أسراب الجراد تهاجم الحقول في الولاية الشمالية ونذر مجاعة
وسيلة حسين
دهمت أسراب من الجراد الصحراوي ولايتا الشمالية ونهر النيل، وسط غياب تام للسلطات هناك، مخلفة أضرارا فادحة بالمشروعات الزراعية، وخسائر مادية كبيرة وسط المزارعين، مع انطلاق العروة الشتوية وبداية موسم بذر الحبوب والانبات لهذا العام، مما ينذر بخلق فجوات غذائية في الولايتين اللتين تضمان أعلى نسبة من النازحين السودانيين بسبب الحرب.
وانتشرت خلال الأسبوع الماضي مقاطع فيديو توثق لعمليات غزو جراد كثيف، يحط على مساحات واسعة وآلاف الافدنة الخضراء في مدينة دنقلا وقد تحولت لأراض جرداء بعد أن التهمها الجراد خلال ساعات وسط عجز المزارعين وذهولهم والذين بدأوا في المكافحة بطرق تقليدية وحرق الاطارات وتجنيد الأطفال لطرد الافة من دون جدوى.
وقال مزارع من منطقة “أوربي” بالولاية الشمالية متحسرا “أين القمح، موسم وضاع”، متسائلا في مقطع فيديو بثه من حقله الذي غزته أسراب الجراد وقضت عليه بالكامل: “وين ناس المحلية؟”.
وبلغت تكلفة الفدان الواحد لهذا العام نحو 950 ألف جنيها.
وتعاني الولايتين من ضيق المساحات المزروعة في هذا الموسم بسبب تحدي غياب التمويل وندرة المبيدات الحشرية وغلاء أسعارها، والقرارات الحكومية بايقاف تصاديق الوقود ومنع تشغيل الطلمبات خارج المدينة بالجازولين، مما اضطر المزارعون للشراء من السوق الموازي، بالإضافة لعجز البنك الزراعي عن الايفاء بتوفير المدخلات والتقاوي والتي غطت فقط نحو 10% من المساحات المستهدفة، واكتفى بالغروض قصيرة المدى.
ويخشى المزارعون من ضياع الموسم الزراعي بالكامل ودخول البلاد في نذر مجاعة.
وانسحب ممثل الحكومة السودانية من شبكة الانذار المبكر، قُبيل صدور تقرير جديد يضيف خمس مناطق إلى قائمة الأماكن المشمولة بالمجاعة المتفشية في السودان، بعد مرور (20) شهرا من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وشبكة الإنذار المبكر هي تجمع عالمي للمنظمات الدولية والأمم المتحدة والحكومات، تعمل على نشر التقارير الوقائية وتحذر من وقوع مناطق في تصنيف الجوع. وتستند الإجراءات إلى مراحل تبدأ من الأولى وحتى الخامسة، وفقا لحاجة السكان للغذاء ووسائل كسب العيش.
وقال مؤشر الجوع العالمي بعد صدور التقرير إنه من المرجح أن تمتد المجاعة في السودان إلى خمس مناطق أخرى بحلول شهر ماي ، وأن 24.6 مليون شخص في السودان يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة حتى فبراير.
ويأتي الجراد الذي يهاجم الاف حقول القمح والفول في المنطقة من جهة المثلث الليبي في الصحراء الكبرى القريبة من الولايتين، وهو آفة رحالة نَهمَة، تستهلك مثل وزنها في اليوم، وتستهدف المحاصيل الغذائية والغطاء النباتي.
“نحاول أن نزرع من جديد، أو ترميم الحقول التي التهمها الجراد”. يقول المزارع عبدو بدوي في حديث مع “أفق جديد” ومن ثم يضيف: ” قضى على المحاصيل التي زرعناها بقروض من البنك. تعرضنا لخسائر فادحة ويجب أن يتحرك المزارعون لرفع مذكرة للحكومة تحوطا لمطالب البنك بالسداد حتى لا يُزجّ بهم في السجون”.