لسنا استثناءً

مي فيصل

ما يحدث لنا كسودانيين/ات ليس استثناءً عن تجارب بعض الدول المحيطة بنا او القريبة بعد الثورات، حيث واجهت القوى المدنية والثورية ذات التحديات، الانقسامات الداخلية، التشويه الممنهج، ومحاولات إعادة إنتاج الأنظمة الاستبدادية. لكن يبدو أننا جميعاً لم نعي هول هذه التجارب التي انهكت القوى المدنية وانتهت بكسرها في نهاية المطاف، وانهيار فرص التحول الديمقراطي والحياة الحرة الكريمة، وترك الشعوب فريسة للديكتاتورية والدمار.

ما تتبناه القوى الثورية والمدنية من مواقف – سواء أكانت داعمة لأحد أطراف الحرب أو متخذة الحياد – هي خيارات مشروعة طالما أن التاريخ قادر على محاسبة الجميع على تقديراتهم المختلفة، فالمسؤولية هنا ليست مجرد شعارات رنانة، بل هي الالتزام الأخلاقي والسياسي بتحمل نتائج هذه الخيارات أمام شعبنا طال الزمن ام قصر!

موقف القوى المدنية المناهضة للحرب ليس ضد مؤسسة الجيش بل ضد الاسلاميين ونظام المؤتمر الوطني الذين يستخدمونها كأداة لتحقيق أجنداتهم السُلطوية.

القوى المدنية، مهما أخطأت في تقديراتها، لم تقتل، لم تسرق، لم تفسد، ولم تعذب ولم تكن يومًا مسؤولة عن إنشاء وظائف في المعتقلات تحت مسمى “وظيفة مُغتصب”! هذه السلسلة المظلمة من الفساد والإجرام هي إرث المؤتمر الوطني، الذي أسقطته ثورة عظيمة التفّ حولها كل الشعب السوداني الحي.

ان الحديث عن ان هذه الحرب حرب الكيزان ليس تكتيك سياسي لكنها حقائق ماثلة امامنا لا يمكن نفيها بالمزايدة المستمرة او تكرار الاكاذيب ،تماماً مثلما لا يمكن المزايدة على الاغلبية الداعمة للحرب بتشجيع احد الاطراف من القوى الثورية ،هي جهات لديها تقديراتها وخياراتها المشروعة، لكن يظل الحد الفاصل بين خيارات هذه القوى المختلفة هو قدرتهم/ن على تحمل مسؤولية خياراتهم/ن. فالخيارات لا تقف عند مجرد اتخاذ القرار، بل في العواقب التي تترتب عليه وفي قدرتنا على الوفاء بالوعود التي قطعناها تجاه شعبنا.

إن الثورة السودانية، التي اقتلعت نظام المؤتمر الوطني بفضل وحدة الشعب وقواه الحية، قادرة على أن تسقط هذا النظام مرة أخرى، مهما طال الزمن. صراعنا هو صراع طويل النفس، وعلينا أن نواصل هذه المعركة دون أن يضللنا ضجيج المزايدات أو يثبط عزيمتنا قصر النفس. الثورة لم تمت، بل تعيش فينا وفي إرادة التغيير التي لا تقبل الهزيمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى