وانتظروا إهانتى أنا ايضا..سأعوي طويلا حتى يخال لكم إن رئاتكم هى التى تشق من العواء..حتى يكون العواء نظاما فى الكون،عواء مفرط مقابل كل جرح فى جسدى..لن تأسن جراحى كالبرك،جراحى نهر ضفتاه من العواء. كان هذا فى مسرحية الجرح والغرنوق التى كتبها د.عبدالله على ابراهيم.
هذه نماذج من نساء المسرح السودانى الجميلات،يكابدن القهر ويثرن عليه..يبتكرن الاحتجاح،ويصنعن الحب،بعضهن تم سجنه وبعضهن تم نفيه من الحى او القرية وبعضهن تمت تصفيته جسديا كالسيدة (تاجوج)،والآنسة (يرول).
فى سانحة أخرى سأكشف عن هذه المصائر المرعبة.