جحيم المخيمات.. قصف من الجو ومدفعية على الأرض
مخيمات النازحين: أفق جديد
“لن يتذكرهم أحد بالتأكيد بعد أن فقدوا والدهم وأمهم وأولادهم في مخيم أبو شوك” كانت هذه آخر كلمات لأحد المشاركين في تشييع أسرة (ع-ع) على قبر العائلة التي قتلت بالكامل في غارة جوية.
ومنذ بدء المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول مدينة الفاشر حصل النازحين في تلك المعسكرات أو حولها على لطمة قاتلة حيث يدفعون ثمن الأغلى وهو حياتهم مقابل تلك الصدامات التي تستمر مدعمة بالمدفعية والصاروخية على الأرض ومن السماء.
وفي الساعة الثالثة عصراً بالتوقيت المحلي، قصفت طائرة حربية مخيم أبو شوك، حيث كانت عائلة “ع” تستعد لتناول وجبة طعام بسيطة في ساحة منزلها عندما سقط صاروخ بالقرب من الجدار، ما أدى إلى مقتل أفراد العائلة.
وأكدت مصادر متطابقة في معسكري زمزم وأبو شوك لـ”أفق جديد”، مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة نحو ألفي آخرين منذ بدء القصف المدفعي من قبل قوات الدعم السريع وشن الجيش لغارات جوية.
في مقابل ذلك، قالت مصادر مستقلة لـ”أفق جديد” إن عدد القتلى تجاوز الألف شخص، فيما قال عاملون في منظمات إنسانية محلية في المنطقة إن عدد القتلى وصل إلى أكثر من 600 شخص خلال الأشهر الماضية.
وطبقاً للمتحدث باسم المنسقية العامة لشؤون النازحين واللاجئين آدم رجال لـ”أفق جديد” عن بداية القصف الجوي على مخيم زمزم، قائلاً إنه بدأ في 4 أغسطس/آب 2024، حيث تم إلقاء برميلين متفجرين، ما أدى إلى مقتل 4 أطفال وإصابة آخرين وتدمير البنية التحتية للمخيم.
وأشار إلى غارة جوية عنيفة على معسكر أبو شوك في 3 يناير/كانون الثاني، وغارات أخرى بالبراميل المتفجرة أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى وتدمير المنازل.
وبحسب رجال، فإن طائرات الجيش السوداني أغارت أيضاً على معسكر فات برونو الذي شهد في السادس من يناير/كانون الثاني الجاري غارة جوية لطائرات الجيش السوداني، ما أدى إلى مقتل وجرح 8 أشخاص بينهم 4 نساء من بينهن 3 شقيقات، وتسبب في دمار كبير بالمنازل.
وأكد في الوقت نفسه أن القصف المدفعي على معسكر أبو شوك بدأ في 10 مايو ويستمر حتى الآن، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، حيث لا توجد إحصائيات دقيقة لعدة أسباب تتعلق بنقص المعلومات بسبب الظروف المعروفة في المعسكر والوضع الأمني المعقد وحظر شبكة ستارلينك.
وجزم بأن هناك آلاف القتلى والنازحين الذين فروا نتيجة القصف المدفعي على المخيم، وأن القصف مستمر منذ 8 أيام، وأن الضحايا يسقطون يوميا.
وأوضح أن القصف المدفعي على مخيم زمزم بدأ في الأول من سبتمبر ويستمر حتى هذه اللحظة، مؤكداً أن في الحادي عشر من يناير أدى القصف إلى مقتل وجرح مدنيين وتدمير منازل.
واتهم رجال، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بشن غارات جوية وقصف مدفعي يستهدف المدنيين ويدمر حياتهم وينهي وجودهم، معتبرا انه لا يوجد مبرر للغارات الجوية والقصف المدفعي من الطرفين على معسكرات النازحين التي يسكنها المدنيون، فهم ضحايا في السابق تحولوا إلى ضحايا جدد.
وقال إن العقل الباطن لطرفي الصراع هو الاعتداء على المواطنين بدلا من توفير الأمن لهم وهم مجردون من الإنسانية والأخلاق.
وأشار رجال، إلى عدم وجود أرقام محددة للغارات والقصف فمثلا معسكر ابو شوك يستمر القصف لمدة أسبوع متواصل، ومثلا معسكر زمزم يتعرض لغارات متواصلة بالبراميل المتفجرة بجانب القصف المدفعي.
ووصف الأوضاع الإنسانية بالمأساوية، إضافة إلى الحصار الخانق المفروض على المعسكرات والغارات المستمرة والقصف المتواصل وحالة المجاعة التي تحيط بالمواطنين في معسكرات شمال دارفور التي أعلنتها الأمم المتحدة مناطق مجاعة.
وأضاف: “في الآونة الأخيرة تم تصنيف مخيمي السلام وأبو شوك مناطق متضررة من المجاعة، بالإضافة إلى مخيمات دارفور بشكل عام، التي تعاني من وضع إنساني سيئ ومتدهور وظروف قاهرة حيث يموت الأطفال بسبب سوء التغذية والأمراض وأسباب مختلفة أخرى.
ونبه رجال، إلى عدم توفر المعينات للنازحين بعد دخول فصل الشتاء حيث يعاني النازحين بشدة من الظروف الطبيعية والأمنية وهم يحتاجون حالياً إلى زيادة المجهود وقيام طرفي الصراع بمراعاة ظروفهم.
احصائيات صادمة
وكشفت بيانات متسلسلة لغرفة طوارئ معسكر أبو شوك، عن تعرضه إلى العشرات من الغارات الجوية والقصف المدفعي وهو ما فاقم أزمة النازحين.
وكشف بيان للمنسقية في 14 يناير الحالي عن وقوع انتهاكات بمعسكرات دليج وقارسيلا واطلاق النار في الثالث من يناير الجاري على النازحن بمنطقة كولجي شمال قارسيلا وإصابة شخصين بإصابات خطيرة.
وقال متحدث باسم غرفة طوارئ معسكر أبو شوك لـ”أفق جديد” إنّ عدد النازحين قبل الحرب كان 120 ألف بينما ارتفع العدد بعد الحرب إلى نحو 250 ألف.
وأكد في حديثه سقوط 600 شهيد بسبب التدوين المستمر على المعسكر بجانب 1200 جريح هم ضحايا تلك الممارسات.
ومن جانبه قال المتحدث المتحدث باسم النازحين في معسكر زمزم خميس دودة لـ”أفق جديد” إنّ عدد الشهداء غير معروف لكنه عدد كبير، مشيراً إلى سقوط 17 شهيدا من الجنسين وأطفال وبعض الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عقلية الأسبوع الماضي جراء القصف المدفعي.
وأكد أن المخيم المكتظ بالنازحين، والذي يقع علي بعد 15 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور يتعرض بصورة متواصلة للغارات الجوية والقصف المدفعي من طرفي القتال ويتم كذلك استخدام مدافع هوزر 155 في عمليات التدوين.
ويعيش أكثر من نصف مليون نازح ونازحة في معسكر زمزم، فر معظمهم إليه من مناطق سكنهم الأصلية بعد اندلاع النزاع المسلح في الإقليم عام 2003، ومنذ بدء التصعيد العسكري في أبريل 2023 في مدينة الفاشر.