كلمة العدد.. تنظيم إرهابي

تتزايد يومًا بعد يوم الدواعي والمسببات التي تبرز ضرورة تصنيف

“الحركة الإسلامية” تنظيمًا إرهابيًا، وحظر نشاطها السياسي، وتفكيك سطوتها الاقتصادية وإخطاع منسوبيها إلى مراجعات قيمية وإخلاقية، واستتابتهم حتى يعودوا إلى جادة الدين وصحيحه ويقوا البلاد والعباد من شر هذا التنظيم الذي حظرته كل دول العالم إلا القليل.

فمنذ ظهور أول فرع لجماعة الإخوان المسلمين في السودان بعد زيارة قام بها وفد إخواني بقيادة جمال الدين السنهوري، إلى الخرطوم في العام 1949 م نشطت بعدها مجموعات الإخوان وبدأت في الانسراب إلى جسد هذا البلد المتسامح، وبدأت في بذر بذرة العنف في داخله. وبعد الاستقلال شهدت جامعة الخرطوم نشاطًا محمومًا، وبدأ التنظيم إبراز عضلاته حيث فوجئ الطلاب يومًا في نهاية الخمسينيات بطالب كلية الطب حينها د. علي الحاج محمد يقف وسط الجامعة رافعًا الآذان وهو محاط بتشكيلات شبه عسكرية من زملاء له آخرين، وظلت هذه الحادثة موضع فخر وتذكر كإحدى فتوحات الرجل، ومضى التنظيم في نهجه العنيف إلى أن وصل إلى هجومه الشهير على مهرجان جمعية الثقافة الوطنية للجبهة الديمقراطية في العام 1968 فيما عرف بـ”رقصة العجكو” وقد قتل أحد الطلاب في تلك الواقعة، وتطور عنف التنظيم مع تطوره، وخرج من الجامعة إلى المجتمع فشهدنا حوادث التصفيات السياسية العرقية التي نفذها ضد خصومه، تارة بالخطف والإخفاء وتارة بالقتل علنًا، عندما اشتد الخلاف بينهم بعد مفاصلة 1999م.

لذا العنف صفة متجذرة في فكرة التنظيم وليست أمرًا عابرًا، أو دخيلًا عليه وقد تجلى ذلك في حرب الجنوب، إذ كانت تحرق قرى بأكملها وتتم تصفية الأسرى من قبل منسوبي الدفاع الشعبي بدعوى محاربة الكفار الصليبين، وهو المصطلح الذي لم يعرفه السودان الذي عانى من التمرد في جنوبه منذ العام 1955م وكانت جميع المعالجات تتم في إطار المقاربات المطلبية، دونما إصباغ المعركة بصبغة دينية وهو ما فعله التنظيم الأمر الذي عجل بانفصال الجنوب.

ولعل المبررات التي تدعو إلى إعلان “الحركة الإسلامية” تنظيمًا إرهابيًا عديدة ومتعددة، ويكفي إنها تشكل الخطر الأكبر على أمن واستقرار البلاد، وبلا شك أن أي تأخير في هذا التصنيف سيضر باستقرار السودان، وسيؤدي إلى استمرار الحلقة الشريرة التي أدخلت فيها البلاد منذ استيلاء التنظيم على السلطة بالقوة في العام 1989.

ارتكبت الحركة الإسلامية العديد من الأفعال التي تضعها في مقدمة التنظيمات التي تشكل خطرًا ليس على السودان فحسب بل على الإقليم وبالتالي العالم أجمع.

تاريخ الحركة محتشد بالسلوك الدموي الذي راح ضحيته العديد من الطلاب والناشطين السياسيين وكل من يخالفهم الرأي، وإلى جانب عمليات التعذيب والقتل الممنهجة في حق المئات من معارضيها المدنيين، خططت وشاركت في عمليات إرهابية في الخارج أبرزها محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا في العام 1995، وتفجير السفارتين الأميركتين في كينيا وتنزانيا في العام 1998، والبارجة الأميركية “يو أس أس كول” قرب شواطئ اليمن في العام 2000.

وعرقلت التحول المدني بعد سقوط نظامها في العام 2019 وأشعلت الحرب الحالية المستمرة التي راح ضحية لها عشرات الألوف من السودانيين المدنيين، ودمرت البنية التحتية والمشروعات الإنتاجية في الخرطوم وغيرها من المدن والمناطق التي وصلتها الحرب، ولا زالت تصر على استمرارها لتطال مناطق أخرى.

هذا السلوك والفكر المنحرف يشكل خطرًا كبيرًا، مما يستدعي ضرورة تصنيف التنظيم كمجموعة إرهابية، ولعل ما ظهر من سلوك منسوبي التنظيم خلال هذه الحرب من بقر للبطون وقطع للرؤس وتصفية للأسرى والتحريض على خصومهم السياسيين وضرب ما يسمونه بحواضن الدعم السريع، كل ذلك يوضح بجلاء أن لا فرق بين ما يعرف بـ”الأمن الشعبي” التابع للحركة الإسلامية وتنظيم “داعش”.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى