أم درمان.. مخلفات “المتفجرات” تقض مضاجع المدنيين


أم درمان – الهضيبي يس

“معاذ”، طفل سوداني يبلغ من العمر (12 عامًا) كان قد تعرض لحادثة انفجار رصاصة بندقية من طراز “كلاشنكوف” وقعت في يده أثناء اللعب مع أصدقائه بحي “ود نوباوي” بمدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم في أعقاب رحلة نزوح امتدت لنحو عام كامل عاد بعدها للحي برفقة والديه وأخيه الأصغر.
الحادثة كانت عبارة عن انفجار البارود في وجه الطفل الأمر الذي سبب له تشوهات في الوجه وحريق في الذراع الأيمن حسب ما أفاد والده أنور عبد الرحيم، خلال حديثه لـ”أفق جديد”.
يقول عبد الرحيم: “أسعفنا الطفل الذي وقع ضحية بقايا متفجرات الأسلحة التي كانت ولا تزال تُستخدم ضمن المواجهات العسكرية إلى مستشفى (البُلك)، لتلقي العلاج”.
وشدّد عبد الرحيم، على “ضرورة تدخل المنظمات الحقوقية والحكومية َلإزاله تلك المخلفات لأضرارها البالغة على المجتمع”.
وأطلق مجموعة الشباب بالتعاون مع الهيئة السودانية لمكافحة الألغام، مؤخرًا حملة تستهدف جمع كافة مخلفات الأسلحة من على أسطح المباني، والمستشفيات، ودور العبادة والمدارس بحي ود “نوباوي” العريق بمدينة أم درمان.
وأوضح عضو المبادرة مراد يس لـ”أفق جديد” أن “فكرة الحملة جاءت عقب إطلاق إنذار قبل فترة زمنية من خلال مسجد الشيخ قريب الله بضرورة توخي الحذر والالتفات إلى شظايا المتفجرات وعدم تعامل مع الأجسام الغريبة، بعد اكتشاف جسم غريب بمئذنة المسجد الأمر الذي أثار حالة من الخوف والهلع في نفوس المواطنين”.
ونوّه إلى أن “الحملة هي شراكة ما بين شباب منطقة (ود نوباوى) والهيئة السودانية لمكافحة الألغام، والتي أعلنت عن توفير 90 شخصًا من منسوبيها لدعم المبادرة”.
من جهته يقول قائد حملة إزالة مخلفات المتفجرات في الهيئة السودانية لمكافحة الألغام، السر بقادي لـ”أفق جديد”، إن الأمر يستهدف إزالة ما يقارب 100 ألف قطعة سلاح من الأجسام والمتفجرات التي تعتبر من مخلفات الحرب كمرحلة أولى”.
وأضاف، “الحملة بدورها قامت بتخصيص العديد من الموارد والمعينات الأساسية أبرزها أجهزة التتبع واستكشاف الألغام، فضلا عن تطبيق بروتوكول خاص لتخلص ونزع تلك مخلفات حتى لا تسبب أي أضرار جانبية”، لافتًا إلى صدور موجهات وقرار حكومي بالتعاون مع المنظمة الدولية لنزع وإزاله الألغام في إطار التخلص من المخلفات، وتدريب المتطوعين على استخدام الآليات والوسائل الحديثة لذات الغرض.
وأكد بقادي على ضرورة بث الوعي وسط المواطنين حول مضار تلك الأجسام وضرورة عدم الاقتراب منها أينما كانت؛ وإبلاغ القائمين عن الحملة عن أي أجسام غريبة.
ولا يستبعد بقادي وجود ألغام مزروعة في أي منطقة من مناطق أم درمان، كونها حرب استخدمت فيها أسوأ الأساليب التي تستهدف المواطنين.


وتتعرض أعداد هائلة من المدنيين كل سنة للقتل أو الإصابة بسبب مخلفات الحرب القابلة للانفجار؛ وهذه المخلفات هي الأسلحة غير المنفجرة التي تتخلف بعد نزاع مسلح، مثل القذائف والقنابل اليدوية والقنابل.
وقد اعتمد المجتمع الدولي عام 2003 معاهدة للحد من المعاناة الإنسانية الناجمة عن مخلفات الحرب القابلة للانفجار وتقديم المساعدة العاجلة إلى المجتمعات المتضررة.
ويُشكل وجود تلك الأسلحة تهديدًا مستمرًا للمدنيين والمجتمعات في بلد مثل السودان من الحرب فقد لقي العديد من المدنيين الأبرياء حتفهم حتى الآن أو بترت أطرافهم بسبب احتكاكهم الخطير مع مخلفات الحرب القابلة للانفجار أو تعرضهم لها عن غير قصد.
ويمكن لهذه الأسلحة أيضًا أن تعوق جهود إعادة الإعمار وتهدد سبل عيش الناس.
وفي كثير من الأحيان، لا تملك المجتمعات المحلية وسيلة للتعامل مع المشكلة بنفسها. ولا تمتلك غالبيتها القدرة التقنية أو الموارد اللازمة لإزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار على نحو آمن، والقليل منها لديه الموارد اللازمة لتلبية احتياجات الضحايا النفسية والطبية وإعادة تأهيلهم.
وتعتبر مدينة أم درمان الواقعة غرب العاصمة الخرطوم احد المواقع الجغرافية التي شهدت مواجهات شرسة بين الجيش وقوات “الدعم السريع”.
وما أن بدت المدينة تعود إلى وضعها الطبيعي، حتى بدأت استبانت ملامح الركام من بقايا المتفجرات ومخلفات البارود.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى