ابتسامة تتحدى المحن.. تتطلع لهزيمة الإحن

كوستي- راشد أوشي

داخل مُخيم بائس يضم آلاف النازحين بمدينة كوستي، تحاول الطفلة “فيحاء” الركض خلف الأطفال مع أقرانها، لكن قلبها الصغير يخذلها فتشعر بالتعب.
حاول والدها إنزالها من حضنه لتقف أمامي لالتقاط صورة، لكنها رفضت وتعلقت بثيابه. يقول الزبير بن العوام، والد فيحاء لـ”أفق جديد”، وهو يشيح بوجهه محاولا كبت دمعة برقت في عينيه: “في ذات الشهر الذي اندلعت فيه الحرب كُنّا سنجري عملية جراحية لقلب فيحاء، فالفتاة المرحة تعاني من مشكلات في الصمام وثقب في القلب..”.
صمت الرجل وهو يُغالب دمعته ويبدى حُزنًا وقلقًا بالغين على صغيرته. عندما طلبت من “فيحاء” أن تقف لالتقاط صورة، ناشدتني أن أعطيها الهاتف، فناولته إياها، أمسكته بيدها الصغيرة وبدأت في فتح تطبيقات الألعاب وهي فرحة بما تشاهد. يقول الزبير: “رغم صغر سنها إلا انها ذكية ولمّاحة وتُحب الذهاب إلى رياض الأطفال داخل معسكر الإيواء الذي نقيم بداخله”.


لم يكن الزبير يعلم لماذا اندلعت الحرب في 15 أبريل 2023 وفي شهر رمضان وفي قلب العاصمة الخرطوم.. لم يكن يفقه شيئًا في السياسة ولكن كان يسوس حياته ويبذل قصارى جهده لتوفير لقمة العيش الحلال لأسرته ومتابعة حالة ابنته المريضة.. لم يكن الزبير يتصور أن يكون من ضحايا أبريل بشكل مباشر، وأن تدفع صغيرته ثمن قرار إشعال المعركة وإحالة حياته إلى جحيم لا يُطاق. يقول: “بعد أسابيع معدودة من بداية الحرب شوهدت عناصر لقوات الدعم السريع وهي تتجول داخل منطقة “المسعودية” حيث يسكن مواطنون بسطاء يذهبون يوميًا إلى العاصمة الخرطوم للبحث عن لقمة العيش. بمرور الوقت بدأت قوات الدعم السريع تضع نقاطًا للتفتيش، ونهب أي شيء ثمين بحوزة أي شخص، والاعتداء على المواطنين الأبرياء بالسياط وخراطيش المياه السوداء، مع توجيه الإساءات العنصرية. هذه القوات المُدججة بالسلاح بدأت تتوغل داخل المنطقة وتسرق المنازل” يقول الزبير: أدركت حينها أننا في مواجهة قوات غاشمة لن ترحمنا فقررت أن أغادر القرية، واتجهت إلى الجزيرة أبا وأقمت مع أهلي لفترة قصيرة قبل أن انتقل إلى معسكر إيواء بمدينة كوستي.
وبعد إقامة قصيرة في معسكر الإيواء قرر الزبير السفر إلى قريته فاعترضت قوة مسلحة تتبع للدعم السريع طريقهم وهددتهم بإطلاق الرصاص واعتدت بالضرب على رفيقه ونهبت حافلته وتركته مرميًا في مكانه “ولم يكن قادرًا على المشي لفترة أسبوع ولا تزال آثار الضرب موجودة على ركبته” كما يقول. “لاحقًا علمت أن قوات الدعم السريع في المنطقة نهبت ممتلكاتي وقلاب تراب أملكه وكل أثاث منزلي”. وتابع، “كل ما يهمني حاليا إجراء عملية جراحية لطفلتي فيحاء في الهند وتبلغ تكلفتها حوالي 8 آلاف و800 دولار”. وزاد: “معاناة فيحاء مستمرة ومضطر لأخذها إلى المستشفى كل 10 أيام وحالتها الصحية متدهورة، لكنها رغم ذلك تبتسم وتضحك دائما”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى