كيف ألهم أبياه منتخب السودان لصناعة التاريخ؟”
في قصة تحمل كل معاني الأمل والإلهام، قاد المدرب الغاني جيمس كواسي أبياه المنتخب السوداني للتأهل إلى كأس الأمم الأفريقية 2025، في وقت يعيش فيه السودان ظروفًا استثنائية بسبب الحرب الأهلية. في ظل غياب الدوري المحلي واضطرار المنتخب لخوض جميع مبارياته خارج الديار، أصبح هذا الإنجاز رمزًا للصمود والإرادة. موقع “كاف أون لاين”، الذي يركز على توثيق إنجازات الكرة الأفريقية، ألقى الضوء على هذه الرحلة غير العادية في تقرير موسع وحوار خاص مع المدرب الغاني جيمس كواسي أبياه عن تفاصيل رحلته الملهمة مع منتخب السودان.
التأهل وسط ظروف صعبة
بدأ أبياه حديثه معبرًا عن فخره بقيادة السودان إلى نهائيات كأس الأمم بعد سنوات طويلة من الغياب. قال:
“الشعب السوداني كان بحاجة إلى هذه الفرحة بعد سنوات من المعاناة. التأهل وسط هذه الظروف الصعبة يمثل إنجازًا جماعيًا، وأنا فخور أن أكون جزءًا من هذه القصة.”
وعن قرعة البطولة المرتقبة، أظهر أبياه موقفًا حاسمًا:
“في هذه المرحلة، لا مكان للخوف. يجب أن نكون مستعدين لمواجهة أي فريق. إذا كنا نخشى المنافسين، فلا جدوى من المشاركة. هدفنا أن نؤمن بأنفسنا ونستعد لكل تحدٍ.”
رسالة واضحة منذ البداية
أوضح أبياه أن هدفه منذ تولي المهمة كان واضحًا:
“عندما وافقت على تدريب السودان، كان لدي شرط واضح: الطموح. طلبت من المسؤولين وضع أهداف تشمل التأهل لكأس الأمم الأفريقية وكأس العالم. نقلت نفس الرسالة للاعبين، وأخبرتهم أننا سنعمل معًا لتحقيق هذه الأحلام.”
وأضاف: “لحسن الحظ، اللاعبين قبلوا هذا التحدي، وبدأنا العمل على تحقيقه.”
فهم الثقافة السودانية
أبياه ليس غريبًا على الكرة السودانية، فقد سبق له العمل في البلاد عامي 2014 و2015، وهو ما ساعده على التكيف مع ثقافة اللاعبين وأسلوبهم. يقول:
“خلال فترة عملي السابقة، قمت باختيار لاعبين شبان للنادي الذي دربته. واليوم، التقيت ببعضهم مرة أخرى في المنتخب. فهمهم لفلسفتي جعل عملية الانتقال إلى المنتخب أسهل.”
وأضاف: “اللاعبون كانوا ملتزمين ومستعدين لتقديم كل ما لديهم من أجل السودان.”
التعامل مع الضغوط النفسية للاعبين
لم تقتصر مهام أبياه على الجوانب التكتيكية، بل امتدت إلى دعم اللاعبين نفسيًا. قال في هذا السياق:
“كان الوضع صعبًا للغاية. الحرب الأهلية أثرت على الجميع، وكان هناك لاعبون فقدوا أفرادًا من عائلاتهم خلال المعسكرات. ذكّرتهم بأنهم يحملون رسالة أمل للشعب السوداني، وأن جهودهم قادرة على رسم الابتسامة على وجوه الملايين.”
وتابع: “كان علينا أن نعمل كفريق واحد، ندعم بعضنا البعض ونركز على الهدف المشترك.”
التغلب على غياب الدوري المحلي
غياب المنافسات المحلية كان واحدًا من أبرز التحديات. قال أبياه:
“عدم وجود دوري محلي قلل من الخيارات المتاحة لنا. اعتمدنا بشكل كبير على لاعبي الهلال وبعض المحترفين في الخارج. ومع ذلك، أظهر هؤلاء اللاعبون التزامًا استثنائيًا.”
وعن اللعب خارج الأرض، قال:
“طلبت من اللاعبين اعتبار كل ملعب نخوض فيه مباراة كأنه ملعبنا. ذكرتهم أن الفريق الآخر يملك 11 لاعبًا فقط، مثلنا تمامًا. هذه العقلية ساعدتنا على تجاوز المباريات الصعبة.”
التفوق على غانا
التأهل جاء على حساب غانا، بلد أبياه الأم. وعن هذا الموقف المعقد، قال:
“عندما وُضعت غانا في مجموعتنا، كنت أتمنى أن نتأهل معًا. للأسف، لم تتمكن غانا من تحقيق ذلك. بصفتي غانيًا، كان هذا محزنًا، لكن كمدرب للسودان، كنت ملتزمًا بمهمتي. آمل أن تستفيد غانا من هذا الدرس وتعود أقوى.”
الطموحات في كأس الأمم الأفريقية
أكد أبياه أن المنتخب السوداني لن يذهب إلى المغرب من أجل المشاركة فقط، بل لتحقيق إنجاز أكبر. قال:
“هدفنا ليس مجرد الحضور، بل المنافسة على اللقب. لدينا لاعبين طموحين وإيمان بقدراتنا. بالعقلية الصحيحة، يمكننا تحقيق الكثير.”
رسالة الأمل للشعب السوداني
في ختام حديثه، وجه أبياه رسالة إلى الشعب السوداني:
“أقول للجميع، في الداخل والخارج، استمروا في دعم الفريق واسعوا لتحقيق السلام. كرة القدم لديها القدرة على توحيد الناس، وأتمنى أن تكون هذه الرحلة بداية لتغيير إيجابي في حياة السودانيين.”